انطلقت أمس المرحلة الأولى من الانتخابات العامة المصرية في تسع محافظات من بينها القاهرة والإسكندرية لاختيار نواب الغرفة الأولى في البرلمان المصري في أول انتخابات يشهدها هذا البلد منذ الإطاحة بنظام الرئيس حسني مبارك في فيفري الماضي. ورغم حالة اللاستقرار التي يعرفها هذا البلد والشحن السياسي الذي يعيشه على خلفية شرعية المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة المصرية فإن مكاتب التصويت عرفت منذ صباح أمس توافد مئات الناخبين لاختيار ممثليهم في المجلس النيابي الذي يأمل كل المصريين أن يكون هذه المرة انعكاسا لرغباتهم وليس أمرا مفروضا بعمليات تزوير مفضوحة. وذهبت كل التكهنات إلى توقع فوز حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لحركة الإخوان المسلمين بأغلبية المقاعد بالنظر إلى قوة تجنيدها وتنظيمها الهيكلي في كل مناطق البلاد بما فيها النائية. ولوحظ إقبال كبير على مراكز الاقتراع منذ الساعات الأولى لنهار أمس خاصة من قبل النساء حيث اصطفت الطوابير خارج المراكز بسبب تأخر وصول أوراق الانتخابات لأكثر من ساعة من الزمن كما هو الحال في مراكز بمدينة نصر وقصر النيل. يذكر أن المرحلة الأولى من هذه الانتخابات تتم على مدى يومين في تسع محافظات هي القاهرة والإسكندرية وأسيوط والبحر الأحمر والأقصر والفيوم ودمياط وبورسعيد وكفر الشيخ والتي تضم لوحدها قرابة 18 مليون ناخب من أصل 40 مليون ناخب مصري من تعداد سكاني فاق 80 مليون نسمة، على أن يجرى الدور الثاني من هذه المرحلة في الخامس ديسمبر القادم. وإذا كانت العديد من التشكيلات السياسية نادت بمقاطعة الانتخابات فإن حركة الإخوان رفضت الفكرة من أساسها وأكدت على عدم تضييع الفرصة لإحداث القطيعة النهائية مع النظام السابق. وارجع العديد من المتتبعين موقف الإخوان إلى رغبة حركتهم في الفوز بأغلبية المقاعد النيابية من اجل تشكيل الحكومة القادمة في سياق التغييرات التي أحدثتها التجربتان التونسية والمغربية التي سمحت بفوز حرة النهضة الإسلامية وحزب العدالة والتنمية. وإذا كان الانقسام قد مس التشكيلات السياسية عل خلفية حسابات انتخابية محضة فإن شباب الثورة الذين تجمهروا في ميدان التحرير منذ أكثر من عشرة ايام للمطالبة برحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة انقسموا هم كذلك بين رافض للتصويت وبين الراغبين في اختيار ممثليهم في مجلس الشعب المصري. والى غاية مساء أمس فإن أول يوم من هذه الانتخابات في العاصمة القاهرة ومختلف المحافظات التسع جرى في ظروف عادية ودون أية قلاقل أمنية تحت أعين عناصر قوات الشرطة والجيش الذين تم نشرهم في محيط مكاتب التصويت لمنع حدوث أية تجاوزات وتحت مراقبة الملاحظين الدوليين الذين حضروا إلى مصر من اجل التأكد من نزاهة هذه الانتخابات. وأكد الذين شاركوا في هذه الانتخابات التي تم تمديد فترة إجرائها إلى غاية مساء اليوم أنهم يأملون في أن تكون هذه الانتخابات خطوة أولى على طريق التغيير الشامل والذي يقطع كل صلة بالنظام السابق الذي جثم على نفوس المصريين وحرمهم من أدنى حقوقهم السياسية طيلة ثلاثة عقود كاملة. يذكر أن شكوكا حامت حول حظوظ تنظيم هذه الانتخابات في موعدها بعد أن انزلق الوضع فجأة في البلاد وأدى إلى اندلاع ما أصبح يعرف في الخطاب الإعلامي المصري بالثورة المصرية الثانية والتي خلفت مواجهاتها التي دارت بين آلاف المظاهرين وتعزيزات قوات الأمن 42 قتيلا وأكثر من ثلاثة آلاف مصاب''. للإشارة أيضا فإن النظام الانتخابي المصري معقد ويقضي بتقسيم محافظات البلاد السبعة والعشرين إلى ثلاث مناطق يتم التصويت فيها بمجرد الانتهاء من التصويت في الأولى ويتم التصويت على نواب مجلس الشعب من الآن والى غاية الحادي عشر جانفي القادم بينما يتم الإعلان عن النتائج النهائية لهذه الانتخابات يوم 13 جانفي. وبمجرد الانتهاء من انتخاب نواب الغرفة الأولى تنطلق انتخابات مجلس الشورى (الغرفة الثانية) يوم 29 من نفس الشهر وتتواصل إلى غاية الحادي عشر مارس''.