يعقد مجلس رؤساء أركان جيوش أربعة بلدان من الساحل الصحراوي هي الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر اليوم الأحد اجتماعا بمقر قيادة الناحية العسكرية السادسة بولاية تمنراست بغرض تقييم الوضع الأمني السائد في المنطقة وإجراءات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وذكر بيان لوزارة الدفاع الوطني أمس تلقت ''المساء'' نسخة منه أن هذا الاجتماع الثاني من نوعه لرؤساء أركان جيوش الدول الأربع سيكون فرصة ل''تبادل المعلومات والتحليلات الكفيلة بإعداد حصيلة وافية للنشاطات والأعمال المنجزة للشروع في تجسيد استراتيجية موحدة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة''. وأوضح المصدر أن هذا الاجتماع يأتي امتدادا للعمل المشترك الذي شرع فيه السنة الماضية أي منذ انعقد أول اجتماع يومي 12 و13 أوت من العام الماضي وسمح لكافة الأطراف من تحديد أولويات العمل المشترك. وامتد هذا العمل ليشمل عدة اجتماعات أخرى من بينها الاجتماع الوزاري المشترك المنعقد شهر مارس الماضي بالجزائر وشارك فيه ممثلون عن سبع دول هي الجزائر وليبيا وموريتانيا ومالي وبوركينافاسو والنيجر والتشاد، ومكن هذا اللقاء من تحديد أولويات العمل فيما بينها في مجال ضمان أمن واستقرار المنطقة من حيث تنسيق المواقف والجهود لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة ومن جهة أخرى الاعتماد على مقاربة اقتصادية تتمثل في تحقيق التنمية لسكان المنطقة. وأُتبع هذا الاجتماع بلقاء آخر انعقد شهر أفريل الماضي بالجزائر شارك فيه قادة أركان جيوش بلدان الساحل الصحراوي، وتوج بالاتفاق على دراسة سبل وكيفيات ترقية التعاون والتنسيق الأمني لإرساء -آلية ملائمة- لمكافحة آفة الإرهاب وتفرعاتها.وأكد قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح في كلمة ألقاها خلال الاجتماع على ضرورة حصر قضايا الأمن التي تعكر صفو منطقة الساحل الإفريقي وتحديد الطرق والوسائل الكفيلة بحلها عن طريق تعريف وتجسيد نموذج ملائم للتعاون العسكري . وأعرب عن أمله في ''إرساء نموذج للتعاون العسكري مفيد ومثالي، وتحقيق تلاحم حول المشروع الرامي إلى ضمان السلم والاستقرار والأمن عبر كافة الفضاء الجغرافي الساحلي الصحراوي''.وضمن هذه الرؤية حرصت الجزائر على دعوة دول المنطقة إلى تعاون وثيق فيما بينها لما لهذا الجانب من الأثر الإيجابي على الجهود التي تبذل من أجل محاربة الإرهاب وكافة أشكال الجريمة المنظمة باعتبار أن لها ارتباطا وثيقا مع الإرهاب وبينت التحقيقات الترابط الموجود بين الأعمال الإرهابية والجريمة المنظمة إلى درجة أن هذه الأخيرة تعتبر أحد أهم مصادر تمويل الإرهاب إضافة إلى مصادر أخرى من أبرزها دفع الفدية الذي أصبح يشكل الهاجس الأكبر لسكان دول المنطقة، حيث كشفت دراسات أجريت بهذا الخصوص بأن 95 بالمائة من الأموال التي تتحصل عليها الجماعات الإرهابية تأتي من دفع بعض الدول للفدية مقابل إخلاء سبيل رعاياها المختطفين، وهو الفعل الذي يتنافى مع اللائحة الأممية رقم 04-09 التي صادق عليها مجلس الأمن في 17 ديسمبر من العام الماضي والتي تجرم دفع الفدية للإرهابيين. ويذكر أن تلك اللائحة بادرت بها الجزائر ولقيت ترحيبا كبيرا من طرف بريطانيا وتبنتها فيما بعد كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا قبل أن تلتحق بها كل من الصين وفرنسا. غير أن بعض المتتبعين للوضع الأمني يشككون في مدى التزام العديد من الدول بهذه اللائحة التي وصفت بأنها في غاية الأهمية لأنها تسجل في سياق الجهود الأممية الرامية إلى تجفيف منابع تمويل الإرهاب تماما مثلها مثل الإجراءات المتخذة لمنع وتجريم عمليات تبييض الأموال والمتاجرة بالأسلحة، ويرى هؤلاء أن بعض الدول الكبرى لا تتقيد بالعمل بها وتبين ذلك في عدة حالات منها تحرير الرعية الفرنسي بيار كامات شهر فيفري الماضي، ثم تحرير في 23 أوت الماضي الرهينتين الإسبانيين روك باكسوال والبير وكان ذلك مقابل دفع 8 ملايين أورو للإرهابيين في انتهاك صارخ للوائح الأممية.وعملت الدبلوماسية الجزائرية على إقناع أكثر من دولة أوروبية بضرورة عدم الخضوع لمطالب الإرهابيين وخاصة فيما يتعلق بدفع الفدية بالنظر إلى الخطورة التي يشكلها العمل عكس ذلك حيث يؤدي إلى تعزيز قدرات الجماعات الإرهابية التي توظف تلك الأموال للقيام بعمليات إرهابية أخرى. وكانت بريطانيا الدولة الوحيدة التي رفضت التعامل مع الإرهابيين ورفضت الرضوخ لمطلب دفع الفدية في معالجتها لقضية أدوين داير الذي تم إعدامه في 3 جوان .2009 وتحرص الجزائر ضمن رؤيتها لتقويض نشاط الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل على تجسيد مقاربة التعاون المشترك بين دول المنطقة، وهو ما تم الاتفاق حوله في مختلف الاجتماعات التي انعقدت في الجزائر أو في دول أخرى تنتمي إلى نفس الفضاء حيث هناك توجه صريح لرفض أي تدخل أجنبي من منطلق أن دول المنطقة أولى بمعالجة مشاكلها بنفسها.