عاد الملك المغربي إلى تصريحاته المغلطة للرأي العام المغربي والدولي عندما راح أمس يوهم رعيته بأن فكرة الحكم الذاتي التي يسعى إلى فرضها على الشعب الصحراوي ''ما انفك يحظى بدعم دولي متزايد'' رغم ما اسماها ب''المناورات اليائسة لخصومنا''. وقال الملك محمد السادس في خطاب ألقاه بمناسبة ذكرى نفي جده محمد الخامس سنة 1953 انه ''بقدر ما يزداد الدعم الدولي لصالح مبادرتنا الشجاعة المعترف بها من طرف الأممالمتحدة بسبب جديتها ومصداقيتها فإن المناوئين لها يصرون على مناوراتهم اليائسة الرامية إلى عرقلتها''. وكان يمكن للعالم أن يصدق تصريحات الملك المغربي لولا أن تقرير الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس الموفد الاممي الخاص إلى الصحراء الغربية لم يشر لا من بعيد ولا من قريب إلى أن الحكم الذاتي يبقى الحل الأمثل لنزاع قارب عقده الرابع دون وجود أفق لتسوية نهائية له. وفضحت الرسالة السرية التي بعث بها روس إلى أصدقاء الصحراء الغربية مزاعم الملك المغربي الشاب بعد أن حمل بشكل صريح الرباط مسؤولية الانسداد الحالية بعد أن رفضت التفاوض حول المقترحات الصحراوية لإنهاء النزاع على عكس جبهة البوليزاريو التي قبلت بإضافة فكرة الحكم الذاتي ضمن البدائل المطروحة في استفتاء تقرير المصير. وأكد كريستوفر روس في تقريره التقييمي الذي لخص فيه جهود عشرين شهرا من الاتصالات المكثفة أن المغرب مطالب بمناقشة مقترح جبهة البوليزاريو حول الاستفتاء مثلما قبلت هي في شهر فيفري الماضي مناقشة مقترح الرباط للحكم الذاتي. وقال روس في رسالته أن المغرب هو من يرفض بذل الجهود المطلوبة حيث أكد انه في الوقت الذي قامت فيه ''جبهة البوليزاريو ببذل مجهود في آخر الاجتماعات غير الرسمية لما يمكن تسميته بمفاوضات حقيقية بدراستها لبعض الجوانب من مقترح المغرب الأخير للحكم الذاتي إلا أن ''المغرب رفض مناقشة مقترح البوليزاريو الخاص بتقرير المصير ونتيجة لذلك رفضت الاستمرار'' في هذه المفاوضات. ويبدو أن الملك محمد السادس أخطأ تقدير العامل الزمني عندما راح يروج لأطروحاته الواهمة بأن فكرة الحكم الذاتي تلقى دعما دوليا بعد أن تزامنت مع نفس اليوم الذي تم فيه تسريب مضمون رسالة روس مما افقد خطاب الملك كل مصداقية وكانت نتائجه عكسية وهو الذي كان يريد طمأنة رعيته على مستقبل ''وحدته بلاده الترابية''. وربما يكون الملك عندما كان يتحدث عن أعداء المغرب الرافضين لاستعادته لسيادته المزعومة أضاف الدبلوماسي الأمريكي إلى قائمة هؤلاء الأعداء الذين عادة ما يحصرهم في جبهة البوليزاريو والجزائر بدعوى أنها هي التي عرقلت طموحه لضم شعب بأكمله بالقوة ورغما عن إرادته. ولكن ما تضمنه تقرير الموفد الاممي إلى الصحراء الغربية والذي جاء في شكل استغاثة إلى الأمين العام الاممي والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي واسبانيا بصفتها القوة الاستعمارية السابقة في هذا الإقليم فضح المزاعم المغربية وحمل الرباط بطريقة ضمنية مسؤولية فقدان مجلس الأمن والأممالمتحدة وهو شخصيا مصداقيتهم جميعا أمام الرأي العام الدولي لأنهم عجزوا كلهم عن تحريك مسار تسوية واضحة معالمه وطرق وآليات إنهائه.ويتساءل المتتبعون عن طبيعة الدعم الذي يدعي الملك المغربي انه يحظى به مقترح الحكم الذاتي اللهم إذا كان يقصد بذلك فرنسا التي انحازت علنا إلى جانب طروحات الضم المغربية وما كان لها أن تكون ضمن مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية بسبب مواقفها العدائية للشعب الصحراوي او اسبانيا الدولة الاستعمارية التي فضلت المتاجرة بقضية شعب احتلته لعقود وتخلت عنه لقوة استعمارية أخرى في منتصف الطريق.