عمدت الحكومة خلال السنوات الأخيرة إلى تعزيز وتمتين الأحكام التشريعية وإجراءات دعم التنمية وحماية الاقتصاد الوطني من مختلف أشكال الغش والممارسات اللاشرعية المضرة بالمحيط الاقتصادي بشكل عام، وقد بلغت ترسانة التشريعات الموجهة لتحصين الاقتصاد الوطني وتطهيره مستوى مكثفا خلال السنتين الأخيرتين، حيث اعتمدت الحكومة برسم قانوني المالية التكميليين لسنتي 2009 و,2010 تدابير صارمة لردع ومعاقبة الغشاشين والمخالفين للتنظيمات الوطنية. لم يسبق للجزائر منذ اتباعها خيار اقتصاد السوق أن تبنت إجراءات تهدف إلى حماية اقتصادها الوطني وتطهيره، مثل تلك التي اعتمدتها في قانون المالية التكميلي لسنة ,2009 الذي لقي في البداية اعتراضا حادا من قبل العديد من الجهات الداخلية والخارجية، وعززتها بتدابير جديدة في قانون المالية التكميلي لسنة .2010 وقد أبرزت مصالح الوزارة الأولى في الوثيقة الخاصة بالتدابير المتخذة لفائدة التشغيل والاستثمار والنمو الاقتصادي، أهم الأحكام والإجراءات الجديدة التي اتخذتها الحكومة خلال السنوات القليلة الماضية من اجل تطهير الفضاء الاقتصادي. وذكرت الوثيقة في هذا الصدد باستحداث الدولة للبطاقية الوطنية للغشاشين، بموجب القرار المنبثق عن المادة 13 من قانون المالية التكميلي لسنة ,2006 لتعرج بعد ذلك على سلسلة الأحكام المتخذة برسم قانون المالية التكميلي لسنة ,2009 والتي بلغ عددها 10 أحكام تصب في مجملها في اتجاه تقوية وتحصين إجراءات الحماية من الممارسات الاقتصادية اللاشرعية وتشديد العقوبات على المخالفين للتنظيمات الوطنية المعمول بها في المجال الاقتصادي. وتتضمن هذه الإجراءات ما نصت عليه المادة 36 من قانون المالية التكميلي لسنة ,2009 حول منع أي توطين بنكي وكل تسوية جمركية بالنسبة لعمليات استيراد بضائع، في حال كان المتعامل لا يحوز على رقم تعريف جبائي، فيما شددت المادة 58 من نفس القانون على حماية الاقتصاد الوطني وتقليص حجم الواردات والتحويلات الخارجية من خلال حصر المزايا والإعفاءات لفائدة شراكة يحوز فيها الطرف الجزائري نسبة الاغلبية وكذا لاقتناء المنتوج المحلي. كما أقرت أحكام القانون المذكور في نفس المادة بإلزام كل شركة أجنبية تنشط في مجال الاستيراد وتتواجد بالجزائر، بإشراك أشخاص طبيعيين في رأسمالها بنسبة 30 بالمائة من الحصص، بينما تفرض المادة ال10 من نفس القانون ضرورة إجراء دراسة الوضعية الجبائية للمؤسسة الأجنبية قبل القيام بعملية تحويل أرباحها. ويمنع القانون من جانب آخر القيام بعمليات استيراد بموجب وكالة، ويعطي للإدارة الجبائية إمكانية اللجوء إلى شركات متخصصة لمراقبة البضائع قبل تسليمها إلى المصالح الجمركية. وفي سياق متصل؛ تمنح أحكام قانون المالية التكميلي لسنة ,2009 لمصالح المراقبة وحماية الاقتصاد الوطني الحق في إدراج مرتكبي المخالفات الخطيرة للتشريع والتنظيم الجبائي والبنكي والجمركي والمالي والتجاري والممتنعين عن الإيداع القانوني للحسابات الاجتماعية، ضمن البطاقية الوطنية للغشاشين التي تم استحداثها بموجب قانون المالية التكميلي ل,2006 مع إقرار عقوبات خاصة تسلط على مرتكبي المخالفات المسجلين في هذه البطاقية الوطنية. من جانب آخر، تم في قانون المالية التكميلي ل,2009 إدراج إجراء جديد للتعامل في مجال الاستيراد يشمل إلزامية دفع ثمن الواردات بواسطة القرض المستندي دون سواه، بينما تم في إطار تنظيم وتشجيع النشاط الزراعي إقرار عقوبات تطبق في حال تحويل المزايا الجبائية الممنوحة للفلاحين عن وجهتها. وفي إطار تعزيز هذه الإجراءات الجديدة لحماية الاقتصاد الوطني، تبنت الحكومة برسم قانون المالية التكميلي لسنة ,2010 أحكاما أخرى أكثر صرامة في مجال تطهير ومراقبة النشاط الاقتصادي، تضمنت على وجه الخصوص ما نصت عليه المادة 9 من قانون المالية التكميلي المذكور، من تطبيق صارم لعقوبات ردعية ضد الفوترة المزورة. كما قررت الدولة في إطار هذا التشريع، إلزام الشركات الأجنبية بالتقيد بقواعد توزيع الرأسمال الاجتماعي، على أساس حيازة المتعاملين الوطنيين المقيمين نسبة 30 بالمائة من رأس المال كأدنى حد، وذلك طبقا لتعديل القيد في السجل التجاري، المنصوص عليه في المادة 45 من قانون المالية التكميلي لسنة ,2010 فيما تم لأول مرة إدراج تحديد زمني لصلاحية السجل التجاري بالنسبة لبعض النشاطات الاقتصادية، وتخويل أعوان الرقابة صلاحية سحب السجل التجاري لفترة مؤقتة عقابا على أي انتهاك للتشريع المعمول به. وبغرض دعم وتشجيع الإنتاج المحلي أقرت الدولة بموجب المادة 23 من قانون المالية التكميلي لسنة 2010 رسما على نشاط استيراد القمح الصلب، يعتمد في حال كان سعر القمح المستورد أقل من السعر المعتمد لضبط السوق، بينما قررت وقف تصدير نفايات المعادن الحديدية والجلود الخام، وذلك طبقا للمادة 43 من القانون المذكور.