التقت تدخلات أعضاء مجلس الأمة خلال مناقشتهم لبيان السياسة العامة للحكومة حول ضرورة أن يسعى الجهاز التنفيذي إلى تدارك جميع النقائص المسجلة في تنفيذ البرنامج الخماسي. وشددوا على ضرورة مضاعفة المجهودات لاستكمال كافة المشاريع في الآجال المحددة. لم تخل تدخلات أعضاء مجلس الأمة سواء رؤساء الكتل أو الأعضاء عن تقديم ملاحظات إيجابية عن الإنجازات المحققة خلال 18 شهرا من عمل الحكومة وثمن أكثر من متدخل النتائج المحققة في العديد من المجالات والقطاعات، لكن ذلك لم يمنع أغلب أعضاء مجلس الأمة من التركيز على بعض الجوانب ''السلبية'' في أداء الحكومة وفضلوا أسلوب التنبيه على المجاملة. وجاءت تدخلات الأعضاء المنتسبين للثلث الرئاسي أكثر حدة من حيث ''الانتقادات'' وهو ما ذهبت إليه المجاهدة زهرة ظريف بيطاط في تدخلها، حيث أشارت إلى إيجابية الأرقام المقدمة والتي تعكس حجم الإنجازات، إلا أنها تساءلت في هذا السياق لماذا لا يحس الشعب الجزائري بالسعادة والرفاهية؟. ودعت المجاهدة الحكومة إلى تفويت الفرصة على الاستعمار القديم الذي يسعى إلى خطف أحلام شبابنا وذلك بتشجيعهم بطريقة غير مباشرة على الهجرة، وطالبت الحكومة بمعالجة أسباب ظاهرة الهجرة غير الشرعية وأوضحت أنه من غير المنطقي أن يغامر شباب وفتيات حاملون شهادات جامعية ''بالحرقة''. ودعت من جهة أخرى الحكومة إلى الاهتمام بالتاريخ ومنح اهتمام خاص للاحتفالات المخلدة لمرور نصف قرن على استقلال الجزائر، وطالبت بإنشاء لجنة وطنية على أعلى مستوى تخصص لها كل الإمكانيات الضرورية وتتشكل من وزراء وبرلمانيين ومجاهدين وخبراء، توكل لها مهمة التحضير الجيد لهذه الذكرى لكي يحتفل بها كل الشعب الجزائري بافتخار بعيدا عن أي تأثير من قبل المستعمر القديم الذي بادر بتشكيل لجنة مكلفة بالاحتفال بالذكرى بدوره. وفي موضوع آخر، تساءلت عن الإجراءات التي تعتزم الحكومة اتخاذها لمواجهة التهديدات بالتدخل الأجنبي في منطقة الساحل الإفريقي. ومن جهته لفت عضو مجلس الأمة عن الثلث الرئاسي بوزيد لزهاري الوزير الأول وأعضاء الحكومة إلى موضوع المراجعة المالية للمشاريع، مؤكدا أنه إذا كانت المشاريع المنجزة منذ جانفي 2009 تستحق التثمين فإن عملية تقييم المشاريع أصبحت تثير الكثير من التساؤلات. وأشار إلى أن 45 بالمائة من المشاريع المدرجة في البرنامج الخماسي القادم تدخل في سياق المشاريع التي تمت إعادة تقييمها وأنه تم تخصيص 814 مليار دينار لإعادة تقييم المشاريع للعام القادم وأن 11 مليار دولار تخصص لإنجاز الدراسات وهو رقم ضخم جدا في وقت تلجأ فيه الدولة لإعادة النظر فيها، مما يؤدي إلى تعليق عمليات الإنجاز لسنوات أخرى. وتساءل عن الجهة الأكثر تضررا من توقيف تلك المشاريع ليوضح أن المواطن وحده من يدفع الفاتورة دون أن يؤدي ذلك إلى محاسبة المسئولين. وبدورهم ركز رؤساء الكتل البرلمانية على الجوانب الإيجابية لعمل الحكومة والعمليات الواجب الإسراع في تنفيذها واستغرب بلعباس بلعباس رئيس المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي تحامل بعض الأعضاء على الحكومة وانتقادهم لحصيلتها. في حين شدد رئيس المجموعة البرلمانية لجبهة التحرير الوطني السيد احمد حنوفة على ضرورة التركيز على مكافحة الفساد بكل أشكاله ومحاربة تبديد المال العام ومعالجة ظواهر البطالة بهدف تحسين الوضعية الحالية للشباب. وأكد أنه يتعين على الحكومة الالتزام بالصرامة في إنجاز المشاريع واحترام شروط النوعية والآجال المحددة ومواصلة السعي لإعادة الاعتبار لعدة قطاعات، منها الفلاحة والصناعة. دعا إلى الاهتمام بالموارد البشرية. وبخصوص القضايا الدولية جدد دعم الآفلان للقضية الصحراوية ولنضال الشعب الصحراوي من أجل الاستقلال، كما أكد دعم حزبه للقضية الفلسطينية. وبدورها أكدت مقررة كتلة الثلث الرئاسي السيدة زهية بن عروس نيابة عن رئيس اللجنة السيد محمد بن خالفة على ضرورة تعاطي الحكومة بحزم مع ظاهرة الفساد والتلاعب بالمال العام وسوء تسيير الملكية العمومية. ومن جهة أخرى دعا بعض الأعضاء إلى ضرورة استثمار مداخيل المحروقات لإحداث القيمة المضافة وأيدوا مسعى الحكومة لرفع الدعم الموجه لقطاع الفلاحة. وطالب البعض الحكومة بتوفير الكهرباء للفلاحين وإنهاء مشاريع إنجاز السدود لتوسيع المساحات المسقية خاصة في الجنوب، كما دعوا إلى تشديد العقوبات والرقابة على المضاربين في هذا القطاع. وساند أعضاء في مجلس الأمة مسعى الحكومة لتوقيف عملية التفكيك الجمركي في إطار عقد الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي ''مؤقتا'' لتمكين المؤسسات من تحضيرها للمنافسة، خاصة أن حجم استثمارات الدول الأوروبية في الجزائر لا زالت ضئيلة حيث لم تتجاوز 3 ملايير دولار في الخمس سنوات الماضية. وغير بعيد عن هذا الموضوع فقد اعتبر أحد أعضاء مجلس الأمة إنشاء المنطقة المغاربية للتبادل الحر التي تدعو إلى فتح الحدود بين الجزائر والمغرب ''خطرا شديدا'' على الاقتصاد الوطني لأنه سيؤدي إلى تفاقم ظاهرة التهريب. وللإشارة فإنه من المنتظر أن يرد الوزير الأول السيد أحمد أويحيى على انشغالات أعضاء مجلس الأمة غدا الأربعاء في جلسة علنية.