كشف وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مصطفى بن بادة، عن شروع الحكومة منذ حوالي عام ونصف في دراسة ملف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني من صعوبات تهدد وجودها، مشيرا إلى أن الوضع الذي تعيشه هذه المؤسسات يثير انشغالا حقيقيا لاسيما مع تواصل الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية· ويوجد هذا الملف على طاولة الحكومة التي تأمل في إيجاد الحلول المناسبة لهذا الإشكال بما يسمح لهذا النوع من المؤسسات الجزائرية، أن تعمل في إطار ومناخ أكثر ملاءمة لحياتها ولبقائها وسط منافسة مدعوة لأن تزداد عاما بعد آخر· هذه المنافسة ليست ناتجة فقط عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي لم تصل بعد إلى حد تهديد الإنتاج الوطني، ولكن تعود بالخصوص الى حركة الاستيراد الكبيرة للسلع الأجنبية التي تتدعم عاما بعد آخر بفعل الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية تطبيقا للإجراءات التي ينص عليها اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي الذي دخل عامه الثالث· وبالنسبة لابن بادة الذي كثيرا ما تحدث عن المشاكل والعراقيل التي يعشها القطاع، فإن أهم المعوقات التي تهدد حياة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر هي "الخدمات المالية" · ويعني ذلك تجديد الاتهام للبنوك على أنها المعرقل الرئيسي للإستثمار ببلادنا· وقدرت الأرقام التي قدمتها وزارة بن بادة عدد المؤسسات التي تموت بسبب عجزها عن المنافسة بحوالي 3000 سنويا مقابل وتيرة متوسطة لإنشاء مؤسسات جديدة تقدر بحوالي 17 ألف سنويا وهي الأرقام التي وإن دلت على حركية جديدة في هذا القطاع إلا أنها بعيدة عن جعل هذا الأخير رافدا للإقتصاد الوطني· فمن خلال وضعها لإجراءات جديدة داعمة لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لاسيما إنشاء صندوق لضمان القروض ووكالة لتأهيل المؤسسات بميزانية قدرها مليار دج سنويا وكذا برنامجا لإعادة تأهيل المؤسسات بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي·· تسعى الحكومة في أن تجعل من هذا القطاع على غرار ماهو معمول به دوليا المحرك الرئيسي للاقتصاد من خلال توفيره لعدد هام من مناصب العمل وبالتالي إنتاجه للثروة مما يُدعم صادرات الجزائر خارج المحروقات· لكن يبدو أن هذا الهدف مازال بعيد المنال والسبب الرئيسي يبقى غياب الدور الحقيقي للبنوك في المعادلة حسب تصريحات المسؤولين في كل مرة رغم الجهود المبذولة لإصلاح النظام المصرفي· واستنادا إلى تصريحات سابقة لابن بادة فإن أصابع الاتهام توجه خصوصا إلى البنوك الخاصة ومنها البنوك الأجنبية التي لها فروع بالجزائر· فهذه الأخيرة لا تمول الاقتصاد الوطني إلا بنسبة ضئيلة تقدر بحوالي 9 بالمائة مقابل أكثر من 91 بالمائة للبنوك العمومية· وربما إدراكا منه لهذا الواقع عبّر المجمع المصرفي الفرنسي للبنك الشعبي وفرعه "الشركة الفرنسية لتأمين قروض التصدير" مؤخرا عن أملهما في تعزيز التعاون مع المؤسسات الجزائرية وإدراج منتوجات مصرفية جديدة من أجل تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالخصوص· وهو ما تم النظر إليه بعين الرضى من طرف بعض المختصين الذين يرون في إقحام البنوك الأجنبية في عملية منح القروض للمؤسسات أمرا هاما من باب أنه ليس معقولا أن تفتح بنوك عالمية فروعا لها بالجزائر لتقديم قروض استهلاكية· وحسب ما أكده رئيس المجمع ورئيس الهيئة المديرة لبنك ناتيكسيس فيليب دوبون ورئيس كوفاس فرانسوا دافيد بوهران، حيث إلتقوا برؤساء مؤسسات صغيرة ومتوسطة بالمنطقة، فإن هناك نية لاستحداث "نظام مصرفي جواري بالجزائر بالتعاون مع المؤسسات الجزائرية" على غرار ما يوجد في فرنسا· *