الإنشاد الديني الذي يعتمد على قوة الصوت صحبة آلة الإيقاع والفرقة المناوبة لإبراز الكلمة الجميلة المتغنية بخلال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم- والمبتهلة إلى اللّه سبحانه وتعالى أن يلبسها أثواب رحمته ويسقيها من حوض نبيه وينيرها بأنوار الإيمان هو ما اهتزت له قاعة الأطلس سهرة ليلة السبت على ترنيمات فرقة الأقصى وأناشيد وابتهالات فادي طولبي فكان الطرب وكانت الكلمة الطيبة والنغمة العذبة والجمهور المتذوق. رمضان ثورة على المألوف تكسر كل الروتين السنوي وتقلب الحياة رأسا على عقب، عندما يحل رمضان يبقى النظام النفسي والرقابة الذاتية هي السائدة، الإرادة في التغيير والإرادة في التجديد والإرادة في تقييم الذات وتطهيرها مما علق بها من أدران وأخطاء ولهذا جاء رمضان تطهيرا للأبدان وتحصينا لها ولا يمكن معرفة هذه النعمة إلا بممارسة شعائر رمضان بكل محسناتها النفسية والروحية وهكذا تتحول ليالي رمضان إلى حياة مغايرة لتلك الحياة الروتينية، فالجزائر العاصمة تغيرت في لياليها ولم تعد بتلك المدينة النائمة قبل منتصف الليل، بل تغيب فيها الحياة والحركة مع غياب قرص الشمس ويخيم الصمت في حواريها وأزقتها وأحيائها حتى في شوارعها الكبيرة إلا أنها في رمضان تتحول إلى صورة ضوئية متلونة وحياة فيها من الصخب والحركة والضجيج ما يعوض كل ركود السنة وهكذا تتحول المقاهي في باب الوادي إلى جلسات للسهرات الفنية الشعبية والشوارع إلى ازدحام في السيارات والأرصفة والمحلات بالمتسوقين والمتجولين. ومن ليالي باب الوادي، ليالي قاعة الأطلس التي دأبت على إحياء ليالي رمضان بالإنشاد والموشح الديني فتعددت السهرات والفرق الإنشادية الجزائرية من مختلف الولايات والعربية من مختلف الدول. فرقة الأقصى العاصمية أطربت الجمهور الذي أم قاعة الأطلس بمدائحها الدينية وبأصوات بلابلها الرائعة ومن جملة ما قدمت مديح ''يا سائق الجمال'' والتي تغنت بفضائل الرسول -صلى اللّه عليه وسلم- والصحابة الكرام وبالأخص الخلافاء الراشدين حيث تقول: ''يا بوبكر الصديق يا صاحب التحقيق يا سايق الجمال سوق الضاعن للهادي عمر يابن الخطاب يا ناطق بالصواب عثمان يا بن عفان يا جامع القرآن علي يا قرة العين يا والد السبطين حبك يا ضي العين يوم الحشر راس مالي'' كما أنشدت الفرقة: ''على النبي صلي'' وأنشدت مديح: ''على المدينة ربي بلغنا زيارة نبينا، ربي بلغنا زيارة طه، هو شفيع كل المذنبينا''، كما غنت من الطابع الجزائري نوبة زيدان مع المنشد المتقاعد فيصل مديح ''وقتاش أنشوف حبيبي ولو نظرة ياحبيب اللّه يا الهادي، أنا في قلبي جمرة يا ناس شوفوا الحالي راها نارى اللهيبة... والفراق اشحال صعيبة''، كما أنشدت الفرقة مديح: '' اللّه اللّه يا سلام سبحان رب العالمين هذا هو بدر التمام صلوا عليه يا الحاضرين'' كما غنت من النوع الشعبي الجزائري ''بسم اللّه بها أبديت على النبي صليت بها يبدا البادي محمد الهادي'' وبهذا المديح يدخل المنشد الجزائري من أم سورية المقيم في الإمارات العربية المتحدة فادي طولبي صحبة فرقة الأقصى الجزائر العاصمة والذي أحيا ولأول مرة حفلا في الجزائر ليبدأ السهرة بنشيد وطني ''فاشهدي عنا بلادي إننا رمز الفداء''، كما أنشد: شهر الصيام آتانا لينشر عطره بين الأنام بذكر إله وحب النبي عليه الصلاة وأزكى السلام كما أنشد: ''ملأ النور حياتي وأنجلى عني الظلام سالكا درب الهداة تابعا خير الأنام'' كما غنى أغنية شعبية تحت عنوان ''راحة البال'' والتي يقول فيها: ''راحة البال ما تجيش بالمال حب اللّه بالإيمان الحركة والسكون إلا باذن اللّه'' كما غنى أنشودة ''إلهى'' التي غناها مع المنشد الجنوب إفريقي ''زين بخا'' و''اللّه أنت ربي.. اللّه أنت السلام... ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام''. وأنشد في آخر مديح له: تم الصفاء ودع الكدر إن الأمور من القدر إن الأمور حري بها على اللوح الأغر وإذا بليت بمحنة أصبر لها بمن صبر وأختتم بأغنية: ''حلّوا ببان البهجة'' على أمل أن يلتقي بالجمهور في سهرات فنية أخرى وليالٍ رمضانية مضيئة تتصاعد فيها الابتهالات والتسابيح راجية من اللّه الرحمة والغفران.