كما كان متوقعا صادق البرلمان الأوروبي نهاية الأسبوع بالإجماع على لائحة هي الأولى من نوعها أدان من خلالها ''بشدة'' الاعتداء الدامي الذي نفذه الجيش المغربي ضد النازحين الصحراويين في مخيم اكديم ايزيك بالقرب من مدينة العيونالمحتلة وخلف عشرات القتلى ومئات الجرحى. وأكد نواب البرلمان الأوروبي خلال جلسة النقاش حول الوضع المتدهور في الصحراء الغربية بأن الأممالمتحدة تبقى الهيئة المخولة بإجراء تحقيق دولي مستقل لفضح ملابسات الأحداث الدامية التي شهدتها مدينة العيونالمحتلة قبل حوالي أسبوعين. وتضمنت اللائحة تذكيرا بدعم أوروبا لاستئناف المحادثات بين طرفي النزاع جبهة البوليزاريو والمغرب بهدف التوصل إلى ''حل عادل ودائم ومقبول من الجانبين يتماشى مع اللوائح العديدة لمجلس الأمن الدولي''. كما طالبت الاتحاد الأوروبي ب''مطالبة المملكة المغربية أن تمتثل للقانون الدولي فيما يخص استغلال الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية''. وأعرب النواب الأوروبيون ''عن أسفهم للمساس بحرية الصحافة والإعلام التي تعرض لها عديد الصحفيين الأوروبيين'' مطالبين المملكة المغربية بالسماح للصحافة والملاحظين المستقلين والمنظمات الإنسانية ''بالدخول إلى الصحراء الغربية والتنقل فيها بكل حرية ''. كما أكدوا على ''ضرورة دعوة هيئات الأممالمتحدة لاقتراح إرساء آلية لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية''. وعبر عدد من النواب الأوروبيين وأعضاء الوفد الصحراوي المتواجدين بستراسبورغ أن لائحة البرلمان الأوروبي التي تدين ولأول مرة أعمال العنف التي يتم ارتكابها بالأراضي الصحراوية ''صفعة'' في وجه السياسة المغربية. وقال محمد يسلم بيسط ممثل جبهة البوليزاريو في أوروبا بعد المصادقة التاريخية أن اللائحة الأوروبية رسالة سياسية قوية من طرف هيئة أوروبية تقول للمغرب بأنه ''سيتحمل من الآن فصاعدا مسؤولية أفعاله''. وأضاف أن هذه رسالة تؤكد أن حقوق الإنسان ''فوق كل اعتبار'' وأن عدم احترامها من طرف المغرب يستحق الإدانة بعدما أصبحت القضية الصحراوية ''معترفا بها كقضية تتعلق بالعدالة والسلام وتحظى بتعاطف كافة القوى السياسية الأوروبية التي تدخلت خلال الجلسة العلنية. وهو ما جعله يؤكد أن اللائحة تمثل ''إدانة قوية للجرائم المغربية في حق المدنيين الصحراويين''. وكان اندريس بييبالغس عضو المفوضية الأوروبية أكد خلال مناقشة مشروع خاص بالصحراء الغربية أن هذه الأخيرة مدرجة في أجندة مجلس الشراكة الأوروبي- المغربي المقرر شهر ديسمبر المقبل. وقال المفوض الأوروبي المكلف بالتنمية في تدخل له إلى أن الاتحاد الأوروبي ''منشغل'' بالأحداث التي وقعت بالعيونالمحتلة و''يتأسف لخسارة أرواح بشرية'' خلال الهجوم المغربي على مخيم اكديم ايزيك. وأضاف ''نظرا للمسائل التي نناقشها اليوم سنعمل على إيصالها للسلطات المغربية من خلال القنوات المناسبة'' مشيرا إلى أن مسألة الصحراء الغربية مدرجة في أجندة اجتماع الشراكة المقرر في ديسمبر المقبل بحيث سيتم توسيع المجلس إلى الجانب البرلماني من خلال إشراك البرلمانين الأوروبي والمغربي. ولا يزال الاعتداء المغربي الدامي على مخيم الحرية للنازحين الصحراويين يحرك مختلف المنظمات والهيئات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان حيث طالبت منظمة ''هيومن رايتس ووتش'' الحقوقية أمس المغرب بفتح تحقيق في المذبحة التي اقترفتها قواته ضد المعتقلين الصحراويين بعد الاعتداء عليهم في مخيم الحرية. وقالت في بيان أمس ''أن قوات الأمن المغربية قمعت وبطريقة منتظمة الأشخاص المعتقلين ويتوجب على السلطات المغربية وضع نهاية لأعمال العنف ضد هؤلاء وفتح تحقيق مستقل''. تزامنا مع ذلك دعت جمعيات فرنسية إلى تشكيل ''عاجل'' لبعثة دولية تشرف على إعداد تقرير حول وضعية حقوق الإنسان بالصحراء الغربية ''خاصة حول تفكيك مخيم اكديم ازيك''. وترى هذه الجمعيات في ندائها الموجه إلى وزيرة الشؤون الخارجية الفرنسية أن هذه البعثة ''بإمكانها إصدار توصيات حول دور البعثة الأممية لتنظيم استفتاء بالصحراء الغربية (المينورسو) بخصوص حماية حقوق الإنسان'' بالمنطقة. يأتي ذلك في الوقت الذي جدد فيه وزير الشؤون الخارجية الصحراوي محمد سالم ولد السالك التأكيد بأن ''إسبانيا تبقى القوة المديرة لإقليم الصحراء الغربية والمغرب قوة محتلة ''تنتهك الحقوق الأساسية للشعب الصحراوي''. وفي رد فعله على تدخل وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية الأربعاء أمام مجلس الشيوخ بمدريد أوضح ولد السالك أن المسؤولة الإسبانية قد صرحت أنه ''من وجهة النظر القانونية فإن المغرب ليس قوة محتلة للصحراء الغربية لأنه استولى على هذا الإقليم ليس بالقوة أو على إثر نزاع مسلح وإنما تطبيقا لاتفاق'' في إشارة منها للاتفاق الثلاثي الذي وقع بمدريد في 14 نوفمبر 1975 حيث قامت إسبانيا بمقتضاه بالتنازل عن الصحراء الغربية التي كانت حينها مستعمرة إسبانية لصالح المغرب وموريتانيا. وقال ولد السالك ''أن مثل هذه الادّعاءات لا أساس لها وخطيرة وتنم عن انحياز واضح أو عن فقدان حقيقي للذاكرة لتبرير ما لا يبرر وتغطية الفظاعات والجحيم الذي لا يوصف المسلط على الشعب الصحراوي بعد تخلي إسبانيا سنة 1975 عن مسؤولياتها وتواطئها مع المعتدي المغربي''.