اختتم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، زيارته الرسمية لروسيا، بمحادثات على انفراد مع الرئيس الروسي السيد فلاديمير بوتين، بمقر الكريملن، تناولت تعزيز التعاون الثنائي وبعث الحوار السياسي بين البلدين، وفيما أعرب الرئيس في تصريح سابق للمحادثات عن أمل الجزائر في الوصول بمعية روسيا إلى توافقات ثنائية، أكد أن الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة يعتبر الشغل الشاغل للجزائر، معتبرا بأنه على صعيد العلاقات الاستراتيجية يتعين توضيح عدد من المفاهيم· صرّح رئيس الجمهورية مخاطبا نظيره الروسي السيد فلاديمير بوتين في بداية المحادثات التي جمعتهما على انفراد، في إطار اليوم الثاني من زيارته الرسمية إلى روسيا: "بوسعنا أن نبحث بمعيتكم إمكانية التوصل إلى توافقات ثنائية، وإنه من الواضح أن الشغل الشاغل بالنسبة للجزائر هو الإنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة"· وذكر الرئيس بوتفليقة في هذا الصدد بأنه "حين تم التوقيع على اتفاقات مراكش في سنة 1994 المتعلقة بالاتفاق العام حول التعاريف الجمركية والتجارة لم يكن للجزائر إن صح القول حكومة وبالتالي لم نوقع عليها"· من جهة أخرى اعتبر رئيس الجمهورية، أنه من الضروري توضيح بعض المفاهيم في مجال العلاقات الاستراتيجية القائمة بين الجزائروروسيا، معربا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن شكره على دعوته وتمكينه بالتالي من رؤيته مجددا قبل انتهاء عهدته، معتبرا ذلك فرصة سعيدة له شخصيا وللجزائر· وقال مخاطبا نظيره الروسي أنه "على الصعيد التجاري لا يمكننا القول لا أنتم ولا أنا أننا راضيان، وعليه يجب معرفة لماذا كانت سنة 2006 أفضل من سنة 2007 من حيث حجم المبادلات بين البلدين"، وأضاف في السياق "أعتقد أن تمة نقائص عندنا وعندكم وعلينا معرفة لماذا"، مؤكدا أنه "ليس لذلك صلة باتفاق الشراكة الذي أبرمته الجزائر مع الاتحاد الأوروبي ولكن نظام التنظيم ليس خاليا من العيوب لا عندنا ولا عندكم"· وذكر رئيس الدولة أنه في سنة 1999 لم يكن اتفاق شراكة يربط الجزائر والاتحاد الأوروبي في حين أن المغرب وتونس كانت تربطهما اتفاقات قديمة جدا معه·" فكان علينا أن نسابق الزمن ونطرق كل الأبواب لنحصل على اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي على غرار اتفاقي تونس والمغرب"· واستطرد الرئيس بوتفليقة يقول "على صعيد العلاقات الاستراتيجية يتعين توضيح عدد من المفاهيم، أنتم تعملون معنا ولكن ليس خارج قوانين فدرالية روسيا كما أننا نعمل معكم ولكن لا يمكننا أن نتعدى في ذلك قوانين الجمهورية الجزائرية"· وأضاف في هذا الشأن "بين الفينة والأخرى نجد نوعا من عدم الرضا في الصحافة الروسية لأننا لم نبرم صفقات بالتراضي، فنحن مضطرون للإعلان عن مناقصات دولية وتناولها بالدراسة"· وأضاف قائلا: "على سبيل المثال كلفت مؤسسات روسية بإنجاز مشروع شبكة خطوط السكك الحديدية حول الجزائر العاصمة إذ أننا أبرمنا في هذا المجال اتفاقا بالتراضي وبالتالي هذه المسألة واضحة قانونيا وتقنيا، ويبقى على مستوى السعر نسبة 5 بالمائة ينبغي تسويتها وأنا جد متفائل بهذا الشأن"· وأكد الرئيس في السياق أنه "يمكن بين الحين والآخر خلق أوضاع (صفقات بالتراضي) مثل هذه، ولكن هذا استثناء ولا يمكن أن يكون القاعدة"، مضيفا أن المؤسسات الروسية لم تكتشف بعد المجالات التي يمكنها أن تعمل معنا فيها في إطار الشراكة"· وأضاف "لقد ورثنا مثلكم هياكل قديمة من عهد كان فيه المجتمع اشتراكيا ولن يتبادر للذهن خوصصتها كلها، من الأحسن العمل في إطار