يراهن على قانون المالية لسنة 2012 الذي أقره مجلس الوزراء أن يعطي دفعا جديدا للشق الاجتماعي برصد نفقات إجمالية قدرت ب7428 مليار دج للسياسة الاجتماعية والبرنامج الخماسي للتنمية وكذا للدعم العمومي للاستثمار الاقتصادي، منها 1300 مليار دج خصصت للنفقات الاجتماعية ونفقات التضامن الوطني. وتظهر ارادة السلطات في اعطاء البعد الاجتماعي حيزا كبيرا من الاهتمام للاستجابة الى الانشغالات المتزايدة وهو ما سبق وان عبر عنه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة خلال جلسة الاستماع السنوية التي خصصها لقطاع المالية شهر رمضان الماضي والذي حددت تعليماته المؤشرات المستقبلية للسياسة المالية الوطنية، من خلال التأكيد على ضرورة ''ضمان تمويل ملائم لجميع الأعمال المدرجة ضمن البرنامج الخماسي''. والمتامل في قانون المالية الجديد، يسجل انه يعد تكملة لقانون المالية التكميلي 2011 لاسيما في مجال الغاء الضرئب والرسوم على المواطنين، وذلك بهدف تحسين المستوى المعيشي، الى جانب ايلاء الاهتمام للنفقات الاجتماعية والتضامن الوطني والمنح العائلية لكافة العمال بما فيهم عمال القطاع الخاص بتخصيص مبلغ 1300 مليار دج الذي سيسمح أيضا بتسديد مكملات منح التقاعد ودعم أسعار الحليب والحبوب والزيوت والسكر والماء وتوصيل البيوت بالكهرباء والغاز وكذا التضامن مع المعوزين والمعوقين، مع رصد 3150 مليار دج لسير الخدمة العمومية، منها 2850 مليار دج موجهة لأجور اعوان الدولة وما يقارب 180 مليار دج للدعم العمومي لإنشاء مناصب الشغل من قبل المؤسسات المصغرة وللإدماج المهني بواسطة الأجهزة العمومية. ولعل هذه المرة لتي يتم فيها اقتراح زيادة 50 بالمائة من حصة الجباية البترولية المخصصة سنويا لصندوق احتياطات التقاعد الذي انشئ في ,2007 حيث جاء هذا القرار بأمر من رئيس الجمهورية الذي ألحّ على ضرورة الحفاظ على المنظومة الوطنية للتقاعد وديمومة التضامن بين الاجيال، كما يأتي هذا الاقتراح استجابة لانشغالات هذه الفئة في الوقت الذي استفادت فيه اسلاك الوظيف العمومي من رفع الاجور بأثر رجعي. وبالنظر الى كون الاستثمارات العمومية لها علاقة مباشرة بتحسين الاطار الاجتماعي والاقتصادي للبلاد في اطار البرنامج الخماسي فقد حظي هذا الجانب بالاهتمام ايضا من خلال تخصيص للسنة المقبلة 2849 مليار دج في شكل تراخيص برامج لتبلغ بذلك جملة التراخيص الممنوحة للشروع في الدراسات وفي فتح ورشات الإنجاز المسجلة بموجب المخطط الخماسي 2010 - 2014نسبة 87 بالمائة. كما اقترح المشروع اعتمادات دفع معتبرة لتمويل البرنامج الخماسي منها 746 مليار دج خصصت للسكن والتعمير 716 مليار دج لقطاع النقل والأشغال العمومية و232 مليار دج لقطاع الموارد المائية و168 مليار دج للتعليم والتكوين والصحة. ورصد المشروع 70 مليار دج للبرامج التنموية البلدية. كما استفاد الدعم العمومي للتنمية الاقتصادية من مبلغ 135 مليار دج موزعة بين الفلاحة وتأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتخفيف نسب الفوائد. كما تضمن المشروع إجراءات تهدف في مجملها الى تحسين المحيط الضريبي للمؤسسة والاستثمار بصفة عامة طبقا لما اوصت به الثلاثية الاخيرة التي انعقدت في ماي المنصرم. وهكذا يبرز من مشروع قانون المالية 2012 انه جاء لمواصلة تكريس مبدا السياسة الاجتماعية والتضامن الاجتماعي الذي ادرجته الدولة ضمن التحديات التي يستوجب رفعها والتي ركز عليها مجلس الوزراء المنعقد في فيفري 2011 بخصوص الاستجابة لانشغالات التشغيل والسكن. وهو ما تجلى ايضا من خلال دعوة رئيس الدولة الحكومة إلى اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة من أجل إثمار هذه النفقات العمومية من خلال الإسراع في إنجاز البرامج المسجلة واستفادة المواطنين من الخدمات العمومية في كنف المزيد من الشفافية، مع تقديم الدعم الملموس للاستثمار وتنويع الاقتصاد الوطني في الوقت الذي تمتلك فيه البلاد من موارد مالية كفيلة برفع تحديات التنمية الوطنية. ويتزامن مشروع قانون المالية الجديد مع قرب انعقاد الثلاثية نهاية شهر سبتمبر الجاري، حيث ستخصص هذه المرة للشق الاجتماعي بعد ان تم تخصيص اجتماعها في شهر مارس الماضي للجانب الاقتصادي، ويراهن عليها ان تحمل اشياء ايجابية بالاستجابة الى قدر منطقي للاحتياجات الاجتماعية لا سيما وان انعقادها يأتي بالموازاة مع الدخول الاجتماعي.