احتفلت تلمسان أول أمس برائدي الموسيقى الأندلسية فيها وهما الراحلان العربي وابنه رضوان بن صاري اللذان لهما الفضل في حفظ تراثنا الموسيقي والتعريف به. الاحتفال تم بدار الثقافة بتلمسان ويدخل في إطار برنامج تظاهرة تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية. حياة الشيخ العربي بن صاري امتد إبداعها إلى بقاع كثيرة من الجزائر، كما وصلت شهرته الفنية العديد من الدول العربية، هذا الفنان المولود في سنة 1870 بتلمسان، بدأت علاقته بالموسيقى الأندلسية باحتكاكه بكبار الفنانين الذين كانوا يتوافدون على دكان الحلاقة الذي كان يعمل فيه، من بينهم الشيخ محمد بن شعبان المدعو بوظلفة، هذا الأخير الذي اكتشف مواهبه فتكفل به وعلمه قواعد الموسيقى، خاصة العزف على آلة الرباب والقانون، كما كان بن صاري يتمتع بصوت رخيم، وهكذا كون أول فرقة له سنة ,1900 ونظرا لنجاحها تلقى عدة دعوات لإحياء حفلات عائلية ودينية وشارك في المعرض الدولي بباريس، أين تحصل على الجائزة الكبرى في العزف على الرباب، وأحيا حفلات أخرى في المغرب وتونس ونال التقدير والأوسمة. قام الشيخ بن صاري وبطريقة عصامية بتدوين الموسيقى الأندلسية، ونظرا لمعرفته وتحكمه الكبير في النوع الموسيقي الغرناطي لمدينة تلمسان، عين لتمثيل الجزائر في المؤتمر الدولي للموسيقى العربية الذي أقيم بالقاهرة في سنة ,1932 وكان مرفوقا بجوق موسيقي كبير متكون من إخوانه أحمد عبد السلام، محمد بن صاري، ابنه رضوان وكذا عمر البخشي. قام الشيخ بتسجيل العديد من الأسطوانات في الطبع الغرناطي وقد حمل في تراثه أكثر من ألف شعل. توفي رحمه الله في ديسمبر 1964 بتلمسان. أما رضوان ابنه فقد ولد سنة 1914 وتوفي في 2002 بالدار البيضاء بالمغرب. وقد كان لهذا الموسيقي اللامع أثره على الموسيقى الجزائرية بعدما تتلمذ على مشايخ الموسيقى الأندلسية، كما تلقى تعليما موسيقيا أكاديميا عبر مختلف المدارس، ويعد الآن مرجعا مهما في الموسيقى الأندلسية من خلال التراث المكتوب والمعزوف الذي تركه والذي تناوله الباحثون الجزائريون بالدراسة والتحليل. خاض الراحل أيضا في الموسيقى والطرب العربي، حيث غنى مع الراحلة أم كلثوم بالقاهرة، حسبما صرح به ل''المساء'' الباحث نصر الدين بغدادي، وقد لقبه الباحثون الجزائريون والأجانب ب''آخر الرسل''.