شكك وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس أمس في إمكانية تحقيق حسم عسكري في ليبيا في ظل عدم تجانس مواقف الدول المنضوية تحته رايته والتي وافقت على اللائحة الأممية رقم 1973 التي منحت الضوء الأخضر لشن ضربات جوية ضد هذا البلد تحت غطاء حماية المدنيين. وأعاب الرقم الأول في البنتاغون على دول حلف الشمال الأطلسي فقدانها للفعالية العسكرية من جهة والإرادة السياسية من جهة ثانية بما قد يؤدي إلى فشل العملية العسكرية المتواصلة في ليبيا منذ 19 مارس الماضي. وقال غيتس غداة اجتماع نظرائه في الحلف ''فيما يتعلق بعملية الناتو في ليبيا أصبح من المؤلم أن تؤدي نقائص في الفعالية والإرادة إلى تعريض قدرات الحلف في شن عملية كاملة وفعالة ودائمة عبر الجو وفي البحر''. وأضاف ''صراحة عدد مهم من الحلفاء بقوا خارج العملية ليس لأنهم لا يريدون بل بباسطة لا يمكنهم ذلك كون الإمكانيات العسكرية غير متوفرة هنا''. واعتبر أن ذلك أمرا غير مقبول وانه دليل على نقص الاستثمار في الدفاع على مدى سنوات طويلة. ولكن انتقادات وزير الدفاع الأمريكي لم يكن لها صدى ليس فقط لدى الدول التي لم تشارك في العملية العسكرية بل حتى بالنسبة لتلك التي كانت التزمت بتنفيذها حيث قررت النرويج التي كانت أرسلت ست طائرات مقاتلة من نوع ''أف ''16 تقليص مشاركتها إلى غاية الانسحاب نهائيا بحلول الفاتح أوت المقبل شهرين قبل انتهاء مهمة حلف الناتو الحالية في ليبيا. ويأتي قرار النرويج ليرفع الستار عن الخلافات التي تميز مواقف الدول الغربية التي ساندت الخيار العسكري في ليبيا ولكنها لم تستطع التوصل إلى أرضية توافقية في كيفية التعاطي مع الأزمة الليبية التي بدأت تتحول إلى مستنقع لا يعرف أحد متى يمكن الخروج منه. وسبق للرقم الثاني في الجيش الأمريكي الجنرال مكائيل مولن قد قطع الشك باليقين قبل يومين عندما أكد انه لا يمكن لأحد أن يتكهن متى يرحل العقيد الليبي في اشارة إلى عدم تيقنه من قدرة العلميات العسكرية على تفكيك الآلة العسكرية الليبية. ويكون العقيد معمر القذافي قد استشعر هذه الخلافات والتضارب في مواقف الدول الأعضاء في حلف ''الناتو'' وهو ما جعله يرفض في خطابه الأخير الاستسلام وتأكيده البقاء إلى غاية آخر لحظة مستغلا في ذلك عامل الوقت الذي قد يدفع إلى حدوث خلافات بين اطراف العملية العسكرية. وقد تكون هي الورقة الأخيرة التي أراد القذافي لعبها خاصة وان معالجة الأزمة الليبية كانت عرفت أول شرخ غير معلن عندما قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما الانسحاب من العملية العسكرية ورمي الكرة في مرمى حلف الشمال الأطلسي رغم تصريحاته أول أمس بضرورة مواصلة الضغط العسكري على القذافي إلى غاية إرغامه على الرحيل. للإشارة فإن ثمان دول من أصل 28 دولة عضو في الحلف الأطلسي تشارك في العملية العسكرية الجوية التي يشنها الحلف لتطبيق اللائحة الأممية رقم 1973 التي تضمنت فرض منطقة حظر جوي على ليبيا. وفي سياق استمرار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى احتواء الأزمة الليبية سياسيا أعلن الموفد الروسي ميخائيل مارغيلوف انه سيعود إلى العاصمة طرابلس في اقرب وقت للقاء أعضاء الحكومة اللبيبة لتقوم روسيا بعدها بطرح خارطة الطريقة التي أعدتها للخروج من الأزمة. وكان المبعوث الروسي قام بزيارة إلى بنغازي الثلاثاء الماضي أجرى خلالها مباحثات مع قادة المجلس الوطني الانتقالي ولم ينتقل إلى طرابلس. إلا أنه شدد على أنه يخطط للزيارة إلى العاصمة الليبية ومستعد لمقابلة قائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافي شخصيا. وكانت روسيا قد أعلنت أول أمس مجددا استعدادها لتقديم مساعدة عملية لتحقيق تسوية سياسية للصراع في ليبيا رغم أنها أكدت في عدة مناسبات أنها لا تلعب دور الوسيط في تسوية هذه المعضلة التي اعتبرت أنها من اختصاص الاتحاد الإفريقي.