تعيش عاصمة جرجرة منذ ال5 جويلية عرسا ثقافيا فنيا رائعا، أبدعت فيه الفرق المشاركة في إطار فعاليات المهرجان الثقافي العربي الإفريقي للرقص الفلكلوري في طبعته السادسة التي عرفت إقبالا منقطع النظير للعائلات الوافدة على ملعب أوكيل رمضان بتيزي وزو قصد حضور مختلف العروض الرائعة التي تتفنّنت الفرق المشاركة في تقديمها للجمهور الذي استمتع بمختلف الألوان الفنية التي قدمتها العديد من الفرق الفنية المشاركة بأدائها لرقصات جميلة عبرت عن تقاليدها وعاداتها العريقة من خلال استعراض طرق إحيائها للأعراس ومختلف المناسبات السعيدة، كل على طريقته الخاصة. واكتشف ثقافات وعادات وتقاليد شعوب الدول العربية والإفريقية وقد حاولت كل فرقة، في السهرة ما قبل الأخيرة، استغلال وقتها المحدد لتقديم عرضها للتعريف بتراثها الأصيل، حيث نقلت كل فرقة مشاركة طرق إحياء واحتفال العائلات بعادات وطقوس مختلفة موروثة، لها معانٍ ودلائل قوية نظرا لتأثير ذلك على الحياة اليومية. واستمتع كل من كان حاضرا مساء أوّل أمس السبت، بالعروض التي قدّمتها كلّ من فرق ''المجموعة الثقافية كيسواندا سيدا'' من دولة بوركينافاسو تحت شعار ''عندما يتحول التراث المحلي إلى تراث علمي''، حيث أدت الفرقة رقصة كوريغرافية محلية رائعة أردت من خلالها تحويل ونقل التراث المحلي إلى فن حقيقي والراقصين الكوريغرافيين إلى العالم من خلال مزج رائع وفريد بين تعبير ثقافي وعادات وتقاليد جميلة منبعثة من عمق أصالة وعراقة الموروث الثقافي لبوركينافاسو وأصبحت بذلك فرقة ''كيسواندا سيدا'' المسوق لنوع من الرقص المعصرن بدون ذوبان الموروث التقليدي، فقد استطاعت المحافظة على الأصالة وربطها بالمعاصرة في قالب جميل زادته جمالا وفنا الرقصات التقليدية الجملية المستوحاة من التراث الإفريقي الأصيل، التي تحمل في حركاتها التعدّد والتنوّع الثقافي للقارة السمراء باعتمادها على ألبسة وأقنعة خشبية وآلات موسيقية فريدة من نوعها مصنوعة من جلود الحيوانات. ورحلت فرقة ''كيواندا سيدا'' بالحضور إلى أدغال إفريقيا بعروضها الساحرة التي امتزجت بين الحركة الجسدية والروحية ممثلة لبلاد الفيلة، حيث لقيت تجاوبا من الجمهور، الذي أبهر أعضاء الفرقة بتصفيقاته ورقصه على الأنغام المنبعثة من الآلات الموسيقية، فألهبت مدرجات أوكيل رمضان الذي تعوّد كلّ صيف على احتضان المهرجان العربي الإفريقي، حيث كانت عاصمة جرجرة ومنذ سنة 2005 محطة للتبادل الثقافي ونافذة يكتشف من خلالها الضيوف عادات وتقاليد كلّ منطقة مشاركة، ناهيك عن اكتشافهم للتراث المادي وغير المادي الذي تزخر به الولاية المحتضنة للتظاهرة، فضلا عن اكتشاف الجمهور القبائلي للموروث الثقافي الإفريقي الأصيل. ورقص الكبير والصغير على إيقاعات الفرقة التلمسانية ''هواري بومدين''، التي كانت رقصتها ترمز إلى الذاكرة والمستقبل ولقد سعت الفرقة إلى المحافظة على تراث ''لؤلؤة المغرب العربي'' كما كانت تلقب، التي أدت رقصة تراثية محضة تجاوزت صور الفلكلور لتصنع من رقصاتها حقيقة ثقافية نادرة الوجود بمزيج من النشاط والنباهة ليجدد أعضاء الفرقة طاقتهم للسمو بعروضهم إلى أبعد من التعبير البسيط لرجل عادي إلى حوار بين الجسد والروح. كما تجاوب الجمهور بشكل كبير مع أداء فرقة ''البادية'' الأردنية التي ألهبت ملعب أوكيل