أكدت الجزائر وفرنسا أمس أن مشاريع الشراكة المنتظر تجسيدها بالسوق الجزائرية بلغت مرحلة متقدمة وستمكن من إنشاء أكثر من 20 ألف منصب شغل مباشر، ونفى الطرفان وجود عراقيل تحول دون تنفيذها. ورسمت زيارة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي المكلف بالتعاون الاقتصادي مع الجزائر السيد جون بيار رافاران الى الجزائر مجالات التعاون الثنائي في العديد من القطاعات وبخاصة في ميدان الصناعة، وسمحت جولته الثانية الى الجزائر منذ تعيينه في هذا المنصب شهر سبتمبر من العام الماضي في تحديد أكثر من مشروع شراكة سيتم تنفيذه بالجزائر. وعقد السيد رافاران أمس سلسلة لقاءات مع عدة وزراء في الحكومة من بينهم وزير الطاقة والمناجم السيد يوسف يوسفي ووزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار السيد محمد بن مرادي، وهو الأمر الذي سمح للجانبين الجزائري والفرنسي الى استعراض كافة المشاريع المطروحة للتفاوض، ومن ثم الانتقال الى مرحلة التجسيد. وذكر السيد بن مرادي في لقاء مع الصحافة أمس بإقامة الميثاق رفقة الوزير الأول الفرنسي الأسبق جون بيار رافاران ان كافة المشاريع التي تم تحديدها توجد في مرحلة متقدمة من التحضير بل ان البعض منها بلغ مرحلة التجسيد مثل مشروع افنتيس. وذكر الوزير ان تنفيذ مختلف تلك المشاريع سيسمح بإنجاز أكثر من 20 ألف منصب شغل مباشر. وهو ما أكده من جهته الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي الى الجزائر حينما قال ان مهمته اليوم كمكلف بالملفات الاقتصادية مع الجزائر هو إنعاش التعاون الثنائي من خلال مرافقة الجزائر في إقامة مشاريع اقتصادية في إطار الشراكة قادرة على خلق الثروة من جهة وتوفير مناصب شغل للشباب المحلي، موضحا ان المشاريع الثلاثة المتمثلة في مصنع إنتاج الايتان بأرزيو بوهران ومصنع رونو لإنتاج السيارات، ومصنع لافارج لإنتاج الاسمنت ستسمح بتوفير أكثر من 20 ألف منصب شغل، مؤكدا على ان باريس تحمل من خلال الديناميكية الجديدة التي تريد ادخالها على التعاون الثنائي مقاربة اقتصادية اجتماعية. وضمن هذا التصور أكد السيد بن مرادي للصحافيين ان المشاريع التي تم تحديدها من شأنها ان تساهم في دفع التعاون بين البلدين نحو الأمام، وأوضح ان الجزائر لديها برنامج تنموي ضخم وهي بحاجة الى مشاريع استثمارية من شركاء متعددين لمواجهة مشكل البطالة وتوفير مناصب عمل جديدة، وذكر ان الطرف الفرنسي يريد الاستجابة للرغبة الجزائرية من خلال تقدميه جملة من المقترحات لا تزال قيد الدارسة لكنها بلغت مرحلة متقدمة، وينتظر الشروع عما قريب في تجسيدها. وبالنسبة لوزير الصناعة فإن زيارة السيد رافاران تشكل فرصة للضغط على إدارتي البلدين وعلى مؤسساتهما لإيجاد أرضية اتفاق بينهما قصد الإسراع في تجسيد المشاريع التي تم تحديدها. واحتضنت إقامة الميثاق أمس ثلاثة لقاءات، الأول جمع ممثلين عن وزارة الطاقة والمناجم وشركة طوطال الفرنسية للتباحث حول مشروع انجاز مصنع الايتان، والثاني جمع ممثلين عن رونو الفرنسية وشركات جزائرية، وثالث بين لافارج الفرنسية ومؤسسات جزائرية. وبهذا الخصوص أكد السيد بن مرادي ان المفاوضات تسير في الاتجاه الصحيح وبلغت مرحلة متقدمة سواء بالنسبة البيتروكمياء أو الاسمنت أو صناعة السيارات. وقال ''لدينا ملفات عرفت تقدما وسيتم في المستقبل دراسة بعض المقترحات الأخرى تقدم بها طرف الشريك الفرنسي''. وذكر ان المسار الذي اتخذته المفاوضات بين شركات البلدين حول المشاريع المذكورة يشكل مؤشرا إيجابيا، ويفتح المجال أمام تعميق التعاون الاقتصادي بين البلدين أكثر من خلال إقامة مشاريع استثمارية في إطار الشراكة. وقلّل الوزير من العراقيل التي يتم إثارتها حول تنفيذ بعض المشاريع، وأوضح أن عدد المشاريع لا ينحصر في الثلاثة المذكورة بل عددها يتجاوز العشرة وتخص العديد من المجالات. واعترف في هذا السياق بوجود بعض العراقيل