حذر، خبراء عسكريون، أمس الأربعاء، بالجزائر العاصمة، من تداعيات الأزمة الليبية والمخاطر التي قد تنجر عنها على منطقة الساحل الإفريقي بعد انهيار نظام القذافي وما تبعه من ''تفكك كلي'' للمنظومة الأمنية في هذا البلد. وأوضح المتدخلون في ندوة نظمها مركز البحوث الاستراتيجية والأمنية حول ''الأزمة الليبية وتداعياتها على الأمن في منطقة الساحل الإفريقي'' أن بوادر هذه الأزمة بدأت تلوح في الأفق من خلال الانتشار الواسع للأسلحة وحالة اللا استقرار التي يشهدها الوضع في ليبيا. وفي هذا الصدد، اعتبر السيد بن اعمر بن جانة وهو عقيد متقاعد أن نظام القذافي ''وبالرغم من كل عيوبه كان يشكل عامل استقرار وتوازن في المنطقة''، مشيرا إلى أن ''سقوطه بهذه الطريقة ستنجر عنه عواقب وخيمة على المنطقة برمتها''. وبعد أن ذكر ب''الدور المحوري'' الذي لعبه حلف الناتو في سقوط نظام القذافي أكد المتدخل أنه ''من الصعب جدا في ظل الوضع الراهن إعادة بناء دولة جديدة قائمة بمؤسساتها في ليبيا'' بالنظر -كما قال- إلى ''تجاذب العديد من التيارات الإيديولوجية المتناقضة وأطماع القوى الكبرى التي أصبحت تتنافس فيما بينها على اقتسام الثروات البترولية لهذا البلد''. وقد أبدى الخبير العسكري تخوفه من تنامي ما يسمى بالتيار ''الجهادي'' الذي أصبح له ''نفوذ كبير'' في لبيبا ما بعد القذافي، مشيرا إلى أن ذلك قد يكون بمثابة ''دعم وسند قويين للجماعات الإرهابية المسلحة التي تنشط في منطقة الساحل''. كما أثار أيضا مسألة انتشار الأسلحة لا سيما الثقيلة منها على غرار الصواريخ المضادة للطيران من نوع صام 7 واحتمال وقوعها بين أيدي الجماعات الإرهابية، مشيرا إلى أن السلطات الجديدة في ليبيا ''غير قادرة على التحكم في الوضع وعلى إعطاء أرقام ومعطيات دقيقة عن مكان تواجد هذه الأسلحة الثقيلة''. من جانبه، أبرز الخبير العسكري نور الدين عمراني ''الطابع الجيو-استراتيجي لمنطقة الساحل الإفريقي التي أصبحت محل أطماع القوى العظمى لبسط نفوذها عليها''. واعتبر أن منطقة الساحل الإفريقي ''مقبلة على حالة من اللا استقرار وانعدام الأمن نتيجة الأوضاع المتدهورة في ليبيا وحالة الفوضى التي أعقبت استيلاء الفصائل المسلحة التي قادت عملية التمرد ضد نظام القذافي على مقاليد الحكم في طرابلس''. وأشار إلى أن ''العلاقة المشبوهة التي تربط هذه الفصائل بتنظيمات إرهابية تنشط بالمنطقة من شأنه أن يغذي المخاوف ويزيد في تعقيد الوضع''. وقد أكد المتدخلون أن الوسائل المتوفرة حاليا ''غير كافية'' لمواجهة هذه الأزمة، داعين إلى ضرورة تقدير الحجم الحقيقي لهذه المخاطر مع وضع استراتيجية تعاون مشترك بين بلدان الساحل لمواجهتها. (واج)