أجمع المخرجون الجزائريون أوّل أمس على ضرورة عودة دعم الدولة لقطاع السينما وذلك على امتداد خمس سنوات على الأقلّ كمرحلة انتقالية يستطيع خلالها القطاع النهوض من جديد والاعتماد على نفسه في التمويل · وأكّد المخرجون خلال مشاركتهم أوّل أمس في النقاش حول إشكالية التمويل في السينما الجزائرية والذي فتح في إطار اليوم الدراسي الذي استعرض "الوضع الراهن في قطاع السينما" تحت إشراف "جمعية المخرجين المحترفين الجزائريين" بقاعة "فرانز فانون" على هامش فعاليات تظاهرة "بانوراما السينما"، أنّ تدخّل الدولة في هذه المرحلة لا بديل له إذا ما أريد فعلا النهوض بالقطاع وبعثه من رماده، ذلك لأنّها الوحيدة القادرة على تنظيم القطاع تجهيزه وتمويل الأعمال · لكن وبالمقابل رفض المشاركون عودة سيطرة الدولة المطلقة على القطاع لا سيما على الإنتاج والتوزيع مؤكّدين أنّ دور الدولة لابد أن يتركز على إنشاء الهياكل الضرورية لتطوير القطاع كمخابر تحميض الأفلام واستوديوهات التصوير وكذا اقتناء العتاد الضروري في الصناعة السينمائية ( من الكاميرا إلى الرافعة ) إلى جانب فتح قاعات سينما بمقاييس حديثة بالإضافة إلى توّلي أمر تمويل الأعمال··· وفي انتظار أن تتحقّق كلّ تلك الأحلام، قدّم رئيس "جمعية المخرجين المحترفين الجزائريين" المخرج بلقاسم حجاج مجموعة من الاقتراحات البديلة التي من شأنها - في اعتقاده - المساهمة في تمويل الأعمال السينمائية والدفع بعجلة الإنتاج السينمائي، والتي تقوم في مجموعها على عملية التحسيس والتوعية، محمّلا مسؤولية ذلك للمخرجين والمشتغلين في القطاع، وأشار في سياق متصل أنّ القوانين التي يسير عليها القطاع والتي أخذت على "العميان" دون تمحيص أو دراسة من القانون الفرنسي، تضع العديد من الحواجز والعقبات في طريق المخرجين لاسيما تلك القوانين التي تسيّر "صندوق الدعم السينمائي" · ومن بين الاقتراحات التي قدّمها حجاج محاولة إشراك السلطات المحلّية في تقديم جزء من الدعم لإنتاج الأفلام باعتبار أنّ تصوير الفيلم في أي مدينة أو بلدية هو شكل من أشكال بعث الحياة فيها اقتصاديا ثقافيا وحتى سياحيا، هذا إلى جانب ضرورة إقناع الشركات الكبرى على غرار "سونلغاز" و"سونطراك" ··· وغيرها من المؤسّسات التي تهتمّ اليوم بالجانب التسويقي للمشاركة في الإنتاج السينمائي، وكذا متعاملو الهاتف النقال الذين يجب أن تتجاوز مشاركتهم مجرّد الدعم إلى التمويل· كما اقترحت جمعية المخرجين المحترفين على لسان بلقاسم حجاج مجموعة من أشكال التمويل الأخرى التي بإمكانها المشاركة في دعم الإنتاج كتخصيص نسبة معينة من الدعم من طرف وزارة الشبيبة والرياضة، تقدّم للأعمال التي تتناول قضايا الشباب أو وزارة المجاهدين بالنسبة للأعمال التاريخية، وكذا وزارة السياحة بالنسبة للأعمال التي فيها ترويج سياحي ··· كما دعا مخرج فيلم " المنارة" إلى ضرورة إيجاد طرق لإشراك البنوك في عملية الإنتاج من خلال تسهيلها لعملية القروض الموجّهة للأعمال الفنية التي يجب أن تعامل حسبه بصيغة خاصة، داعيا في نفس السياق إلى ضرورة تغيير الصيغة التي تتعامل معها وزارة المالية مع قطاع الثقافة بشكل عام · وفي هذا الإطار أشارت السيّدة منعة ممثلة وزارة المالية إلى أنّه على وزارة الثقافة أن تقدّم برنامجا واضحا ومفصّلا تحدّد من خلاله الأولويات وكذا التكاليف التي يحتاجها كل مشروع ومن ثمّة يمكن الحديث عن صيغ التمويل، مضيفة أنّ ما قدّمته وزارة الثقافة حتى الآن هو عبارة عن مخطّط عام خال من التفاصيل· ومن جهته عبّر المخرج لمين مرباح عند حديثه عن إشكالية التشريع في قطاع السينما عن استيائه من الخطوات اللامدروسة التي اعتمدتها وزارة الثقافة في هذا القطاع، مؤكّدا أنّه كان على هذه الأخيرة إعادة النظر في القوانين الموجودة و صلاحها وخاصة تطبيقها قبل أن تفكّر في البحث عن وضع مشروع قانون جديد، كما أنّه كان عليها إيجاد مؤطريين ومختصين قادرين على تسيير مركز السينما قبل إعادة بعثه من جديد لتحمّله ما لا طاقة له به، وهو نفس الشيء بالنسبة ل120 قاعة سينما التي تسعى إلى استعادتها وزارة الثقافة، وقال "لابدّ أن تفكّر أولا في من سيسيّر هذه القاعة، و غير ذلك هو تكرار لنفس الأخطاء التي ارتكبت فيما مضى"· يذكر أنّ جمعية المخرجين المحترفين الجزائريين التي أنشأت مؤخرا تحت رئاسة بلقاسم حجاج ولمين مرباح كنائب رئيس، دحمان أوزيد مسؤولا للخزينة، هي جمعية مستقلة خاصة بالمخرجين، تضمّ اليوم 65 مخرجا·