تتداول في الأسواق، في الآونة الأخيرة، تشكيلات متنوعة ومختلفة من لوحات الترقيم الخاصة بالسيارات السياحية بعضها تجذبك ألوانه، والأخرى مصدرها الأجنبي وتحديدا الأوروبي، على الرغم من أنها سوقت محليا من قبل الوكلاء المعتمدين ببلادنا، ورغم أن الظاهرة تبدو في ظاهرها عادية غير أن لها أبعادا خطيرة، فبالإضافة إلى اتساع رقعة انتشارها فإنها تسببت في مشاكل كبيرة لدى مصالح الأمن التي تترصد هذه السيارات التي تخفي أغراضا إجرامية وأخرى تجميلية أو تفاخرية. تشير مصادر من وزارة النقل إلى أن أزيد من 20 بالمائة من لوحات الترقيم غير قانونية ومزورة ولا تتطابق مع الشروط المحددة في المنشور الصادر في 23 جوان 1975 والمرسوم رقم 80-152 المؤرخ في 24 ماي 1980 والخاص بترقيم وإعادة ترقيم السيارات وشروطها، وقد شهدت ظاهرة تداول اللوحات غير القانونية أول ظهور لها سنة 2005 لتعرف أعلى نسبة من التداول والانتشار سنة ,2010 حيث كشفت الإحصائيات والأرقام المتداولة وغير المعلنة عن وجود نسبة 20 بالمائة من لوحات الترقيم غير القانونية وغير المطابقة للمواصفات القانونية والدولية. ويستعد المشرع الجزائري إلى سن مواد قانونية جديدة أكثر صرامة للحد من انتشار ظاهرة تغيير لوحات ترقيم السيارات وتزويرها مع التركيز على تحديد مواصفات أكثر دقة خاصة بنوعية المواد المستعملة في اللوحات المعدنية ونوع وحجم الخط المستعمل لكتابة الأرقام وطباعتها فوق اللوحات، وستكون هذه النصوص الجديدة مرفوقة بأخرى تشير إلى العقوبات المتوقعة حيال أي تلاعب أو تزوير يطال هذه اللوحات. وعلى الرغم من أن القوانين الجزائرية تمنع إضافة أي رسم تجميلي أو علم أو أشارة إلا أن الواقع يؤكد التجاهل التام لهذه المواد حتى أصبح استعمالها عاديا وموضة إذ يتفنن أصحابها في التباهي بالأعلام الخاصة بالاتحاد الأوربي أو الفرنسية وغيرها في ظل غياب أدنى متابعة أو ردع أو تحسيس بالقوانين التي يتجاهلها حتى بعض أعوان الأمن مما دفع بالوزارة الوصية إلى تخصيص دورات تكوينية لإطلاعهم على القوانين وبالتالي تسهيل تطبيقها. ويأتي هذا الإجراء بعد سلسلة التقارير التي رفعتها مصالح الأمن حول نوعية لوحات الترقيم المتداولة في السوق في السنوات الأخيرة بعد تأكد مصالح الأمن من مدى خطورة هذه العملية التي لم يعد الغرض منها التباهي والتفاخر من خلال لوحات بألوان وكتابات مختلفة أو بإشارات وحروف أجنبية توحي بأن مصدرها أجنبي بل تعداها إلى أغراض إجرامية وأخرى من أجل التهرب من عيون الرادار، فيما تستعمل لوحات أخرى للتستر عن جرائم الطرقات المرتكبة. ومع الانتشار الكبير للسيارات وكل ما يتبعها من انتشار للجرائم الخاصة بها وباستعمالاتها فقد تكشف للخبراء وللمشرع الجزائري مدى الفراغات والثغرات الكبيرة الخاصة باستخدام وكذا صناعة ألواح ترقيم السيارات. العقوبات تصل إلى سحب رخصة السياقة يزداد الطلب على لوحات الترقيم غير القانونية خاصة منها العاكسة لأشعة الرادار وذلك من قبل أصحاب السيارات الجديدة الذين وبالإضافة إلى هذه الخاصية يلجؤون إلى ترقيم سياراتهم بمعطيات أجنبية وأوروبية على وجه الخصوص، وذلك رغم العقوبات المنصوص عليها في قانون المرور الذي حدد وبكل وضوح الخصائص والميزات التي تكون عليها لوحات الترقيم وعقوبة المخالفين لها والتي قد تصل إلى حد