كثفت السلطة الفلسطينية من مساعيها الدولية استعدادا للتوجه شهر سبتمبر المقبل إلى الأممالمتحدة لطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة القائمة على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية.ويأتي التحرك الفلسطيني وسط فتور أمريكي إزاء الفكرة بدعوى عدم اتخاذ خطوات منفردة قد تبدد فرص التوصل إلى تسوية سلمية. وهي الحجة التي من المتوقع أن يتضمنها خطاب الرئيس الأمريكي باراك اوباما اليوم بمناسبة ما أصبح يعرف ''بالربيع العربي'' في إشارة إلى الثورات الشعبية التي عصفت ولا تزال بأنظمة عدد من الدول العربية وأدت إلى إسقاط النظامين المصري والتونسي. وتؤكد كل المؤشرات أن خطاب الرئيس الأمريكي لن يلقى هذه المرة نفس درجة الاهتمام العربي والإسلامي الذي حظي به خطابه بالقاهرة في الرابع جوان عام 2009 بعدما أثبتت الأيام أن ما تضمنته وعوده الوردية لشعوب العالمين العربي والإسلامي لم تكن في الحقيقة سوى ذر للرماد ومحاولة أمريكية لاحتواء غضب شعوب المنطقة من السياسة الأمريكية التي خلفها سابقه جورج بوش. وحتى الطرف الفلسطيني الذي راهن كثيرا على المساعي الأمريكية في إنصاف قضيته أدرك تلك الحقيقة في ظل فشل الولاياتالمتحدة في احتواء صراعه مع إسرائيل بسبب انحيازها المفضوح إلى جانب حكومات الاحتلال. وأدرك الفلسطينيون انه لا جدوى من انتظار الوعود الأمريكية لإقامة دولتهم خاصة وأن واشنطن لم تعد قادرة حتى على إقناع إسرائيل بوقف الاستيطان الذي شكل اكبر عقبة أمام استئناف مفاوضات السلام. وازدادت قناعة الفلسطينيين بضرورة الاعتماد على أنفسهم في استرجاع حقوقهم المهضومة بعد أن قدم جورج ميتشل الموفد الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط استقالته موقعا بذلك على وثيقة الفشل الأمريكي في احتواء صراع أثبتت التجارب أنه اكبر من إمكانيات الإدارة الأمريكية. وهو ما جعل الفلسطينيين يصرون على الذهاب إلى الأممالمتحدة كخيار متاح أمامهم لإخراج قضيتهم من دائرة الحسابات الضيقة لإسرائيل والولاياتالمتحدة. ورغم الاحتمالات الكبيرة باستخدام الولاياتالمتحدة لحق النقض داخل مجلس الأمن الدولي فإن الطرف الفلسطيني مصر على طرح الفكرة على اجتماع الجمعية العامة الأممية شهر سبتمبر المقبل باعتبارها هيئة لا تحتاج لا لحق النقض من اجل إعاقة تمرير لائحة ما ويكفي التصويت بالأغلبية للمصادقة عليها. ولأجل ذلك شرعت السلطة الفلسطينية في حملة لتوضيح موقفها للمسؤولين الأمريكيين حيث التقى الرئيس محمود عباس أمس باثنين منهم في رام الله بالضفة الغربية وهما كل من جيمس ستنبارغس مساعد كاتب الدولة الأمريكية وجيفري فلتمان مسؤول كاتب الدولة المكلف بالشرق الأوسط. واطلع الرئيس عباس المسؤولين الأمريكيين على اتفاق المصالحة الموقع بين حركتي فتح وحماس مؤخرا والذي أنهى أربع سنوات من الانقسام داخل البيت الفلسطيني. وجاءت زيارة المسؤولين الأمريكيين عشية زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى واشنطن نهاية الأسبوع والتي استبقها بمحاولة تشويه اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي لم تستسغه حكومة الاحتلال بزعم أن ''الحكومة التي تضم حركة المقاومة الإسلامية ''حماس'' لا يمكن أن تكون شريكا للسلام مع إسرائيل''. ثم أن نتانياهو الذي يحاول اللعب على وتر السلام زعم مجددا انه مستعد لتحقيق هذا الخيار مع السلطة الفلسطينية لكنه أكد في الوقت نفسه رفضه الانسحاب من القدسالشرقية وغور الأردن وعودة اللاجئين وطالب الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية إسرائيل. وهي الشروط التي سارعت السلطة الفلسطينية إلى رفضها وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسمها أنها ''شروط مسبقة غير مقبولة ومرفوضة لأن السلام يتطلب أن تكون القدسالشرقية عاصمة لدولة فلسطين وحل كافة قضايا المرحلة النهائية على طاولة المفاوضات ووفق الشرعية الدولية وخطة خارطة الطريق''. ولأن الخطوة الفلسطينية التي تسعى إلى بلوغها تحتاج إلى دعم دولي واسع فإن الطرف الفلسطيني واصل مساعيه لدى عديد الدول من اجل افتكاك المزيد من الاعترافات بالدولة الفلسطينية. وفي هذا السياق أعلن نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومفوض علاقاتها الدولية أن جمهورية سلوفينيا تعهدت بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة قبل سبتمبر المقبل. كما أكد وزير خارجية جمهورية المالديف أحمد نسم أمس برام الله دعم بلاده للقيادة الفلسطينية وسعيها لتحقيق السلام العادل في المنطقة من خلال قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وكان عدد من دول أمريكا اللاتينية مثل فنزويلا اعترفت بالدولة الفلسطينية المستقلة القائمة على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية في خطوة تزيد من تقوية الموقف الفلسطيني وتضع إسرائيل ومعها الولاياتالمتحدة أمام الأمر الواقع.