اعترف الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد عام منذ توليه مهامه في البيت الأبيض بفشله في تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط وهو الذي أبدى تفاؤلا مفرطا في إمكانية تسوية أقدم وأعقد الصراعات في العالم.وأقرّ الرئيس أوباما في تصريح صحفي بأنه "بالغ في التقديرات بشأن إمكانية إقناع الأطراف المعنية بتحريك العملية التفاوضية". وقال: "أعتقد بأنه من الأصح القول إن جهودنا توجد الآن في المرحلة الأولية وليس في المكان الذي كنت أتمناه". وبرر الرئيس أوباما فشله في هذه المهمة بدعوى انه من "الصعب جدا بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين الدخول في مفاوضات جادة بسبب المحيط السياسي والتحالفات التي ينتمون إليها". ويبدو أن الرئيس الأمريكي الذي اصطدم بحقيقة واقع مرير تحدده إسرائيل الرافضة لأي سلام مع الفلسطينيين وتعلن صراحة أنها ضد قيام الدولة الفلسطينية اضطر إلى الإقرار بعجزه في تفعيل عملية السلام بعدما أدرك عدم جدوى الجهود التي تقوم بها إدارته في ظل استمرار تعنت حكومة يمينية متطرفة ترفض سماع أي صوت غير صوتها. وقد كان لتراجع الإدارة الأمريكية عن موقفها في وقف الاستيطان الذي اعترفت انه أهم عقبة أمام أي مسعى لاستئناف مفاوضات السلام بداية فشل مؤكد لوساطة أمريكية تكشف في مناسبات عدة انحيازها الفاضح للطرف الإسرائيلي على حساب حقوق شغب اغتصبت بقوة الحديد والنار. فالرئيس الأمريكي الذي تمكن من تمرير استراتيجيته في العراق ثم أفغانستان فشل في فرض منطقه على الدولة العبرية من اجل التوصل إلى سلام أقلّ ما يقال عنه انه يحتضر في الوقت الراهن. وهو فشل تترجمه كل زيارة يقوم بها الموفد الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل الذي يعود في كل مرة خال الوفاض بعد سلسلة لقاءات مكثفة بين أطراف الصراع لا تأتي ثمارها المرجوة، فلا هو استطاع أن يقنع الإسرائيليين بوقف الاستيطان للشروع في عملية تفاوضية جادة ولا ضغوطاته على الطرف الفلسطيني الذي قدم العديد من التنازلات نجحت في حمل الفلسطينيين على قبول مفاوضات دون شروط مسبقة. وضعية حرجة جعلت المتتبعين لملف السلام في الشرق الأوسط يعتبرون زيارة ميتشل الجديدة إلى المنطقة بأنها زيارة للبحث عن سبل لإنقاذ السلام أو ما تبقى من عملية سلام ماتت اكلنيكيا. والتقى أمس الموفد الأمريكي الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله بالضفة الغربية في جو يكتنفه الشك والريبة بعدما بات من الواضح انعدام فرص استئناف المفاوضات مادامت إسرائيل تصر على موقفها المتصلب في عدم وقف أنشطتها الاستيطانية وأكثر من ذلك تواصل بناء المزيد منها في تحد واضح للمجموعة الدولية. وهو ما أكدته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية في عددها أمس حيث نقلت تصريح مسؤول إسرائيلي رفض الكشف عن هويته حول تقلص فرص استئناف عملية السلام، وهي النتيجة التي خلص إليها جورج ميتشل بعد لقائه المسؤوليين الإسرائيليين يتقدمهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزيره للدفاع ايهود باراك بعدما تردد على أذانه نفس الخطاب العنصري من إدارة لا تعترف بأي خطوط حمراء أو التزامات دولية. لكن فشل ميتشل ومعه الإدارة الأمريكية في التوصل إلى نتيجة ايجابية بشأن تحريك مفاوضات السلام يطرح عديد التساؤلات حول الخطوة المقبلة التي من المفروض أن تقوم بها أدارة الرئيس اوباما وهي التي أخذت على عاتقها لعب دور الوسيط في تسوية الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي. فهل ستتخلى هذه الإدارة عن هذا الدور لتفتح المجال أمام وسطاء آخرين أم أنها ستعمل كعادتها على إطلاق المزيد من الوعود الوردية لإبقاء الوضع على حاله إلى غاية نهاية عهدتها؟ يطرح هذا التساؤل في وقت خرج فيه الأمين العام الأممي بان كي مون من صمته بعدما أكد دعمه لجهود الولاياتالمتحدة الرامية إلى تفعيل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وتأتي استفاقة الأمين العام الاممي متأخرة لأنها تزامنت مع إقرار الرئيس الأمريكي بنفسه عجزه على إدارة هذا الصراع ومنه إحلال السلام بعدما كان تعهد بإقامة دولة فلسطينية مستقلة في ظرف عامين، ليبقى حلم الفلسطينيين في إقامة هذه الدولة يتأرجح بين مبادرات مكتوبة ووعود دولية خاوية من أية نية صادقة.