لم يبد وزير الخارجية الصحراوي محمد سالم ولد السالك، أمس، أي تفاؤل بخصوص نتائج جولة المفاوضات غير المباشرة القادمة، بين جبهة البوليزاريو والمغرب، المنتظرة أيام 16 و17 و18 من الشهر الجاري بسبب الموقف المغربي المتعنت ورفض الرباط لكل مسعى سلمي لتسوية النزاع في الصحراء الغربية. ورغم هذه القناعة فإن ولد السالك أكد في تصريح ل''المساء'' على هامش الندوة الدولية حول اللائحة 1514 الخاصة بتصفية الاستعمار أن وفد جبهة البوليزاريو سيتوجه إلى مانهاست من أجل تأكيد استمرار تعاونه مع الأممالمتحدة ''لأننا نسعى -كما قال- لتحقيق السلام على أساس مبدأ تقرير المصير ووفق ما أكدت عليه كل لوائح الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي''. وقال رئيس الدبلوماسية الصحراوي إن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود بسبب تملص المغرب من كل التزاماته الموثقة في مخطط التسوية لسنة 1991 القاضي بتقرير المصير. وجدد التأكيد على استحالة تحقيق السلام في منطقة غرب إفريقيا دون أن يلتزم المغرب باحترام الحدود الدولية مع جيرانه بما فيهم الشعب الصحراوي. وقال إن الوفد الصحراوي سيتوجه إلى نيويورك نهاية الأسبوع تلبية لمساعي الأممالمتحدة رغم أن الوقت أصبح يضمحل بسبب عبث المغرب ورفضه لكل فكرة للتسوية على أساس الشرعية الدولية وتفضيله بدلا عن ذلك التشريع للاحتلال. وأضاف أن الأحداث الأخيرة في مخيم الحرية بالقرب من العيونالمحتلة انتهت إلى خلاصتين اثنتين: أولاهما أن الأحداث الدامية في هذا المخيم أكدت القطيعة القائمة بين الشعب الصحراوي والمغرب وتيقنت السلطات المغربية من ذلك جليا وأدركه كل من لم يكن يدرك مثل هذا الأمر إلى وقت قريب. وثانيتهما أن المغرب وجد نفسه يسبح عكس تيار التاريخ لأن الشعب الصحراوي سيستقل لا محالة ومهما تماطل المغرب في ذلك. وأضاف أن الرد العنيف والدموي لقوات الأمن المغربية ضد المدنيين الصحراويين لم يكن في الواقع أمرا جديدا لأن الانتهاكات المغربية ضد أبناء الشعب الصحراوي متواصلة منذ سنة 1975 وهي أشبه بممارسات الدول الاستعمارية السابقة ويمارس نفس الحجج التي تستعملها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ونظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا التي تصف المقاومة الفلسطينية ومناضلي المؤتمر الوطني الإفريقي بالإرهابيين في نظرة مقلوبة لصيرورة الأحداث التاريخية. كما أكد وزير الخارجية الصحراوي أن الأحداث عرت حقيقة الوضع في الصحراء الغربية وأدت إلى موجة تضامن أوروبية وأمريكية غير مسبوقة مع الشعب الصحراوي. فالدول الأوروبية والولايات المتحدة التي كانت منحازة إلى جانب الطرح المغربي أعادت النظر في موقفها وأصبحت تسأل المغرب ماذا تفعل؟ في تلميح إلى عدم رضاها على ما جرى ويجري في الصحراء الغربية بعد أن انعكس ذلك سلبا على موقفه إلى درجة أن البرلمان الأوروبي وضع المغرب لأول مرة في قفص الاتهام رغم الوضع المتميز الذي يحظى به ورغم اتفاق الشراكة الذي وقعه مع الاتحاد الأوروبي. وقال المسؤول الصحراوي إن أحداث مخيم الحرية في الثامن من الشهر الماضي زادت من تعنت السلطات المغربية التي تمسكت بموقفها الرافض لأي لجنة تحقيق دولية ومازال يواصل طرد الصحافيين والبرلمانيين والحقوقيين والمحامين الدوليين بما يؤكد أنه يخفي أشياء لا يريد للعالم أن يطلع عليها. وألقى سالم ولد السالك بمسؤولية استمرار هذا الوضع على الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي وقال بضرورة تحمل مسؤولياتهما لإرغام المغرب على رفع كل العراقيل التي تقف في وجه كل تسوية سياسية للنزاع في الصحراء الغربية. وأضاف أن فرنسا التي رغم وقوفها وعرقلتها لإرسال هذه اللجنة خلال الاجتماع الأخير لأعضاء مجلس الأمن الدولي فإن عقد أعلى هيئة أممية لهذا الاجتماع يعد في حد ذاته إدانة للرباط وسياستها القمعية في الصحراء الغربية. وأضاف أن الأممالمتحدة لا تضغط بالشكل الكافي على المغرب بسبب الموقف الفرنسي الداعم في كل مرة للطروحات الاستعمارية المغربية. وبخصوص المبادرة الجزائرية لاحتضان الندوة قال الدبلوماسي الصحراوي أنها عالية الأهمية لأنها جاءت في سياق كفاح الشعب الجزائري الذي دفع الأممالمتحدة إلى صياغة اللائحة 1514 سنة 1960 وها هو التاريخ يعيد نفسه اليوم بتخليد الذكرى في الجزائر المستقلة. وأضاف انه في الوقت الذي صادقت فيه الأممالمتحدة على هذه اللائحة تقوم فرنسا اليوم أيضا بمعارضة تحرر شعوب مازالت تحت الاستعمار. وختم سالم ولد السالك بالقول إن الجولة الأخيرة من المفاوضات كانت على جدول أعمالها المقترحين المغربي والصحراوي بعد أن كان المغرب يصر على طرح فكرة الحكم الذاتي كحل وحيد فقط للنزاع. ولكن الموفد الأممي كريستوفر روس أكد على أن تقرير المصير يجب أن يمر عبر ثلاثة خيارات من بينها الحكم الذاتي أو الانضمام إلى المغرب أو الاستقلال.