''في الصيف حلاوة وفي الخريف عداوة ''، من منا لا يتذكر صاحب هذه الكلمات الذي أطل علينا ذات صيف عبر كليب غنائي جمع بينه وبين المطربة مليكة مداح، اكتشف من خلاله الجمهور الجزائري شابا وسيما صاحب صوت رجولي رخيم، إنه ابن الباهية وهران الفنان بارودي بخدة الذي لبى دعوة الجريدة بالرغم من أنه كان متعبا بعد عودته من مشاركته في سهرة فنية بمدينة عنابة. ''المساء'': غبت عن الساحة الفنية لأكثر من عشر سنوات ما سبب هذا الغياب؟ بارودي بن خدة: (يبتسم)... أنا موجود لكنني مغيب عن جمهوري عندما لا توجه لي أية دعوة للمشاركة في المناسبات الثقافية والفنية التي تقام مثلي مثل العديد من الفنانين المهمشين، بالرغم من أنهم أفنوا حياتهم من أجل الفن الأصيل، وعندما تجد جميع الأبواب موصدة أمامك ولا أحد يسمعك فما عليك سوى أن تبقى في بيتك وتهتم بأطفالك وترعاهم. - هل هذا هو السبب الذي جعلك تقاطع المواعيد الثقافية بوهران وترفض الحضور حتى كضيف شرف؟ * نعم، فأنا أرفض أن أكون مجرد ضيف في تلك المناسبات يسجل حضوره فقط، بينما أنا لازلت قادرا على العطاء والمشاركة ولدي جمهوري الذي يحب الاستماع للون الغنائي الذي أقدمه. - ألا تعتقد أن نشاطك قل كثيرا؟ * يا سيدتي بماذا أنشط، فتسجيل ألبوم غنائي بالمقاييس الحالية يكلف كثيرا، سابقا كان لإذاعة وهران دور كبير في تسجيلنا لأغاني كثيرة أوصلتنا إلى الجمهور العريض، أما اليوم فنحن في مواجهة موزعين يمارسون أساليبهم الملتوية علينا، وهو ما يعيقنا على التعامل معهم ويبعدنا عن دخول الاستوديوهات التي لم أدخلها شخصيا منذ أكثر من عشر سنوات، ما عدا ألبوم دينيا، واحد يضم 6 مدائح، سجلته على نفقتي الخاصة يضم قصائد في مجال التصوف للشيخ العلاوى والشيخ سيدي لخضر بن خلوف، وقد سجلته بحكم ارتباط عائلتي بزاوية سيدي عبد القادر بعطوش بسيدي الحسني، وتعلقي بالمديح الصوفي والتهاليل الدينية. - على ذكر مهرجان الأغنية الوهرانية الذي احتضنته وهران، كنت عضوا في لجنة التنظيم، فما هو تقييمك له؟ * هذا ما تردد في الشارع، لكنني كنت ضمن اللجنة المنظمة للمساعدة في اختيار أسماء مطربي الأغنية الوهرانية المشاركة فقط، وذلك حتى لا يتحول المهرجان عن وجهته ويصبح خاصا بأغنية الراي. أما عن تقييمي له فأنا أرى أنه يسير للأحسن مقارنة بالطبعتين السابقتين، ومع ذلك فأنا أفضل ''أن يعطوا الخبز لخبازه''، ويتركوا الفنانين ينظمون مهرجان الأغنية الوهرانية بأنفسهم، لأنهم أدرى بشعاب الباهية وفنانيها وسوف يتحصلون على نتائج تثلج صدورهم. - لماذا أنت ضد طابع الراي وترفض نسبه إلى الأغنية الوهرانية بالرغم من شهرته العالمية؟ * الراي ليس موسيقى وهرانية واعتبره غريبا عنها، ولد بالشارع وتربى فيه، لأن كلماته تخدش حياء المستمع، كما تتبناه في الحقيقة فئة معينة من الناس الذين يرتادون الملاهي والكباريهات، وحتى وإن وصلت شهرته إلى العالمية، فإنه لا يمثل الأغنية الوهرانية في رأيي، بل يمثل ''الفنانين'' الذين يؤدونه فقط، وأجد أن مثل هذه الأغاني هي التي شوّهت صورة الشارع الوهراني عبر الوطن، ليشاع عن وهران أنها بلد ''الزهو''، وهي غير ذلك وهذا يحزنني جدا، ولا أترك أية مناسبة للحديث عن الرداءة التي أصبحت تسود الذوق الفني وكيفية محاربتها بفرض الكلمات النقية والهادفة والبسيطة. - وهل تحضر لمشاريع مستقبلية؟ * قدمت خلال مهرجان الأغنية الوهرانية مؤخرا ثلاث أغان جديدة لم تسجل بعد، من كلمات الشاعر الكبير والقدير عبد القادر الخالدي، وتلحين ابني الأصغر عبد الباقي محمد الأمين البالغ من العمر 16 سنة والذي يدرس الموسيقى وله محاولات في التلحين. كما أنني بصدد تحضير مشروع تسجيل بعض القصائد الصوفية للأمير عبد القادر وسيدي بو عبد الله وسيدي قدور بن عاشور وعرضها على وزارة الثقافة في إطار برنامج التراث إن حظي بالموافقة. -كلمة أخيرة؟ * أوجه دعوة عبر جريدتكم الموقرة للقائمين على رأس الثقافة ببلادنا، للتكفل بالفن النقي الذي يحتاج إلى المساعدة والعناية والرعاية، عن طريق توجيه الدعوة إلى المطربين دوما لإقامة الحفلات الرسمية والمهرجانات وتثمين مشاركاتهم، ودفع مبالغ تليق بمقامهم وتحفزهم على المضي قدما في مجال الأغنية النظيفة لتنمية أذواق الأجيال.