شراكات تجارية وأنه لمن الفضول أن نجد هذه الشراكة في أوروبا الغربية ولا نجدها في فدرالية روسيا وكأنكم ترفضون تلك الفترة الاشتراكية وأنا لا أعتقد ذلك"· من جهته أكد الرئيس الروسي فلاديمير، أن الجزائر تعد الشريك الرئيسي لروسيا "ليس بشمال إفريقيا فحسب بل بالنسبة لكل حوض المتوسط"، معربا عن ارتياحه لكون علاقات بين البلدين تتطور جيدا"· وقال في هذا الخصوص: "لقد لاحظنا هذا التطور في جميع الميادين ولكن هناك مجالات أخرى للمناقشة ويتعلق الأمر أولا، بالمجالين التجاري والاقتصادي"· وبعد أن ذكر بأن الجزائر والإتحاد الأوروبي سيقومان بخلق فضاء للتبادل الحر في آفاق 2010 ويتم إلغاء الحقوق الجمركية على بعض السلع القادمة من الإتحاد الأوروبي، أشار إلى أن روسيا "تريد تفادي أن تقع مؤسساتها في وضعية صعبة نظرا لمنافسة المؤسسات الأوروبية"· وبعد أن أبرز أهمية الحوار الطاقوي الثنائي، أشار إلى أن البلدين لديهما العديد من المواضيع للمناقشة بما فيها التعاون العسكري والتقني، وقال السيد بوتين مخاطبا الرئيس بوتفليقة: "المهم هو أن يعلم الروس أنكم صديق عظيم وسيسعدهم دائما استقبالكم"· وفيما يتعلق بمشروع تهيئة خطوط السكك الحديدية بالجزائر العاصمة الذي أوكل للشركة الروسية "راشن رايلوايز"، أكد الرئيس بوتين أنه تطرق لذلك مع الرئيس المدير العام لهذه المؤسسة، الذي أكد له بأن القطارات الروسية هي الأفضل والأكثر متانة، فيما اعتبر الرئيس بوتفليقة من جهته أن هذا المشروع يعد أولويا، مشيرا إلى أن هناك "سباقا مع الزمن من أجل استكمال الأشغال في أقرب الآجال"· وقد تناولت المحادثات التي جمعت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أمس، بالرئيس الروسي السيد فلاديمير بوتين، بمقر الكريملن، تعزيز التعاون الثنائي وبعث الحوار السياسي بين البلدين، وقبل ذلك وضع الرئيس بالساحة الحمراء بموسكو إكليلا من الزهور أمام النصب التذكاري للجندي المجهول، تخليدا لذكرى الضحايا الروس للحرب العالمية الثانية (1939-1945)، ليحظى بعدها باستقبال رسمي من طرف الرئيس بوتين بمقر الكريملن· بعدها أشرف الرئيسان على مراسيم التوقيع على اتفاق ثنائي حول الخدمات الجوية، وقعّه عن الجانب الجزائري وزير النقل السيد محمد مغلاوي وعن الجانب الروسي السيد إيغور ليفيتين· وغادر رئيس الجمهورية موسكو بعد أن حضر مأدبة غداء رسمية أقامها على شرفه الرئيس بوتين بحضور وفدي البلدين، وكان خلال زيارته مرفوقا بكل من وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي ووزير الطاقة والمناجم السيد شكيب خليل ووزير المالية السيد كريم جودي ووزير النقل السيد محمد مغلاوي إلى جانب السيد عبد المالك قنايزية الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني· مع الإشارة إلى أن هذه الزيارة تعد الثانية له بعد تلك التي قام بها في أفريل 2001، والتي توجت بتوقيع البلدين على إعلان الشراكة الاستراتيجية، الذي يُعد الوثيقة الأولى من نوعها توقعها روسيا مع دولة عربية أو إفريقية والثانية بعد تلك التي وقعتها مع الهند· ومن جانبه قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة دولة إلى الجزائر في مارس 2006، وتم بالمناسبة الاتفاق على إلغاء الديون الجزائرية تجاه روسيا والمقدرة ب 4,7 مليار دولار كانت الجزائر قد اقترضتها مقابل شرائها منتجات وخدمات روسية· وكانت الجزائروروسيا التي خلفت الإتحاد السوفياتي قد احتفلتا يوم 23 مارس الفارط بالذكرى ال45 لقيام العلاقات الدبلوماسية بينهما، مؤكدتين بهذه المناسبة على العمق المتواصل للحوار السياسي بينهما·