أثار خطاب الرئيس حسني مبارك ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء والذي أعلن فيه عدم ترشحه لفترة رئاسية جديدة وتعديل بعض مواد الدستور ردود أفعال داخلية متباينة بين من يعتبره التفافا على مطالب المتظاهرين ومن يراه صيغة تضمن الانتقال السلمي للسلطة. فقد رفضت جماعة الإخوان المسلمين التي تشكل أهم أقطاب المعارضة بقاء الرئيس مبارك في سدة الحكم إلى حين انتهاء عهدته شهر سبتمبر المقبل وقالت أن ''الشعب يرفض كل الإجراءات الجزئية المقترحة من قبل رأس النظام. ولا يقبل لرحيل النظام بديلا''. وأضاف ''أن إصرار النظام على المضي قدما في العناد والتصلب في رفض مطالب الجماهير يجعل الشعب بكل فئاته يرفض التفاوض مع من يريد الالتفاف حول انتفاضته ليجهضها ولا يستجيب لمطالبها''. وعلى غرار موقف الإخوان المسلمين الذين رفضوا ما جاء في الخطاب واعتبروه التفافا على مطالب الشعب وصف المعارض محمد البرادعي الخطاب ب''الخدعة''. وقال أن ما كان يريده الشعب المصري هو أن يتنحى الرئيس وبعد ذلك يتم الانتقال إلى مرحلة دستورية جديدة نافيا أن يكون تخلي مبارك عن الحكم يؤدي إلى فراغ في السلطة. وأضاف أن الشعب ''يستطيع أن يجد نظاما جديدا يحقق له الاستقرار''. من جانبها اعتبرت حركة كفاية أن التنازلات التي قدمها الرئيس ''غير كافية'' بالإضافة إلى أنه ''لم يقل صراحة أن نجله جمال لن يرشح لرئاسة الجمهورية كما أنه لم يوضح كيفية تعديل مادتي الدستور في الوقت الذي يوجد فيه أغلب أعضاء البرلمان الجديد مطعون في شرعيتهم''. وقال حسن نافعة القيادي في الحركة أن حديث مبارك عن رفض المعارضة للحوار ''يوحي بأن هناك اتجاها لاستخدام القوة''، مستبعدا في نفس الوقت استخدام الجيش للقوة. وعلى نقيض موقف الإخوان المسلمين وحركة كفاية جاء موقف حزب الوفد المعارض منحازا للرئيس مبارك بعدما أكد أمينه العام منير فخري عبد النور على ضرورة التعامل بقدر كبير من الحكمة مع خطورة الوضع الذي تمر به البلاد. وقال أن المطالب التي نادت بها المعارضة ''مشروعة'' لكنها ''غير عملية''، مبررا أن الدستور يضع كل السلطات في قبضة شخص واحد وهو رئيس الدولة، حيث أنه لا يمكن حل مجلسي الشعب والشورى أو إجراء استفتاء إلا من خلال الرئيس. وهي التصريحات التي قد تسقط هذا الحزب من المعارضة. ونفس التأييد للخطاب أبداه نقيب الصحافيين مكرم محمد أحمد الذي اعتبر أن الرئيس يستهدف انتقالا سلميا للسلطة داعيا لاستثمار هذه الفرصة لتحقيق مكاسب لتعميق الديمقراطية في مصر. وكان الرئيس مبارك أعلن في خطابه عن تعديل المادتين 76 و77 من الدستور والمتعلقتين بآلية الترشح لرئاسة الجمهورية. وهو ما جعل ملاحظين يعتبرون أن الخطاب ''مفخخ'' ويمكن أن يؤدي إلى ''تفجير'' المعارضة خاصة عندما يؤكد على تعديل هاتين المادتين دون الإشارة إلى المادة 88 الخاصة بالإشراف على الانتخابات. وأكد عدد من الخبراء والمعارضين على أهمية المادة 88 من الدستور الخاصة بالإشراف على الانتخابات، حيث رأى مؤسس حزب الكرامة حمدين صباحي أن عدم إشراف القضاة على الانتخابات يتيح تزويرها ويفرغ المادتين 76 و77 المستهدفة بالتعديل من مضمونهما. وقال أنه كان يتوقع أن يدعو الرئيس إلى جمعية وطنية تضع دستورا جديدا لا مجرد ترقيعه.