تحديد الواقع الاحصائي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والعقبات التي تقف في وجه تعريف متجانس وموحد ودقيق ومفهوم لدى الجميع من اجل تحديد سياسات دعم واضحة لهذا القطاع، كان الهدف الرئيسي لتنظيم ورشة دولية حول نظام الاحصاء لديمغرافية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أمس في الجزائر بحضور خبراء وطنيين واجانب· وتم بالمناسبة عرض النظام الاحصائي الجزائري الذي تشرف عليه عدد من المؤسسات التي بدورها تستقي معلوماتها من مصادر مختلفة، وكذا النظام الاحصائي لديمغرافية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتعامل به حاليا والذي وصف ب"الانتقالي الذي يشوبه غياب الاندماج الكلي مع بقية المنظومات الاعلامية للقطاعات الاخرى" · وبالفعل اعترف وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية مصطفى بن بادة بوجود مشكل حقيقي لاحصاء مؤسسات القطاع يعود أساسا لكون هذه الأخيرة تتوزع في واقع الأمر على عدة فروع وبالتالي عدة قطاعات، من هنا دعا إلى إنشاء نظام وطني للإحصاء يكون شاملا للإحصاءات القطاعية· كما دعا إلى اعتبار عدد من المؤسسات العاملة في مجال الخدمات كالعيادات الطبية الخاصة ومكاتب المحاماة والمحضرين القضائيين كمؤسسات صغيرة ومتوسطة للسماح لها بالاستفادة من برنامج التأهيل لاسيما بعد ان أبدت بعضها اهتمامها به، وكشف في السياق عن تنظيم ملتقى بوهران لاحقا لطرح هذا الإشكال "هل العيادات الطبية مؤسسات صغيرة ومتوسطة؟" · لكن الدعوة إلى تحسين نظام الإحصاء لايعني حسب بن بادة اعادة النظر في القانون الاساسي لهذه المؤسسات بل يعني اعادة النظر في تعريفها من اجل مزيد من الدقة باخذ عدد من العوامل بعين الاعتبار منها عدد العمال وفروع النشاط وهو مايتم القيام به في اطار الورشة المفتوحة لمراجعة القانون التوجيهي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويسمح تحديد تعريف واضح لماهية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتحديد سياسات دعم دقيقة وكذا سياسات مراقبة ومتابعة فعالة لهذا القطاع الذي يساهم بحوالي 80 بالمائة من الناتج الداخلي الخام خارج المحروقات· واعتبر بن بادة أن الموضوع المطروح للنقاش في الورشة يكتسي اهمية استراتيجية باعتبار ان اقامة نظام متين للاحصاء يسمح باستشراف المستقبل وببناء "أسس لوظيفة اليقظة الاستراتيجية" التي من شأنها توفير رؤية واضحة لدى المتعاملين الاقتصاديين·كما ان وجود نظام إعلامي اقتصادي فعال يمكن كما اضاف- من "تحديد نجاح او فشل السياسات أو الاستراتيجيات" · وحدد الوزير العوائق التي تقف أمام وجود نظام احصائي دقيق في اربعة عوامل هي: عدد متزايد وغير متجانس من الفاعلين الاقتصاديين وقوانين اساسية مختلفة وطلب متزايد ومتنوع في مادة الإعلام والتكوين اضافة الى الافتقار لهيئة أو مؤسسة تجمع وتحلل المعلومة الاقتصادية الخاصة بالقطاع· هذا الوضع جعل الفاعلين الاقتصاديين يقرون بأن "الاليات المتوفرة لاتسمح بقراءة جيدة لديناميكية تطور ديمغرافية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والاستقاء لتطورها المستقبلي مما يؤدي الى عدم وضوح الرؤية المستقبلية لتطور المؤسسة الجزائرية" حسب بن بادة الذي اكد ان المعلومات المتوفرة حاليا سمحت بانتاج احصاء قوي كما وليس نوعا· ولهذا شدد على ضرورة تطوي النظام الاعلامي، الاقتصادي والاحصائي بهدف انشاء "قاعدة اعلامية موثوقة ومحينة" · للعلم فإن وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية التي تصدر دوريا نشرية حول نتائج القطاع تعتمد في جمع معلوماتها الاحصائية على عدد من المؤسسات اهمها: المركز الوطني للسجل التجاري والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وصندوق التأمين لغير الاجراء وادارة الضرائب والديوان الوطني للاحصاء اضافة الى ادارة الجمارك واقترح بن بادة جملة من الاجراءات لتحسين النظام الاحصائي الخاص بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من بينها اعادة النظر في مفهوم هذه المؤسسات على ضوء التجارب الدولية، للاشارة تم عرض تجارب عدد من الدول خلال الورشة منها فرنسا وتونس والمانيا والمغرب واسبانيا، وتبني مرجعية وطنية لتصنيف المؤسسات وفق قطاع النشاط، وتحديد دقيق لمصادر المعلومات المتخصصة واعداد مدونة لتعريف مختلف المؤسسات· على صعيد اخر، قال مصطفى بن بادة في ندوة صحفية عقدها على هامش اشغال الورشة ان ملف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني من صعوبات مالية يوجد على طاولة الحكومة وانه يتم حاليا التفكير في ايجاد حلول لهذا الملف باعتماد صيغة "حالة بحالة"، مشيرا الى انه من بين الاقتراحات المقدمة للحفاظ على هذه المؤسسات الغاء جزء من ديونها· وتتم حاليا المشاورات مع الاطراف المعنية لاسيما وزارة المالية ومنظمات الباترونا وجمعية مهنيي البنوك والمؤسسات المالية· كما اشار الى ان معدل انشاء هذا النوع من المؤسسات يتراوح بين 17 و24 الف سنويا فيما يقدر معدل وفاة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والذي يشمل حالات تغيير النشاط حوالي 2000 مؤسسة سنويا·