انطلقت أمس بفندق الأروية الذهبية أشغال ندوة وطنية نظمها المجلس الأعلى للغة العربية بعنوان »التخطيط اللغوي في الجزائر: اللغات ووظائفها« بحضور أساتذة من عدة جامعات ومعاهد الترجمة ومراكز البحث المختصة في اللسانيات والتخطيط وكذا حضور محاضرين من تونس والمغرب. تمحورت الأشغال حول عدة محاور منها »التخطيط اللغوي المفهوم والأهداف« و»الخريطة اللسانية في الجزائر بعد الاستقلال« و»اللغة ومشروع النهضة والتنمية الوطنية« الجلسة العلمية ترأسها البروفيسور عبد الرحمن حاج صالح رئيس مجمع اللغة العربية بالجزائر الذي نوه بموضوع الندوة الذي يشكل أهمية قصوى تستدعي الدراسة والبحث مشيرا الى أن الدول المتقدمة تقوم بشكل دائم بعملية إثراء للغتها وغالبا ما يكون ذلك عبر المجامع والمؤسسات العلمية أما في الدول غير النامية فإن عملية اثراء اللغة تتم من طرف العلماء أنفسهم وكذا أهل الصناعات والمخترعون وكلهم يكيفون اللغة بطريقتهم. أشار المحاضر الى أن المعجم عليه ان يتجدد بشكل دائم تماشيا وتجدد الحياة والعلوم والفنون وهنا توقف المحاضر عند لغة الضاد الذي اكد بشأنها أنه لولا القرآن الكريم لاضمحلت في عصرنا نتيجة تراجع وتخلف أهلها، أي أن قيمة اللغة هي فيما تنقلها من إبداع أهلها، كما توقف المحاضر مطولا عند دور الجانب التشريعي في اللغة والذي رآه في بلادنا غير منظم إضافة الى ان المجامع تعمل بكيفية منفردة الأمر الذي وصفه بالكارثة. من بين المحاضرين في الجلسة الصباحية الدكتور عبد العلي الود غيري من جامعة الرباط بالمغرب الذي تحدث عن علاقة التنمية بالزمن الثقافي، مشيرا إلى شروط تحقيق هذا الأمن وانعكاساته الايجابية على المجتمع والتنمية وكيف يمكن أن يكون للغة الوطنية دور أساسي في تحقيق كل ذلك. أما الدكتورة سعيدة كحيل من جامعة عنابة فأكدت على ضرورة إعادة تقييم فعل التخطيط اللغوي بالجزائر. كما ألقى الدكتور محمد العربي ولد خليفة رئيس المجلس الأعلى للغة العربية مداخلة تركزت حول مفهوم وأهداف التخطيط اللغوي الذي هو من المباحث الحديثة في اللسانيات الاجتماعية، داعيا الى ضرورة إصلاح اللغة من حيث المتن والتركيب ووضع قواميس ومعجم تاريخ خاص للعربية وإثراء رصيدها العلمي والتكنولوجي وتوليد المفردات التقنية وتغذيتها عن طريق ترجمة مستجدات العلوم والفنون والآداب. للإشارة فقد ناقشت الندوة أيضا التي ستختتم أشغالها اليوم، المسألة اللغوية في الجزائر التي تبدو أكثر تعقيدا مما هي عليه في الجوار المغاربي والعربي بسبب محنة الاستعمار الاستيطاني الطويل وما خلفته سياسته الإجرامية من جروح في الذاكرة الجماعية وفي الواقع اللساني المجتمعي، علما أن الدولة الجزائرية منذ إعادة تأسيسها وخلال عقود قامت بسن العديد من القوانين والتشريعات لإعادة العربية إلى مكانتها كلغة وطنية ورسمية.