توالت هذه الأيام زيارات المسؤولين الأمريكيين رفيعي المستوى الى المنطقة العربية واسرائيل والضفة الغربية تحديدا بمزاعم بعث الروح في مسار السلام المتعثر منذ ثماني سنوات·وتعاقب دايفيد وولش مساعد وزير الخارجية الأمريكية المكلف بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ثم ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي على المنطقة في انتظار وصول وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الأسبوع القادم في مهمة تكاد تكون واحدة، مراقبة الأوضاع الشرق الأوسطية عن كثب وإملاء وجهة النظر الأمريكية على عواصم المنطقة· ففي وقت لم يعد فيه ديك تشيني الى بلاده بعد جولته الى المنطقة فقد أعلن عن شروع كوندوليزا رايس هذا الأسبوع في جولة مماثلة أخرى "بهدف بعث محادثات السلام"· وتأتي جولة رايس الجديدة، ثلاثة أسابيع فقط بعد جولة شدت الرحال خلالها الى معظم العواصم العربية واسرائيل، استشعرت خلالها مواقف مسؤوليها حول العديد من القضايا المطروحة على الساحة بدءًا بمفاوضات الفلسطينيين والاسرائيليين الى الأوضاع في العراق والموقف من إيران ووصولا الى القمة العربية ولكن أيضا الأزمة السياسية في لبنان· ورغم أن الظاهر من الزيارة يبقى مسألة تفعيل عملية السلام إلا أن المؤكد أن رايس تحركت أياما فقط قبل انعقاد القمة العربية بدمشق نهاية الشهر الجاري· وليست هذه المرة الأولى التي تتحين فيها وزيرة الخارجية الأمريكية موعد انعقاد القمة العربية للقيام بجولات مماثلة الى مختلف العواصم العربية في مهام للضغط وتوجيه المناقشات داخل اجتماعات القمة العربية· وسبقت السلطات السورية هذه الزيارة بتوجيه اتهامات مباشرة باتجاه الولاياتالمتحدة بالتشويش على القمة العربية والعمل على إفشالها· وكانت بدوادر هذا المسعى بدأت يوم قررت الولاياتالمتحدة ارسال البارجة المدمرة "تو· أس أس· كول" الى قبالة الشواطئ اللبنانية وإعتبرت دمشق ذلك بمثابة تهديد لها ومسعى للتشويش عليها وتخويفها على خلفية الأزمة السياسية المحتدة في لبنان وعشية انعقاد القمة العربية في دمشق· ويجد هذا الطرح صدقيته من منطلق أن الادارة الأمريكية من مصلحتها أن تفشل دمشق في جمع القادة العرب جميعهم حول طاولة مباحثات واحدة ويهمها أكثر عدم توصلهم الى توحيد مواقفهم حول القضايا التي تشغل الرأي العام العربي حتى فوت على دمشق لعب أي دور علي الساحة العربية· ولاتفوت واشنطن أية فرصة لتحميل دمشق مسؤولية مايشهده لبنان من احتقان سياسي وتدعيمها لما تسميهم بالمنظمات الارهابية في اشارة الى حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني، والأكثر من ذلك اتهامها باقامة حلف استراتيجي مع إيران الشيعية على حساب مصالح الدول العربية المناهضة لها في المنطقة· بدعوى سعي طهران لإقامة هلال شيعي ينطلق من طهران ووصولاً الى دمشق عبر جنوب لبنان· ولذلك فإنه لايجب انتظار أن تأتي رايس بأي جديد خلال زيارتها القادمة بل أن الخوف كل الخوف أن يكون مقدمها سببا في تعكير أجواء العلاقات العربية العربية المتدهورة أصلاً على عدة محاور!