أجمع مختصون في مجال الصحة والصيدلة، على ضرورة تنظيم سوق الدواء بتحديد كل حاجياتها وتكييف العرض حسب الطلب، لمواجهة الندرة التي تعاني منها السوق من حين لآخر، مع تشجيع إنتاج الأدوية محليا وتشجيع استعمال الأدوية الجنيسة، وتحديد شروط عمل وتدخل المتعاملين من منتجين ومستوردين، لإضفاء احترافية أكثر على السوق ومراقبتها. وفي مجال الأدوية دائما، سيتم الإبقاء على نظام الدفع من قبل الغير في الضمان الاجتماعي، لتمكين المرضى المصابين بالأمراض المزمنة من اقتناء أدويتهم التي تكلف أموالا باهظة في حال دفع مبلغها نقدا. وأشار المختصون إلى أهمية اتخاذ كل التدابير العاجلة، لتنظيم سوق الدواء نظرا لأهميتها وعلاقتها المباشرة بصحة المواطن، وذلك بتحديد كل حاجياتها لتوفير الأدوية التي يحتاجها المرضى والتي غالبا ما تعرف نفاذا سريعا بسبب كثرة الطلب عليها الذي تقابله قلة العرض، مما يؤدي إلى حدوث ندرة مثلما تم تسجيله في مرات عديدة، حيث اقترح هؤلاء تحديد قائمة هذه الأدوية لمضاعفة إنتاجها إن كانت تنتج محليا، أو مضاعفة استيرادها إذا تعلق الأمر بالأدوية المستوردة من الخارج. وهو السياق الذي أكد من خلاله الحضور من وزراء سابقين وأساتذة وصيادلة في تدخلاتهم خلال اليوم البرلماني، الذي نظمه مجلس الأمة أول أمس حول ''الدواء في الجزائر''، حيث أجمعوا على وجود كل الوسائل والإمكانيات المادية والبشرية، لوضع سياسة فعالة يمكنها تنظيم سوق الدواء والتركيز على النوعية، موضحين أن هذه السياسة مسؤولية الجميع، وتتطلب مشاركة كل الجهات الفاعلة وليس وزارة الصحة لوحدها. ودعا المتدخلون في هذا اللقاء إلى توسيع الإنتاج المحلي للأدوية، للتقليص من فاتورة الإستيراد أكثر، بالرغم من أنها تراجعت بعد قرار الدولة، القاضي بمنع استيراد تلك الأدوية التي تنتج في الجزائر لتشجيع الإنتاج المحلي، علما أن الجزائر حاليا تحصي 116 وحدة إنتاج في انتظار استلام 70 مشروعا آخر يوجد في طور الإنجاز، وهو ما من شأنه تعزيز السوق بمنتوجات صيدلانية أخرى، للإستجابة للطلب المتزايد إذا علمنا أن سوق الدواء في الجزائر تضاعفت بمرتين خلال فترة لا تتجاوز ست سنوات، حيث عرفت فاتورتها أيضا ارتفاعا بنسبة 46 بالمائة. من جهته ألح السيد الطيب لوح وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، على إلزامية توسيع دائرة استعمال الأدوية الجنيسة التي لا تقل نوعية عن الأدوية الأخرى، وذلك بإزالة الاعتقاد الخاطئ السائد لدى الكثير من الناس، الذين يعتقدون أنها أقل جودة، مشيرا إلى أن هذا النوع من الأدوية استطاع إيجاد مكانة له في السوق، بالسيطرة على 70 بالمائة من سوق الدواء، بعدما كانت الأدوية الجنيسة لا تمثل سوى 12 بالمائة في هذه السوق في الأربع سنوات الأخيرة، وهذا راجع إلى السياسة التي اعتمدتها الدولة فيما يخص تشجيع استهلاك هذه الأدوية. كما طالب المسؤول بتحسيس الأطباء وتوعيتهم، لتسجيل أدوية جنيسة في الوصفات التي يقدمونها للمرضى، وذلك في خطوة لترشيد النفقات والوصول إلى التحكم في تسيير ميزانية الدواء، حسب السيد لوح الذي أكد أن صندوق الضمان الاجتماعي بات في حاجة ماسة إلى البحث عن مصادر تمويل جديدة، ما عدا اشتراكات المؤمّنين اجتماعيا لتغطية نفقاتها التي تتزايد باستمرار.