نظم المجلس الأعلى للغة العربية، أول أمس، مائدة مستديرة حول موضوع "جمالية النص وقدرات الإخراج في فيلم مصطفى بن بولعيد،، بمشاركة الصادق بخوش، والمخرج أحمد راشدي اللذين تطرقا بإسهاب الى ظروف انجاز الفيلم والتحديات التي واجهته، ومن ثم التطرق الى الأعمال الفنية التي تتناول تاريخ الجزائر والتي لم تعد تنال نصيبها من الاهتمام· أكد الأستاذ الصادق بخوش كاتب نص وسيناريو فيلم "بن بولعيد" على أن العمل يسجّل مسيرة زعيم والتي تمثل مسيرة أمة، وهو الأول من نوعه منذ الاستقلال الذي يتناول السيرة الذاتية، لأبطال الثورة· وتم تجميع المادة التاريخية للفيلم من الشهادات التي قدمها رفقاء سلاح الشهيدين بن بولعيد وعائلته وعبر مختلف المناطق التي عاش بها سواء داخل أو خارج الوطن· كما اعتمد كاتب الفيلم على بناء شخصية البطل وفق سيكولوجيا سواء من الجانب العسكري أو الانساني أو الاجتماعي· أما المخرج أحمد راشدي فأكد على أهمية السيناريو في الفيلم، مؤكدا أنه كمخرج مضطر لبناء الخيال والأسطورة من جانب مراعاة جماليات الفيلم، كي تعطى فرصة للتنفس للجمهور أثناء المشاهدة عوض إتعابه بالسرد المستمر والجاف· كما أكد المخرج أن 80 بالمائة من الفيلم صُوّر، وباقي المشاهد لم تصور بسبب مرض بطل الفيلم، لكنها ستستأنف قريبا وتم إعادة بناء بعض الأماكن التاريخية منها سجن الكدية، وفيلا بريش، إضافة الى التصوير في منطقة الأوراس، وهران، مناطق الوسط، العاصمة، تونسوفرنسا، ولو سمحت الامكانيات لتم التصوير أيضا في أماكن أخرى عاش بها البطل منها بلجيكا والقاهرة· ويحرص الفيلم على اظهار شخصية بن بولعيد في أبعادها الانسانية بعيدا عن أي اطناب أو تمجيد، بل بالحرص على إظهار شخصيته كإنسان ضحى بنفسه ليحيا وطنه وهو الذي كان بإمكانه الرضوخ إذ كان غنيا، وذو مكانة في محيطه وتجمعه صداقات مع بعض الفرنسيين كصداقته القوية مع "جون سرفيي" الذي طلب منه مغادرة الأوراس بعد اندلاع الثورة لكن جون رفض كذلك صداقته مع "قس" أريس الذي لا يزال حيا إلى يومنا وغيرهما· يحرص الفيلم كذلك على توصيل هذه الشخصية العالمية الى جيل اليوم والتي لا تقل حضورا عن شخصيات انبهر بها هذا الجيل كتشي غيفارة وماو تسي تونغ وغيرهما، لذلك ينوي المخرج إذا ما توفرت الامكانيات أن يقدم أفلاما أخرى عن ماسينيسا، يوغرطة، أوغستين· من جهة أخرى ثمّن أحمد راشدي الطاقات الشبابية في مجال التمثيل والمنتشرة عبر الوطن، والتي اكتشفها أثناء رحلة بحثه عن الممثل للفيلم الذي اختاره من ضمن 600 مترشح· للتذكير؛ فقد عرف الفيلم أزمة مالية خانقة وكاد يتوقف لولا التدخل الشخصي لرئيس الجمهورية لإعادة بعثه وتأسف طاقم الفيلم عن الأموال التي تصرف هباء وتوجه لغير المشاريع الجادة، ففي الوقت الذي استفاد فيه الفيلم من ميزانية 7 ملايير سنتيم فقط لإنجازه وباع البعض أراضيهم وأنفقوا من جيوبهم لإنجازه، فإن فرنسا وبقصد ترويج فكرة كاذبة عن الجزائر إبان الثورة أنفقت في آخر أفلامها 28 مليون أورو (280 مليار سنتيم)· *