اعتبر المشاركون في اللقاء التشاوري حول التنمية المحلية، الذي نظم أمس بمدينة غرداية، أنه يجب تشجيع -من طرف السلطات العمومية- فضاءات تشاور تسمح للمجتمع المدني بالمساهمة أكثر في إعداد استراتيجية وطنية حول التنمية يكون لها تأثير إيجابي على السكان. وقد سمح هذا اللقاء، الذي يدخل في إطار التشاور الذي شرع فيه المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي بداية الشهر الجاري في إطار الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية، لمختلف الفاعلين في المجتمع المدني لمدينة غرداية بالتعبير عن تطلعاتهم واقتراحاتهم بهدف تحسين ظروفهم المعيشية. في هذا الصدد، أعرب المتدخلون عن أملهم في فتح ''نقاش واسع'' بمشاركة مختلف فئات المجتمع حول عدة قضايا مثل التربية والشبيبة والتشغيل وكذا حول مقاييس إعداد نظام أجور يخص كل القطاعات قصد التصدي للنقائص المسجلة وتحديد سياسة مناسبة على المدى الطويل تسمح بتجسيد مبدأ التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. وعليه، صرح ممثل جمعية محلية يقول ''استمعوا لسكان الجنوب لهم خصوصياتهمس، كما ركز المتدخلون على ضرورة اتخاذ إجراءات ''ملموسة وجذرية'' قصد وضع حد للبناءات الفوضوية وغير القانونية التي تشوه النسيج العمراني لمدينة غرداية المصنفة ''تراثا عالميا'' من طرف منظمة اليونسكو والتدهور الخطير لواحات النخيل بوادي ميزاب. من جهة أخرى، دعا عدة متدخلين إلى إنشاء تجمعات حضرية في منطقة الجنوب بهدف استغلال الفضاء الصحراوي الواسع وجعله ذا مردودية وبالتالي السماح بامتصاص العجز المسجل في العقار الموجه لإنجاز سكنات ومنشآت قاعدية عمومية. ولمواجهة نفاذ الموارد الطاقوية الحفرية، دعا ممثلو المجتمع المدني بغرداية السلطات العمومية إلى وضع سياسة تنموية حقيقية على نطاق واسع للقطاعات المتجددة والمتنوعة (شمسية وهوائية والحرارية الجوفية). وبخصوص الجانب المتعلق بالعدالة، يرى متدخل أن ''مصداقية سلطة الدولة لا يمكن أن تتجسد دون مصداقية النظام القضائي للبلاد''، داعيا إلى وضع آليات تسمح بتحقيق ''عدالة نزيهة لمكافحة كل الآفات التي يواجهها المجتمع'' خاصة الفساد و''الح?رة'' والانحراف بكل أشكاله، كما أعرب جل المشاركين في هذا اللقاء عن رغبتهم في أن يتم التكفل بانشغالاتهم من طرف السلطات العمومية، لاسيما السكن والتشغيل والتحكم في الهياكل القاعدية وتوسيع دعم الفلاحة وتربية المواشي وكذا اقتصاد الماء. من جانبه، جدد رئيس المجلس الوطني والاقتصادي السيد محمد صغير باباس التزامه بتبليغ جميع الشكاوى وانشغالات المجتمع المدني إلى الهيئات السامية للدولة ليتم إدراجها قبل نهاية السنة ضمن برنامج الإصلاحات السياسية التي أقرها رئيس الجمهورية، كما سمح لقاء التشاور حول التنمية المحلية الذي انطلق أول أمس بغرداية والذي جمع لأول مرة ولايتين مجاورتين (غرداية وور?لة) إلى واليي الواليتين بإبراز الجهود التي بذلتها السلطات العمومية خلال العشرية الأخيرة ومؤشرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية مع تجديد إرادتهما على الاستماع إلى مقترحات المواطنين المنتخبين وممثلي المجتمع المدني. وينظم اللقاء التشاوري المقبل اليوم بولاية الجلفة وستجمع ولايتين أخريين وهما الأغواط والمسيلة. وانطلقت اللقاءات المحلية للتشاور التي ينشطها المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي يوم 5 سبتمبر الماضي بتندوف، وخصت هذه اللقاءات سبع ولايات من جنوب الوطن ويتعلق الأمر بتندوف وغرداية و إيليزي وتمنراست وأدرار وبشار والوادي وور?لة. وتنظم هذه اللقاءات المحلية قبيل انطلاق ستة جلسات جهوية التي سينبثق عنها تنظيم جلسات وطنية حول التنمية المحلية في ديسمبر المقبل. وفي ماي الفارط، كلف رئيس الجمهورية المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي بمهمة تنشيط المشاورات الوطنية الرامية إلى تكييف أهداف التنمية المحلية وفقا لتطلعات المواطنين. (وا)