افترق المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون أمس بعد رابع لقاء استكشافي مباشر بينهم بالعاصمة الأردنية دون أن يحققوا أدنى تقدم على طريق استئناف مسار السلام المتعثر منذ نهاية سبتمبر .2010والتقى مفاوضو الجانبين طيلة نهار السبت دون أن يتمكنوا من تحقيق أي تقدم بعد أن اصطدم الجانب الفلسطيني بجملة اللاءات الإسرائيلية الرافضة لكل فكرة للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع جوان 1967 أو القدس عاصمة للدولة المستقلة. والأكثر من ذلك أن الجانب الإسرائيلي لم يشأ الرد على المقترحات التي سبق أن قدمها الوفد الفلسطيني بخصوص المسائل الأمنية وتبادل الأراضي في إطار حسم قضايا الوضع النهائي وهو ما جعل الوفد الفلسطيني يصاب بخيبة أمل أخرى وهو يغادر العاصمة الأردنية دون أن يحقق أية نتيجة ملموسة. واعترفت مصادر فلسطينية على صلة بما جرى داخل جلسة التفاوض التي تمت تحت رعاية أردنية أن جولة المفاوضات هذه كانت صعبة كمثيلاتها ولم يتم تحقيق أي تقدم منها. والمتتبع لمواقف حكومة الاحتلال في المدة الأخيرة يزداد قناعة أنها غير راغبة في تحقيق السلام وإنما ربح مزيد من الوقت والتسويف في نفس الوقت الذي تقوم فيه بابتلاع المزيد من أراضي الضفة الغربيةوالقدس الشريف ضمن خطة استيطانية محكمة وتقوم بتنفيذ خطواتها الواحدة تلوى الأخرى. ولو كانت حكومة نتانياهو تريد فعلا تحريك عملية السلام لما أقدمت على اعتقال رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك والنائب خالد الطفش في عمل استفزازي لا يمكن بأي حال من الأحوال إخراجه عن دائرة التأثير على المفاوضين الفلسطينيين وإفشال هذه الجولات التفاوضية من أساسها. وهو ما جعل صائب عريقات الذي قاد الوفد الفلسطيني يوجه رسالة إلى الوزير الأول الإسرائيلي عبر رئيس الوفد المفاوض إسحاق مولخو طالبه فيها بإطلاق الدويك وعشرين نائبا آخر اعتقلتهم إسرائيل منذ سنة 2010 في خرق مفضوح لكل الأعراف الدولية بدلا من التركيز على الجوانب ذات الصلة بالمفاوضات. ويأتي هذا الفشل المتواتر لجلسات التفاوض عشية انتهاء المهلة التي منحتها اللجنة الرباعية المكلفة بعملية السلام في الشرق الأوسط والتي تنتهي يوم الخميس القادم لتقديم مقترحات مفصلة حول حدود لدولة الفلسطينية المستقلة والمسائل الأمنية. وكان صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين قد أكد في وقت سابق أن الوفد الفلسطيني لن يواصل مفاوضات عمان بعد هذا التاريخ في حال رفضت الحكومة الإسرائيلية الالتزام بشكل علني وقف كل الأنشطة الاستيطانية التي تكاد تبتلع حوالي 30 في المئة من أراضي الضفة الغربية دون الحديث عن المشاريع الاستيطانية الضخمة التي باشرتها في مدينة القدس بدعوى أنها جزء لا يتجزأ من عاصمة إسرائيل الأبدية. وهي كلها دلائل تزيد في القناعة بأن إسرائيل لا تريد تحقيق السلام ولكنها تعمل على إفشال كل مسعى لحلحلة وضع مسار أصيب بالجمود التام بعد أن تأكدت انه لا توجد أية قوة في العالم تريد إرغامها على ذلك. وهو ما يعني بطريقة تلقائية أن زيارة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون يوم غد إلى فلسطين وإسرائيل تبقى عديمة الجدوى بل أنها تعزز الموقف الإسرائيلي الرافض لأي اعتراف بالحقوق الفلسطينية وهي تدرك أن المسؤولة الأوروبية إنما حلت بالمنطقة وهي غير قادرة على فعل أي شيء على طريق السلام إن صحت مثل هذه التسمية. وتلك هي عيوب أطراف اللجنة الرباعية الراعية لعملية السلام الذين يعترفون بالحيف الإسرائيلي الممارس في حق الفلسطينيين ولكنهم عندما ينتظر منهم فعل أي شيء لا يقدرون، ليطرح السؤال ما الفائدة من مفاوضات تكرس الاحتلال وتزيد في درجة تحديه لكل العالم وسط ضياع الحقوق الفلسطينية الواحدة تلوى الأخرى؟