دعا السيد يحيى زان رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين التقنيين الزراعيين أمس بالعاصمة إلى ضرورة تبني استراتيجية سياسية واضحة المعالم لإعادة بعث مختلف الشعب الزراعية للقطاع الفلاحي بشكل يسمح بتقليص فاتورة الاستيراد، لاسيما من الحبوب الجافة والقمح وتحقيق الأمن الغذائي تحسبا للعشر سنوات القادمة. وأوضح السيد زان خلال استضافته في جلسة النقاش التي احتضنها منتدى ''المجاهد'' حول إشكالية الأمن الغذائي وتحدياته الاستراتيجية بالنسبة للدول العربية، أن إعداد هذه الاستراتيجية وتطبيقها ميدانيا على المدى البعيد سيمكن من تطوير الإنتاج الفلاحي والزراعي لمختلف المنتوجات الأساسية كالحبوب والبقوليات ومشتقات القمح، الأمر الذي يجنب اللجوء المباشر إلى استيراد هذه المحاصيل من الخارج. كما أضاف أن الوضع الراهن يستدعي الإسراع في تطبيق هذه الاستراتيجية باعتبار أن الجزائر لم تصل بعد لتحقيق معادلة الاكتفاء الذاتي في إنتاج هذه المحاصيل بالنظر لغياب عدة شروط ضرورية في ذلك، كضعف التسيير ورقابة الأسواق وعدم وجود دراسات علمية وتقنية أكاديمية تشخص بشكل دقيق هذا الوضع. وتطرق رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين التقنيين الزراعيين إلى التحديات الكبرى التي تواجه استراتيجيات وبرامج تحقيق الأمن الغذائي في الجزائر، مشيرا في ذلك إلى ضرورة جعل الفلاحة محركا فعالا لدفع عجلة النمو على ضوء نصوص وقوانين التوجيه الفلاحي الرامية إلى حماية وتطوير القطاع، وكذا حتمية تطوير الإنتاج وفق ما توصلت إليه آخر تكنولوجيات المكننة والأساليب الزراعية الحديثة. ومن جهة أخرى، توقف يحيى زان مطولا عند مشكل المياه الذي تعاني منه معظم الدول العربية والإفريقية، مشددا على وجوب إيجاد الحلول العاجلة لتدارك هذا النقص الفادح في الثروة المائية التي ينعكس تأثيرها على زيارة ووفرة المحاصيل وتطوير القطاع الفلاحي بما يحقق الأمن الغذائي للشعوب، بالإضافة إلى تكثيف الرقابة على الأسواق من خلال إعادة تنظيم شبكات التوزيع بالإضافة إلى إعداد برامج لدعم التكوين والتعليم في القطاع الفلاحي وتسهيل الاندماج المهني في مختلف الشعب الفلاحية ذات التخصصات التقنية. وأكثر من ذلك تأهيل القدرات والمناهج الخاصة بالعمل والإدارة المكلفة بالفلاحة بهدف ضمان مرافقة فعالة لسياسات التجديد الفلاحي والريفي. ومن جهته، ركز السيد عبد المالك سرّاي الخبير في الاستشارات الدولية في تدخله على أهمية الاستثمار في العنصر البشري الذي يعد أداة الإقلاع الأولى في تحقيق قفزة نوعية في المجال الفلاحي، موضحا أن الاهتمام بهذا الجانب بالدرجة الأولى سيسمح بتحديد مكانة هامة مع الدول الزراعية الكبرى تحسبا للسنوات القادمة. كما أكد السيد سرّاي وجوب التعاون والتكامل العربي المشترك في تحقيق الأمن الغذائي بالنظر إلى القواسم الجغرافية والطبيعية والزراعية المشتركة بين الدول العربية، مستدلا بدولة السودان الشقيق الذي يعد استثمارا عربيا حقيقيا في الثروة الزراعية الحيوانية، حيث يشغل السودان 16 مليون هكتار من الأراضي الزراعية من أصل 80 مليون هكتار، كما يحوز على 150 مليون رأس من مختلف الحيوانات. ويضاف إلى ذلك تمتع السودان بثروة مائية هامة تصل 18 مليار و500 متر مكعب من الماء، يستغل منها فقط 7 ملايير متر مكعب.