وجه الاتحاد الأوروبي انتقادات لاذعة لإسرائيل بعد أن اتهمها بالعمل على تقويض كل فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة قائمة على حدود جوان 1967 وعاصمتها القدسالشرقية وفقا لمضمون خارطة الطريق لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ففي تقرير أثار حفيظة إسرائيل أدان دبلوماسيون أوروبيون تسارع وتيرة الاستيطان والقيود المفروضة على الفلسطينيين خاصة في الضفة الغربية والتي أكدوا أنها تقوض بشكل سريع إقامة دولة فلسطين. وجاء في التقرير السري الذي أعده رؤساء بعثات الدول الأوروبية في القدسالمحتلة والضفة الغربية ان ''الباب يكاد يغلق سريعا أمام حل الدولتين في ظل استمرار توسيع المستوطنات الإسرائيلية والقيود المفروضة على حركة الفلسطينيين''. واستند الدبلوماسيون الأوروبيون في ملاحظاتهم على مضمون الاتفاق المؤقت المسمى باسم ''اسلو 2 '' الموقع عام 1995 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. وهو الاتفاق الذي تم بموجبه تقسيم الضفة الغربيةالمحتلة إلى ثلاث مناطق وهي المنطقة ''ألف'' الواقعة تحت السلطة المدنية والأمنية للفلسطينيين و''باء'' الواقعة تحت السلطة المدنية للفلسطينيين والسلطة الأمنية لإسرائيل والمنطقة ''تاء'' الواقعة تحت السلطة المدنية والأمنية لإسرائيل. وركز تقرير الاتحاد الأوروبي الموقع شهر جويلية 2011 وصدر في 16 صفحة حول المنطقة الثالثة ذات كثافة سكانية قليلة حيث تقطنها أقلية بدوية ولكنها تغطي نسبة 62 بالمئة من مساحة الضفة الغربية وتتوفر على ثروات طبيعية وأراض من المفروض ان يستفيد منها الفلسطينيون في إحداث التنمية الديمغرافية والاقتصادية لإقامة دولتهم المستقلة. وقال التقرير ان إسرائيل تريد فرض سيطرتها على هذه المنطقة وخاصة وادي الأردن عبر الحدود بين الضفة والمملكة الأردنية. وفي الوقت الذي حث فيه التقرير السري الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالتنسيق مع فاعلين دوليين آخرين على الإعراب عن اعتراضهم لإجراءات الطرد التي يتعرض لها الفلسطينيون في المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية. دعا إسرائيل إلى تغيير سياستها ونظام التخطيط في المنطقة الثالثة وترقية التنمية الاقتصادية فيها. ولم تستسغ إسرائيل مضمون التقرير وسارعت إلى مهاجمة الاتحاد الأوروبي باتهامه بأنه يتبع منهجية غير نزيهة إزائها. وقال مسؤول إسرائيلي رفض الكشف عن هويته ان الاتحاد الأوروبي يقوم بتحضير تقارير سرية من دون مطالبتنا بتقديم أية معلومات أو موقف مكتفيا بالمعطيات التي يزودها به الطرف الفلسطيني. واتهم المسؤول الإسرائيلي القنصليات الأوروبية في القدسالمحتلة بالعمل على حماية ''السياسة الفلسطينية ودعايتها''. وكان الرد الإسرائيلي على مثل هذا التقرير متوقعا لأنه نقل بعض من حقيقة المعاناة والواقع المرير الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني المحروم من إقامة دولته المستقلة بسبب تعنت المحتل الصهيوني. ولكن ماغا كوسيجانسيك المتحدثة باسم رئيسة الدبلوماسية الأوروبية وصفت التقرير بأنه واقعي ويساعد الاتحاد الأوروبي على تحديد أفضل طريقة للتوصل إلى حل الدولتين في إطار عملية السلام في الشرق الأوسط. والمؤكد ان هذا التقرير سيساهم في توتير العلاقة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي التي شابها بعض التوتر في الآونة الأخيرة بسبب المواقف الأوروبية التي ترى فيها حكومة الاحتلال أنها منحازة إلى الجانب الفلسطيني. وسبق لوزير الخارجية الإسرائيلي اليميني المتطرف افيغدور ليبرمان ان اتهم كل من ألمانيا وفرنسا والبرتغال وبريطانيا بأنه أصبح لا معنى لمواقفها بالنسبة لإسرائيل بعد ان أدانوا في الأممالمتحدة الاستيطان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وليست هي المرة الأولى التي ينتقد فيها الاتحاد الأوروبي إسرائيل حيث عبر مؤخرا عن قلقه إزاء سياسة التمييز التي تنتهجها حكومة الاحتلال ضد الأقلية العربية التي لا تزال تعيش داخل إسرائيل أو ما يعرفون بعرب 48 والذين يعانون من أسوء المعاملات. وكانت التقرير الذي أعده السفراء الأوروبيون في إسرائيل ويعد الأول من نوعه الذي يتحدث عن هذه النقطة الحساسة اعتبر ان الطريقة التي تتعامل بها إسرائيل مع المواطنين العرب تمثل مشكلا مركزيا وليس ثانويا في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وهو الأمر الذي أثار حفيظة حكومة الاحتلال واعتبرت التقرير الأوروبي ''تدخلا في شؤونها الداخلية''. ويأتي تقرير الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي أكد فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ان الفلسطينيين سيواصلون مساعيهم بشأن الحصول على العضوية في الأممالمتحدة وإدانة الاحتلال الإسرائيلي رغم اللقاءات المبرمجة مع إسرائيل في العاصمة الأردنية والتي تهدف إلى إحياء عملية السلام.