شهد فندق الشيراتون طوال يومي 26 و27 فبراير الفارط ملتقى حول "النقد الفني في السينما والتلفزيون " الذي نظّم في إطار الليلة لخامسة ل "الفنك الذهبي"، ورغم أهمية الموضوع لم تقدّم التظاهرة ما يشفي الغليل أو يروي عطش المهتمّين الجزائريين بهذا المجال الذين خرج معظمهم من الملتقى غير راض· وعلى خلاف الطبعة الرابعة للملتقى التي شهدت حضورا عربيا متميزا ونوعيا عرفت الطبعة المنتهية للملتقى حضورا نسبيا اقتصر على الناقدة المصرية خيرية البشلاوي والدكتور رفيق الصبان من سوريا اللذان نشطا اليوم الأول من الملتقى، إلى جانب بارلات أوليفيار من فرنسا والدكتور محمد بن صالح من الجزائر، بالإضافة إلى محمد اشويكة من المغرب ومحمد حجازي من لبنان · وإلى جانب قلة الحضور النوعي وغياب الجانب التطبيقي الذي وعد به المنظمون من خلال ورشة تكوين، لم تشهد جلسات الملتقى غوصا حقيقيا في إشكالية النقد الفني، وما قدم كان في أغلبه مجرد كلام في العموم يفتقر إلى الخوض في لب الموضوع ما عدا بعض المداخلات كتلك التي قدّمها الدكتور رفيق الصبان وخيرية البشلاوي، وخاض محمد حجازي في "العلاقة بين الجمهور والناقد"، مؤكّدا أنّ العمل النقدي في العالم العربي يخضع للمزاجية في التعاطي مع العمل الفني، الشيء الذي لا يخدم حسبه العمل، كما شبّه الناقد السينمائي العمل الفني الجيد بالصيدلية، مشيرا إلى أنّ هناك أفلاما قادرة على أن تغيّر من الحالة النفسية للمشاهد وتجعله أكثر حبّا للحياة وأكثر تفاؤلا، في حين أنّ هناك أفلاما سيئة تجلب الأمراض· ومن جهة أخرى حمّل المحاضر الناقد العربي مسؤولية الهوة الموجودة بين ما يكتبه وما يعجب الجمهور، واصفا ذلك إشكالية حقيقية في العلاقة بين الجمهور والناقد، وبالمقابل رفض المتحدث أن يحمل الجمهور مسؤولية هذا الشرخ، فمن الجمهور - يقول حجازي - من هم أوعى من الناقد ويملكون ثقافة سينمائية واسعة، معتبرا الناقد المسؤول المباشر على هذا الوضع، وأكّد أنّ الناقد اليوم تحكمه العلاقات العامة والمجاملات· ليتّهم في الأخير زملاءه النقاد بالتقصير والتعالي على الجمهور، الشيء الذي لم يعجب الناقدة المصرية خيرية البشلاوي التي أكّدت في ردّها على المحاضر أنّه من المستحيل المساواة بين الجمهور العادي والناقد الذي قضى حياته في دراسة هذا التخصّص ومتابعة الأعمال الفنية، مضيفة في سياق متصل أنّ الناقد يلتزم بأدوات علمية في تناوله للموضوع، كما نفت المتحدثة -في مشاجرة كلامية مع المحاضر- إمكانية اعتبار العمل السينمائي صيدلية وإلاّ وجّهنا كما كبيرا من الأفلام الرديئة للذين لا نحبهم حتى نتخلّص منهم - على حد تعبيرها -· من أهمّ المحاضرات التي شهدها الملتقى أيضا المداخلة التي قدّمها الفرنسي بارلات أوليفيار المختص في سينما الجنوب الذي تحدّث عن أهمية أن تتحدّث السينما في إفريقيا عن نفسها وأن تغوص في واقعها، متوقّفا عند إشكالية غياب الجمعيات الخاصة بالفن السابع في الوطن العربي خاصة في مجال النقد وكذا غياب المراجع حول هذه السينما، داعيا المخرجين إلى ضرورة نشر كل الوثائق التي في حوزتهم على الأنترنت ليستفيد منها الجميع، المغربي محمد اشويكة عاد في مداخلته إلى المصطلحات والتقنيات التي يجب أن يتزوّد بها الناقد كالمرجعية والابتعاد عن الاتجاه الأحادي والحرية والاستفادة من العلوم المختلفة وغيرها··· وعلى العموم فإنّ ملتقى الشيرتوان كان في مجمله محاكمة صورية للصحافة الوطنية بين من يستصغر ما تقدّمه في مجال النقد السينمائي ومن يعتبر أنّ فيه قراءة أولية للعمل ممكن أن تقدّم مفاتيح للجمهور وللناقد الأكاديمي على حد السواء وتمكّن المخرج من تدارك أخطائه·