رمضان واستطاعت أن تنال إعجاب الجمهور القبائلي، للمرة الثانية، بتقديم الفلكلور الأردني بكافة أشكاله، علما بأن هذه المشاركة الثانية للفرقة التي حازت على المركز الأول من الطبعة الخامسة للمهرجان. الفرقة التي تعتبر الرقص ''أساس القاعدة الشعبية''، قدمت عروضا معتمدة إيقاعات موسيقية بدوية، جسدت خلالها كيفية إحياء هذه المنطقة من الأردن عادتها وتقاليدها المستمدة من التراث الأصيل لمحيطها وبيئتها البدوية واستطاعت أن تبهر الجمهور وتنقله إلى رحاب الأردن وإطلاعه على أهم التقاليد بالمنطقة. وبعد جولة اكتشف خلالها الجمهور القبائلي مختلف الطبوع والثقافات، جاء دور الولاية المحتضنة للتظاهرة لإظهار موروثها الثقافي الذي ظلت فرقة ''تازية'' من بني يني محافظة عليه، حيث هزت هذه الجوهرة الفنية الشابة مدرجات أوكيل رمضان وكشفت عن الثقافية الأمازيغية للمشاهد، لاسيما الفرق العربية والأجنبية التي شاركت في المهرجان، حيث جمعت الفرقة في رقصاتها الدقة، الإبداع وطبوعها التقليدية، معتمدة أصوات جميلة أبهجت الجمهور والذي زادها جمالا وأناقة، الحركات الفنية الرائعة التي عبر من خلالها الشابات والشباب عن الجمال الداخلي بألوان ترجمت مشاعر وأحاسيس سكان منطقة القبائلي في كيفية التعبير عن فرحتهم. فرقة ''الفردة'' تمتع الجمهور القبائلي بالأغاني التراثية وتمكنت فرقة الفردة المنتسبة لفن القناوة من نيل إعجاب الجمهور القبائلي بتأديتها لباقة من الأغاني التراثية القديمة والجديدة، حيث استمتع الجمهور الذي كان حاضرا بقوة بالإيقاعات القناوية والطرب الصحراوي، الذي يجمع بين مختلف طبوع الغناء الصوفي الروحاني النابع من منطقة بشار التي تنتمي إليها الفرقة؛ إلى جانب أغانٍ جديدة في إطار السهرة ما قبل الأخيرة لفعاليات المهرجان العربي الإفريقي للرقص الفلكلوري. وقد أمتعت الفرقة الوافدين إلى ملعب أوكيل رمضان بباقة من الأغاني التي منها أغنية ''يا كريم الكرماء'' التي تشتهر بها الفرقة والتي كتبها الشاعر المغربي الأصل، الشيخ سيدي قدور العالمي، إضافة إلى أداء أغانٍ أخرى من رصيدها الفني المميز، على غرار أغنية لقصيدة، تحرص الفرقة على الحفاظ عليها وتأديتها في مختلف المناسبات، التي أداها الشيخ عبد القادر علوي وكتبها سيدي مبارك بن عزي بعنوان ''يا العالم ما في الصميم جود علي برضاك'' ''أنا سولت نفسي'' وغيرها من القصائد الجميلة التي أمتعت بها فرقة الفردة جمهورها القبائلي على وقع إيقاعات مختلف الآلات على غرار الطار، الطعريجة والمهراز والدف وغيرها من الآلات التقليدية التي كانت مرفقة بآلات موسيقية أخرى كالعود والكمان التي تنسج بفضلها الفردة كلماتها الجميلة التي لا تخرج عن الابتهال والمديح والتدرج الموسيقي، الذي يبدأ بإيقاع هادئ ثم يرتفع ويتحول إلى انسجام مع الإيقاع، يلمس خلالها المستمع الحس الصوفي، حيث قضت العائلات سهرتها الخامسة في جو مميز ساده الحماس والفرحة والبهجة، أتاحت المجال للشباب للترويح عن نفسهم بأداء رقصات مختلفة باختلاف الثقافات المتعاقبة على منصة ملعب أوكيل رمضان والتي جعلت من تيزي وزو عاصمة دولية للرقص الفلكلوري واحتضنت ألوان وثقافات متباينة جعلت من المهرجان ليس -فقط- موعدا فلكلوريا فحسب وإنما ملتقى للإبداع وترويج الرقص باعتباره موروث ثقافي إنساني وعمل مثمر.