فتح المجال للاستماع إلى انشغالات الشباب الجزائري ونقل رسائله إلى كافة السلطات المعنية لتجسيدها على أرض الواقع.. هي القضية التي بدأ يتحرك بعض ممثلي الحركات الجمعوية من أجل خدمتها أملا، في خدمة الوطن من خلال التعاون على إزاحة العراقيل التي تولد العنف وتحدث الشغب في وسط هذه الشريحة، لاسيما في ظل تنامي خطر تأثيرات الشارع. يعرف واقع الشباب الجزائري عدة عقبات هي نتاج تراكم سلسلة من المشاكل، مارست ضغطا كبيرا عليه وانعكست سلبا على نفسيته وأخلاقه في غياب الوساطة التي يفترض أن تفتح له المجال لعرض أفكاره، وتطلعاته واقتراحاته. من هذا المنطلق تحدث العديد من ممثلي الحركة الجمعوية خلال لقاء نظمته جمعية ''أولاد الحومة'' مؤخرا لتبليغ رسالة مفادها أن الشباب هم الطاقة المحركة لعجلة للتنمية المجتمعية، ما يدعو إلى الاهتمام بهذه الشريحة الشريكة في عملية التنمية، وهو الأمر الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بإدراك المجتمع المدني وكافة السلطات لدور الشباب في دفع عجلة الازدهار.وفي هذا الصدد يرى رئيس جمعية ''أولاد الحومة'' عبد الرحمن برقي أن انتشار البطالة ضمن صفوف الشباب في الكثير من الأحياء، نتيجة قلة فرص العمل المتاحة، والكبت الذي ينجم عن قلة أماكن الترفيه، فضلا عن غياب التأطير في بعض المرافق المتاحة للتسلية، دفع بدوره إلى بروز ظواهر جديدة بين الشباب كالفساد الأخلاقي الذي يتجسد في انتشار تعاطي المخدرات، مبرزا أن مكافحة الظاهرة لا يجب أن تركز فقط على استهداف المستهلكين، إنما على مهربي السموم بالدرجة الأولى. وبرأي المتحدث فإن فهم واقع الشباب مرهون بالانطلاق من الأحياء لإعادة الاعتبار لهذه الفئة، وهو الدور الذي ينبغي أن تقوده السلطات المحلية باعتبار أن الجمعيات ليس لديها صلاحيات لصنع القرار.. وتساءل في هذا السياق عن أسباب عدم استفادة كافة الشباب من المشاريع التي تسطرها السلطة لصالحهم.. وقال بصريح العبارة: ''هناك شباب كثير لديه طاقات تخول له أن يكون فردا منتجا ومفيدا في المجتمع، لكن ما ينقصه هو برامج أساسها المعطيات الميدانية، ففي الواقع هناك فئتان من الشباب المتعلم وغير المتعلم، فإذا كان الشباب المتعلم قادرا على ممارسة بعض الأعمال المكتبية، فما مصير الشباب غير المتعلم، خاصة وأن التكوين المهني لا يمثل بالضرورة حلا للشباب الذي ينفر من الدراسة ويرغب في تعلم الحرف بدون تكوين؟''.وكان اللقاء فرصة للسيدة نادية دريدي رئيسة جمعية حماية المرأة والشباب للحديث عن مصير الباعة المتجولين الذين فقدوا مصدر رزقهم بموجب التعليمة الوزارية التي فرضت القضاء على الأسواق الموازية.. وجاء على لسانها: ''لماذا تمت العملية بصفة مباغتة بعد أن تغاضت السلطات عن الظاهرة لعشريات من الزمن، وما هو البديل؟''.. وعدة مشاركين ضموا صوتهم إليها ليؤكدوا أن القضاء على القطاع غير الرسمي أمر مهم لإعادة الاعتبار إلى البيئة، ولكن لا يجب أن يتم بطريقة غير مدروسة.وبصيغة استفهامية كذلك قال القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية نور الدين بن براهم لماذا لا يتم التدخل لحل مشاكل الشباب إلا بعد حدوث أعمال شغب؟.. فالشباب بحاجة إلى استجابة ملموسة، ذلك أن غياب الأطراف التي تستقبل رسائل الشباب يؤدي حتما إلى العدائية وسط الشباب، وما عنف الملاعب سوى عنوان صارخ لانسداد قنوات الحوار ولغياب الوسائل التي تنفس عن المكبوتات بعد أن أدى زحف الإسمنت إلى تحويل عدة فضاءات كانت مخصصة للترفيه عن الشباب والعائلات الجزائرية في سنوات الستنيات والسبعينيات إلى أغراض أخرى. واقترح القائد العام للكشافة على الحركة الجمعوية النزول إلى الميدان للتحاور مع هذه الشريحة ليتسنى الانتقال نحو مرحلة القضاء على مشاكل الشباب مثل البطالة، أزمة السكن واللاعدالة الاجتماعية لامتصاص السلبيات التي تؤدي إلى العنف.ومن جهته انتقد رئيس منشأة القصبة بلقاسم باباسي مسألة التأخر في النظر في مشاكل شباب الجزائر التي استقلت منذ 50 سنة، موضحا أنه حان الوقت لتدارك الوضع الذي أصبح ينذر بالخطر من خلال الاستجابة الفعلية لاحتياجات الشباب، على أن تكون الأولوية لهدف تخطيط استراتيجية تمتص البطالة. وتدعيمها بإنشاء خلايا استماع لتوجيه الشباب في أحيائهم للحيلولة دون تفجير الغضب بأعمال العنف.وفي هذا الإطار عرض تجربة منشأة القصبة التي تجسدت في فتح ورشات لتعليم شباب القصبة العوامل الأساسية لترميم العمارات تحت إشراف بعض التقنيين والوزارة المعنية والسلطات المحلية للمساهمة في الحفاظ على القصبة وخلق مناصب شغل في آن واحد-..