لكنها -كما قال- لم تؤثر على إرادة الطرفين في تجسيدها كون العديد من الإجراءات تم اتخاذها قصد تجاوزها وهو ما حدث بالفعل بالنسبة لعدد منها. وحول هذا الملف بالضبط المتعلق بالعراقيل قال السيد رافاران ''انا لدي الثقة الكاملة بخصوص مسار المفاوضات حول المشاريع المقترحة فهناك بعض الخلافات والعراقيل التي تم معالجتها وبعض الملفات تم إنهاء المفاوضات بشأنها''. وأكد ان المفاوضات بين الجانبين حول المشاريع الثلاثة بلغت مرحلة متقدمة، وتم قطع شوط معتبر في طريق انجازها. وأكد انه سيعمل شخصيا على إزالة كافة العراقيل التي تعيق عملية التجسيد، وبذلك تحقيق الأهداف المنتظرة وعلى وجه الخصوص توفير مناصب شغل جديدة. ميترو الجزائر يتحرر وتحدث الجانبان في هذا الإطار عن مشروع ميترو الجزائر وأكد السيد بن مرادي أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح ''ونعمل على تجاوز كافة العراقيل التي تعيق استكمال المشروع، حيث شرع الفريق الذي يقوم بالوساطة في عمله وسينتهي منه مع نهاية الشهر الجاري وسيتم تقديمه للسلطات العمومية للفصل فيه نهائيا''. ومن جهته أشاد السيد رافاران بالإجراءات التي اتخذتها السلطات الجزائرية لإزالة العقبات التي تقف في وجه تنفيذ المشروع، سواء تعلق الأمر بتنصيب فريق الوساطة أو معالجة ملف تسيير الميترو، الشيء الذي مكّن من استئناف الأشغال وتم تسليم كافة التجهيزات الضرورية. وتعهد المسؤول الفرنسي بأن يوظف كل ثقله لدى الطرف الفرنسي حتى يتم تشغيل الميترو قبل نهاية العام الجاري. أما بالنسبة لمشروع الايتان فقد أوضح المسؤولان ان المفاوضات قد تستغرق وقتا بالنظر الى حجم المشروع الذي تصل تكلفته 5 ملايير اورو، وأضاف السيد بن مرادي ''لا تنتظروا ان يتم الفصل في هذا المشروع خلال اجتماعات للخبراء بل يتم ذلك بين الدولتين، كون مشروع بهذا الحجم هو بحاجة الى تعميق الدراسة بخصوصه... لكن المهم ان البلدين قررا الذهاب نحو تجسيده وهو نفس الموقف بخصوص مشروع لافارج''. وبخصوص ملف إنشاء مصنع للسيارات أشار وزير الصناعة الى ان الملف يعرف تقدما ملحوظا، وان الطرف الفرنسي قبل بالشروط الجزائرية بخصوص ملف التسويق وإدماج مؤسسات وطنية في المشروع. وأشار الى ان الجزائر تريد ادماج الصناعة الجزائرية في مشروع رونو وذلك بنسبة 50 بالمائة، وهو الشرط الذي لقي قبولا من طرف ممثلي الشركة وهو ما سمح بإحراز تقدم في المفاوضات. وأضاف ان رونو تسلمت أمس فقط قائمة ب50 شركة جزائرية تستفيد حاليا من برنامج عمومي لإعادة الهيكلة قصد إدماجها في المشروع وكلها مختصة في إنتاج المواد التي تستخدم في صناعة السيارات مثل الزجاج والمطاط. ولم يستبعد ان تقوم الجزائر بعقد اتفاقات مع مصنعين آخرين للسيارات لإنشاء مصانع بالجزائر، مؤكدا ان الأمر لا يتعلق بالمنافسة بل بحاجة الجزائر إلى تطوير هذه الصناعة فوق أراضيها بالنظر الى الطلب المحلي المتزايد بحيث تستورد سنويا 250 ألف وحدة. وعلى صعيد آخر نفى الوزير أن تكون الإجراءات الجديدة المتخذة من طرف الدولة سواء القانون الخاص بالاستثمار الذي يمنح للطرف الجزائري حق امتلاك 51 بالمائة من المشروع او تدابير قانون المالية لسنة 2009 هي التي تقف وراء العراقيل التي تعترض بعض المشاريع الفرنسية بالجزائر، مؤكدا ان هذا الجانب لم يتم طرحه سواء من الطرف الفرنسي أو من قبل دول أخرى. وعلى صعيد آخر أكد السيد رافارن للصحافيين أمس انه سيقوم بزيارة ثالثة الى الجزائر يومي 30 و31 ماي القادم لإجراء تقييم شامل حول المشاريع التي تم تحديدها، وإعطاء دينامكية جديدة لهذا التعاون من اجل التوصل الى إقامة ''منتدى للشركات الصغيرة والمتوسطة''. ومن جهة أخرى رفض السيد رافاران الخوض في موضوع الإجراءات الجديدة المفروضة على رجال الأعمال الجزائريين الراغبين في الحصول على تأشيرة الدخول للتراب الفرنسي، مؤكدا أن هذا الملف يتم معالجته بالتنسيق بين الحكومتين.