سحب رخص السياقة بالإضافة إلى محضر مخالفة بقيمة 2000 دينار. ويتعرض السائقون إلى محضر عقوبات خاص بلوحة الترقيم غير القانونية في ثلاث حالات أساسية، تتعلق الأولى بعدم اعتماد المقاييس الخاصة بلوحة الترقيم أو كتابة الأعداد بشكل إلكتروني وبحجم أكبر أما الحالة الثانية فتخص اللوحات المتسخة بشكل يحول دون القراءة الواضحة للأرقام أو التعرف عليها وهو ما يصعب مهمة رجال الأمن في التعرف عليها في حال توقيف السيارة عند أي حاجز مروري أو لدى التقاطها من طرف الرادار فيما تخص الحالة الثالثة اللوحات المضادة للرادار والتي أضحت تشكل غالبية المخالفات المسجلة في هذا الإطار فيما سيتم إدراج حالات إضافية حسب الضرورة أهمها تلك المتعلقة بالمعطيات الأجنبية على لوحات ترقيم وطنية والتي شاع مؤخرا استعمالها. وبحسب مختصين أمنيين في أجهزة الرادار فإن اللوحات المتداولة تعكس الإشعاعات التي يطلقها جهاز الرادار بشكل يحول دون التقاط صورة واضحة عن اللوحة المراد تحديدها والتي يكون صاحبها قد تجاوز السرعة القانونية المحددة وعليه فإن الصورة الملتقطة تبدو بيضاء ولا تحمل أي رقم، وتستعمل هذه التقنية في الدول الأوروبية لاسيما في ألمانيا وخاصة فرنسا التي تكثر فيها أجهزة الرادار التي تعمل بشكل مستمر ودون توقف أي 2424 ساعة أي حتى أثناء الليل وهو ما أدى بمستعملي السيارات إلى تبني حيل للهروب من رقابة الرادار والتحرر منه للاستمتاع بالسرعة المرغوب فيها. واستغرب المختصون لجوء الجزائري إلى مثل هذا الإجراء خاصة وأن مصالح الأمن لم تعمم استعمال أجهزة الرادار كما أن استعماله يقتصر على أوقات معينة من النهار دون الليل وغالبية الأوقات التي يستعمل فيها تكون فيها حركة المرور كثيفة، وعليه فإن اعتماد هذه اللوحات في الوقت الحالي قد لا يجدي نفعا وسابق لأوانه. وحسب مصالح الأمن فإن غالبية الموقوفين بسبب اللوحات المضادة للرادار يتظاهرون بالغباء وجهلهم بأن اللوحات المستعملة غير قانونية وعدم معرفتهم بذلك في حين أنهم تعمدوا استعمالها وطلبوها تحديدا من أصحاب المحلات التي تعرض عليك اللوحات التي ترغب فيها، وعليه فإن تبريراتهم وحججهم واهية على اعتبار أن القانون لا يحمي المغفلين مما يعرضهم إلى دفع الغرامة المالية التي تنص عليها المخالفة والتي تعادل نصف ثمن اللوحة المستعملة. أما بالنسبة لمستعملي الأعلام أو الأرقام والمعطيات الأجنبية فغالبا ما يتم تحذيرهم أو توعيتهم من قبل مصالح الأمن الملزمة بتوقيفهم عند أي حاجز أو ممر في خطوة استباقية قبل أية عقوبات على اعتبار أنهم غير مطلعون على القانون.. كما يمكن لرجال الامن ان يلزموا صاحب السيارة بتغيير لوحته الترقيمية في الحين مع مقابل احتفاظهم بوثائق سيارته إلى حين إتمام المهمة إلا أنها لا تطبق بشكل دائم ولعل مثل هذه المعاملات شجعت من استعمال هذه الخصائص والمواصفات غير القانونية كما شجعت من تغابي أصحاب السيارات. مصالح الأمن تلاحق الشبكات المتخصصة تقوم مصالح الأمن الوطني بتحقيقات مكثفة وموسعة لتحديد والكشف عن مروجي بعض المواد الخاصة بالسيارات لاسيما ما تعلق منها بلوحات الترقيم غير القانونية التي لا تستجيب للمقاييس الدولية، وتم تحديد عدد من المناطق ومروجي هذه اللوحات شرق الوطن خاصة بولايتي سطيف وبرج بوعريريج، ويأتي هذا الإجراء بعد أن