طالبت جمعيات المجتمع المدني في اقتراحاتها المقدمة للهيئة الوطنية للمشاورات أمس إلى إيلاء اهتمام اكبر بالحركة الجمعوية في الجزائر من خلال وضع قانون ينظمها ويضمن حمايتها من الضغوطات السياسية والمالية، كما شددت على ضرورة تنظيم النشاط التضامني في المجتمع ورفع احتكاره من قبل الدولة تفاديا لاستمرار عمليات البزنسة التي شهدتها بعض العمليات على غرار قفة رمضان. فخلال التصريح الصحفي الذي أعقب الجلسة المخصصة لهذه الجمعيات من قبل هيئة المشاورات برئاسة السيد عبد القادر بن صالح، ثمن السيد مصطفى خياطي رئيس المنشأة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، اللقاء واعتبره مهما جدا للتواصل بين المسؤولين وممثلي المواطنين، مشيرا إلى أن الفرصة سمحت له كرئيس هيئة وطنية بالتأكيد على أهمية المجتمع المدني في الإصلاحات بالنظر إلى دوره كشريك للمؤسسات العامة والوزارات. وأوضح المتحدث أن الاقتراحات التي قدمها للهيئة شملت التأكيد على ضرورة ايلاء عناية اكبر للطفولة والشبيبة وترقية أداء المنظومة التربوية من خلال معالجة النقائص التي تعاني منها، علاوة على تحسين المنظومة الصحية التي تفتقد -كما قال- لاستراتيجية وأهداف واضحة. من جهته، أشار السيد عبد الحفيظ لحول رئيس المنظمة الوطنية للتواصل بين الأجيال إلى أنه دافع خلال اللقاء عن حرية أكبر للصحافة في إطار قانون الإعلام الجديد، حيث تطالب جمعيته بتقوية الإعلام العمومي وفتح المجال السمعي البصري للكفاءات الجزائرية دون سواها، وحمايته من ''البزنسة'' ومن أصحاب رؤوس الأموال. ودعت الجمعية بخصوص تعديل قانون الولاية، إلى رفع عدد أعضاء المجالس الولائية بحسب عدد البلديات ضمانا لتمثيل كامل لكل إقليم الولاية، مع إعطاء المجلس الشعبي الولائي الدور الرقابي. كما طالبت بإلغاء تسيير عملية قفة رمضان من قبل الدولة وترك الإحسان لأفراد الشعب تفاديا للبزنسة بالعملية. وأشار السيد لحول من جانب آخر إلى أن جمعيته تؤيد النظام السياسي الرئاسي، بالنظر إلى كونه الأقرب إلى الشعب، وتقترح في سياق متصل إعادة تركيبة المجلس الدستوري وإعطاء الشعب الحق في الطعن في القوانين التي لا يراها مناسبة. أما السيد عبد الكريم عبيدات رئيس الكنفدرالية الوطنية الإستشارية والتنسيقية للحركة الجمعوية، فقد اقترح تأسيس أول برلمان وطني للمجتمع المدني والحركة الجمعوية يتداول على رئاسته رؤساء الجمعيات، داعيا إلى وضع حد لتحركات بعض الجمعيات الدولية التي تتحرك حسبه، بحرية مطلقة وتنشط بدون تراخيص في وقت يتم فيه تقييد نشاط الجمعيات الوطنية. كما دعا السيد عبيدات إلى تمويل الجمعيات الوطنية وفق برامج محددة، علاوة على إنشاء دار للجمعيات في كل ولاية، واستحداث كتابة دولة للحركة الجمعوية والشبيبة. في حين أوضح السيد أحمد شنة الأمين العام لأكاديمية المجتمع المدني، أن منظمته تؤيد وضع نظام سياسي شبه رئاسي في الوقت الراهن، وذلك ضمانا للاستقرار والتفكير في تجربة الدخول في التغيير الجذري بهدوء. ودعا المتحدث في نفس الصدد إلى اعتماد قانون انتخابات يسمح لجمعيات المجتمع المدني بالمشاركة في الرقابة القانونية على سير العملية الانتخابية وتعزيز الآليات السياسية المناسبة لإشراك الشباب في تسيير الشأن العام الوطني، مع الشروع الجدي في تشبيب قيادات الدولة، وطالب بقانون ينظم ويحتوي كل منظمات المجتمع المدني، ويرسخ حماية الدولة للجمعيات من الضغوطات والولاءات الحزبية أو الاستقطابات الأجنبية، مقترحا في هذا الشأن إنشاء مجلس أعلى لمنظمات المجتمع المدني. بدوره ثمن رئيس جمعية الإرشاد والإصلاح السيد ناصر الدين شقلال المشاورات السياسية الجارية من اجل تعميق الإصلاحات واعتبرها حوارا حضاريا يجمع كل فعاليات المجتمع الجزائري تحت قيادة رئيس الجمهورية، وشدد في المقابل على أن نجاح هذا الحوار يستدعي تضافر جهود جميع القوى والفعاليات الوطنية. ومن أهم اقتراحات جمعيته، أشار السيد شقلال إلى ضرورة مراعاة الإصلاحات لتعزيز وتجسيد المبادئ الأساسية للدولة كالإسلام والعروبة والامازيغية، وعدم المساس بالنصوص الدستورية التي تضمن حماية هذه المبادئ، مع تكريس اعتبار الإسلام مصدرا أساسيا في التشريع الجزائري ورفع القيود عن المجتمع من خلال وضع حد للتعليمات الشفهية التي تتعارض مع قيم المجتمع. كما دعا المتحدث إلى تعزيز دولة الحق والقانون والمساواة بين كل الجزائريين، من خلال ضمان سلك أجور متكافئ، وطالب بالقضاء على الربا من المجتمع ''بما فيها نسبة 1 بالمائة المعتمدة من قبل الدولة في إطار دعم السكن''، ورفع حالات سوء التسيير التي تؤدي إلى الاحتجاجات الشعبية، ورفع احتكار السلطات العمومية للعمل التضامني، لأنه برأيه من مهام المجتمع المدني.