أوباما يدعم الشعوب العربية المنتفضة ويتوعد الأنظمة الرافضة للتغيير لم يحمل خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما أول أمس باتجاه الشرق الأوسط وباتجاه ما أصبح يعرف بربيع الثورات العربية أي جديد يذكر بعدما أبقى على نفس السياسية الأمريكية الخارجية إزاء المنطقة مع تغيير في المفردات فقط. وحاول الرئيس الأمريكي في خطابه ركوب موجة التغيير التي شهدتها ولا تزال تشهدها بلدان عربية عديدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بما يتماشى ومصلحة بلاده، فاستغل لغة التخويف باتجاه الأنظمة العربية التي ترفض التغيير ووعد بسخاء مالي للأنظمة التي أنجزت التغيير. وهو يحاول إقناع الشعوب العربية بأن الولاياتالمتحدة مع المطالب الشرعية لهذه الشعوب في الديمقراطية والحرية تنبأ بنهاية قريبة لنظام العقيد الليبي معمر القذافي. وقال إن ''المثال الأكثر تطرفا يوجد في ليبيا حيث دخل معمر القذافي في حرب ضد مواطنيه وسمح بمطاردتهم مثل الفئران''. ليس ذلك فقط فقد اعتبر انه لولا تدخل حلف الشمال الأطلسي لكان الآلاف من الليبيين قد قتلوا. ومن ليبيا انتقل الرئيس اوباما إلى التعليق على الوضع في سوريا حيث وجه إنذارا للرئيس بشار الأسد الذي استهدفته واشنطن بعقوبات ضد شخصه يوما واحدا فقط قبل الخطاب، وخير الرئيس الأمريكي نظيره السوري بين قيادة الإصلاح الديمقراطي في بلاده أو التنحي عن الحكم وقال إن ''الشعب السوري اظهر شجاعة بإصراره على الانتقال نحو الديمقراطية'' وأضاف أن ''الرئيس الأسد حاليا أمام خيارين إما قيادة الإصلاح أو الرحيل''. ولم ينس حلفاءه في البحرين عندما طالبهم بالحوار مع المعارضة والإفراج عن المعتقلين كما طالب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بضرورة احترام التزاماته بخصوص نقل السلطة. وبمقابل لهجة الوعيد التي خص بها الأنظمة العربية التي ترفض التغيير وعد اوباما بسخاء مالي لكل من مصر وتونس اللتين نجحت الثورات الشعبية فيهما بإسقاط نظامين كانا إلى وقت قريب من أهم حلفاء واشنطن في المنطقة. وبنفس الوعود التي سبق وأطلقها قبل قرابة عامين بجامعة القاهرة عاد الرئيس الأمريكي ليطلق المزيد من الوعود باتجاه العالم العربي لكن مع فارق مهم وهو أن خطابه هذه المرة جاء بعد أن فرضت الثورات الشبابية في العالم العربي نفسها بالقوة على الإدارة الأمريكية واضطرت هذه الأخيرة مرغمة إلى التعاطي بإيجاب معها. وعاد ليفتخر بنصره في القضاء على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن على يد كومندو أمريكي حيث اعتبر أن الثورات العربية الحالية أدارت ظهرها للتطرف، مشيرا إلى أن بن لادن كان ''يرفض الديمقراطية والحقوق الفردية بالنسبة للمسلمين لصالح تطرف عنيف''. وتوالت ردود الفعل الدولية بخصوص خطاب الرئيس الأمريكي بين مواقف مشككة في إمكانية تطبيق الوعود التي تضمنها خطابه وأخرى مرحبة بها. فقد أكد مسؤولون سوريون أمس أن الرئيس اوباما لم يحمل أي جديد في خطابه وما قام به هو فقط تجديد دعمه لإسرائيل الحليف الرئيسي لواشنطن بعدما حذر الفلسطينيين من مغبة التوجه شهر سبتمبر المقبل الى الجمعية الأممية لافتكاك اعتراف دولي بدولتهم المستقلة. وقال المسؤولون السوريون إن ''خطاب اوباما حول الشرق الأوسط لم يتضمن أي جديد فيما يتعلق بسياسة الولاياتالمتحدة إزاء مسار السلام والوضع في العراق أو الأمن والاستقرار في المنطقة''. وعلقت صحيفة ''الثورة'' السورية الحكومية قائلة إن ''الرئيس الأمريكي يتحدث باسم الديمقراطية من دون أن يعرف معنى هذه الكلمة''. ونددت ب''تدخل الرئيس الأمريكي في دولة ذات سيادة ويهددها بالعزلة إذا لم تفعل ما يريد''. من جانبه اعتبر موسى إبراهيم المتحدث باسم الحكومة الليبية أن الرئيس باراك اوباما لا يزال يواصل هذيانه ويصدق الأكاذيب التي تلفقها حكومته ووسائل إعلامه'' وأضاف انه ''ليس اوباما من يقرر إذا ما كان العقيد القذافي سيغادر البلد أو لا، فالشعب الليبي هو وحده من يحق له اختيار مستقبله''. أما حركة المقاومة الإسلامية ''حماس'' فقد وصفت خطاب أوباما بأنه فاشل.. وأكدت عدم الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي. وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس أن ''المجتمع الفلسطيني ليس بحاجة لدروس أوباما حول الديمقراطية بل هو الأولى بهذه الدروس في ظل دعمه المطلق للجرائم الإسرائيلية وإعلان رفضه حتى بمجرد التنديد بالاحتلال الإسرائيلي''. وأضاف أبو زهرى ''إن أحسن رد على خطاب أوباما فارغ المضمون كونه مجرد تكرار لشعارات لا معنى لها هو التسريع بتنفيذ اتفاق المصالحة وتشكيل الحكومة الفلسطينية''. وعلى نقيض ذلك رحبت الحكومة التونسية بخطابه الرئيس اوباما وبتعهده بتقديم دعم اقتصادي وسياسي لتونس. وقالت وزارة الخارجية التونسية في بيان أمس أن ''الحكومة التونسية تابعت باهتمام كبير خطاب الرئيس الأمريكي باراك اوباما ... ونرحب بالموقف الواضح الذي تضمنه الخطاب وتحيته لثورة الحرية والكرامة التي حققها الشعب التونسي''.