شاع تداول لوحات مضادة للرادار. وحسب مصدر أمني عليم، فقد شرعت مصالح الأمن في إجراء متابعات للكشف عن مروجي بطاقات الترقيم غير القانونية، وذلك انطلاقا من بعض محلات البيع التي حققت معها المصالح المعنية والتي أفضت إلى التأكد من وجود شبكات مختصة في ترويج مواد ليست مطابقة للمقاييس والتي تدخل في صناعة هذه الصفائح المضادة للرادارات من دول أوروبية تتقدمها ألمانيا، كما أن للمغتربين الجزائريين يد في جلب هذه الصفائح والمواد التي تدخل في صناعتها وإدخالها إلى الجزائر وترويجها على مستوى ضيق ومحدود. من جهتهم، لم يتردد أصحاب بعض محلات البيع في الكشف عن وجود مستوردين مختصين في هذا النوع من الصفائح والمعروفة بالألواح الصماء وكذا الأشرطة اللاصقة بعضها مضاد للإشعاعات والآخر ذو نوعية رديئة ما يلبث أن يتعرض للتلف والذي كثر عليه الطلب في الآونة الأخيرة، والمتمركزين بشكل خاص في كل من البليدة والعفرون بالنسبة للوسط وسيدي بلعباس بالنسبة للولايات الغربية للوطن وبشكل أكبر في ولايتي سطيف وبرج بوعريريج. ومن المتوقع أن يرتفع عدد مروجي صفائح الترقيم غير القانونية أكثر فأكثر خاصة مع تكثيف المصالح الأمنية من شرطة ودرك وطني من استعمال أجهزة الرادار بأهم الطرق الوطنية والسريعة وتفطن أصحاب السيارات وارتفاع طلباتهم على لوحات الترقيم الجديدة هروبا من عيون الرادار والغرامة المالية الناجمة عن مخالفات تجاوز السرعة أو غيرها، علما أن أكثر من 15 ألف صانع لألواح الترقيم يستعملون مواد مغشوشة ولا تتطابق والمقاييس الدولية. طلبات كثيرة وأسعار متفاوتة وللاستعلام أكثر حول هذه الظاهرة الجديدة على قطاع النقل ببلادنا تخفت مندوبة ''المساء'' في شكل زبون وقامت باستطلاع ميداني، حيث جابت العديد من محلات بيع لوحات الترقيم بالعاصمة وفوجئت بنفاد هذه اللوحات بالعديد منها فيما طالبها البعض بتقديم طلب مسبق مع دفع تسبيق والانتظار مهلة أسبوع أو أكثر قبل جلب الطلبية من مصدرها الذي رفض العديد منهم الإفصاح عن مكانه خوفا من المنافسة. ولعل الغريب فيما استقيناه من أصحاب المحلات هو تأكيدهم أن أغلب الطلبات تأتي من أصحاب السيارات الجديدة والعلامات الكبيرة والمعروفة بسرعتها وقوة محركاتها وذلك حتى يتسنى لسائقيها التباهي بها وبقوة سرعتها بالطرق السريعة من دون أن ترقبها عيون الرادار التي تترصد لهم في أماكن يجهلونها. ويتراوح مبلغ لوحات الترقيم المضادة للرادار ما بين 2500 و3000 دينار جزائري وتصل أحيانا إلى حدود 5000 دج مقابل 800 إلى 1200 دينار للوحات العادية أي بفارق يتراوح بين ال100 و500 بالمائة عن السعر الأول ورغم ذلك، فإن الإقبال على اللوحات غير القانونية بات كبيرا ومقلقا وملفتا للانتباه وبنفس الوتيرة التي تسوق بها السيارات الجديدة يضيف أحد الباعة الذي أكد لنا أن غالبية السيارات الجديدة تحمل هذه اللوحات غير مبالية بعواقب ذلك وتتميز لوحات الترقيم المضادة للرادار بوجود خطوط رفيعة وشريط عريض بلون أغمق من لون المساحة الإجمالية للوحة حيث أن اللوحات ذات اللون الأصفر يقسمها شريط عريض بلون برتقالي وشريط رمادي فاتح بالنسبة للوحات البيضاء، هذا بالإضافة إلى المادة الأولية التي تدخل في تركيبة اللوحة والتي تضم مواد عاكسة خاصة، كما أن بروز الأرقام نحو الخارج من عدمه له دور في اللوحة.