أبرزت التوصيات التي خرجت بها ورشات التسيير العقاري التي اختتمت أمس، بوزارة السكن والعمران، استحالة التحكم في تسيير الأحياء والمجمعات السكنية الاجتماعية بالشكل الذي هي عليه في الوقت الراهن، لاسيما مع الصعوبات الكبيرة التي تجدها دواوين الترقية في تحصيل مستحقات الإيجار والتي لا تتجاوز اليوم ال40 بالمائة، حيث كشفت مصادر في هذا السياق، أن قرابة 15 مليار دينار من هذه المستحقات لم تدفع خلال السداسي الأول من السنة الجارية.... وقد شرعت وزارة السكن والعمران في عمل بيداغوجي يهدف حسبما أكده الوزير نور الدين موسى، في مداخلته في ختام الورشات المذكورة إلى تحسيس وتجنيد كل المتدخلين على مختلف المستويات، من إدارة ومجتمع مدني، لإيجاد ميكانيزمات من شأنها تحويل عملية تسيير الأحياء السكنية تدريجيا إلى المشتركين في ملكيتها، وذلك انطلاقا من التوصيات التي توصلت إليها ورشات التسيير العقاري التي انطلقت في أشغالها منذ نهاية سبتمبر الماضي، والتي ستعرض للنقاش في جلسات وطنية يرتقب تنظيمها في الأسابيع المقبلة، وتكون مفتوحة لكل الفعاليات والأطراف المعنية بهذه الإشكالية الحساسة· وأبرز السيد نور الدين موسى بالمناسبة الجهود التي تبذلها الدولة لحل مشاكل تسيير الأحياء وتدهورها، ومن ذلك البرنامج الخاص بتهيئة وتحسين المحيط داخل الأحياء الذي رصد له 100 مليار دينار من ميزانية 2007 وما تبقى من ميزانية 2006، فيما خصصت لهذا البرنامج في 2008 ميزانية 2008 المعروضة للنقاش في الوقت الراهن بالبرلمان 123,5 مليار دينار· غير أن حل إشكال التسيير العقاري للأحياء السكنية في الجزائر لا يمكن أن يقتصر أو ينتهي بمجرد برنامج للتحسين وصيانة الأحياء السكنية المتدهورة، وإنما يستدعي وضع آليات جديدة وسياسة مستديمة تنظم عملية تسيير الأحياء الموجودة وتلك التي يجري إنجازها، لا سيما في إطار برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، مع العلم أن حظيرة السكنات الإجتماعية الإيجارية تقدر في الوقت الحالي ب700 ألف وحدة، من مجموع 6 ملايين وحدة سكنية تمثل الحظيرة الإجمالية للسكن في الجزائر، وينتظر أن تتعزز الحظيرة الإيجارية لتبلغ 1,2 مليون وحدة مع تنفيذ برنامج الرئيس· وقد حث الوزير إطارات القطاع المعنيين بدراسة الإشكال على إدراج كافة الوسائل المتاحة قانونا، بما فيها الأساليب الردعية، في إطار التفكير في الآليات التي يمكن اعتمادها في ميدان تحصيل الإيجار، الذي لا يتجاوز في الوقت الحالي نسبة 40 بالمائة، فيما كشفت لنا مصادر من الوزارة أن حجم المستحقات غير المحصلة بلغ 15 مليار دينار وهذا لحساب السداسي الأول من السنة الجارية وحده· وقد تناولت الورشات الأربع التي شرعت في عملها في 24 سبتمبر الفارط، دراسة الإشكالية المطروحة من خلال أربع محاور رئيسية، شمل المحور الأول جانب التشريع في ميدان التسيير العقاري، والمحور الثاني الموارد المالية للتكفل الأحسن بالأحياء، بينما تناولت الورشة الثالثة محور آليات التكفل بصيانة الأحياء والمحافظة عليها الورشة الرابعة محور أساليب تسيير الأجزاء المشتركة· ومن أهم التوصيات التي خرجت بها أشغال الورشات دعم الإطار التشريعي وتحيينه وتبسيطه من خلال تجميع كافة النصوص الصادرة ضمن قانون خاص بالتسيير العقاري، ترقية دور وأداء الآليات المكلفة بالتسيير على غرار ديوان الترقية والتسيير العقاري، وتحديد علاقاتها مع الأطراف المعنية أو المشتركة في الملكية من خلال دفتر شروط يحدد طبيعة علاقتها وتعاملها مع هذه الأطراف وبشكل خاص مع الدولة، وهذا بعد تسجيل ابتعاد الجماعات المحلية عن دورها في صيانة الأحياء والأجزاء المشتركة، إضافة إلى إنشاء مدرسة لتكوين المسيرين العقاريين ومركز للدراسات والبحث حول التسيير العقاري، مع إمكانية استحداث دعم وإعانة مشخصة للإيجار، وصندوق خاص لتمويل الملكيات المشتركة الموجودة في حالة صعبة، علاوة على الاستمرار في حملات التحسيس والتوعية باتجاه المواطن بغرض نشر ثقافة الساكن المتحضر المشارك في تسيير شؤون حيه. *