التقى مفاوضون فلسطينيون وإسرائيليون، أمس، بالعاصمة الأردنية في ثاني اجتماع بينهما خلال أسبوع يندرج ضمن المساعي الرامية لإحياء عملية السلام المتعثرة منذ سنوات بين الجانبين.وشارك في الاجتماع مسؤولون من الأردن الذي أخذ على عاتقه مسؤولية تحريك عملية السلام إلى جانب ممثلي اللجنة الدولية الرباعية للسلام في الشرق الأوسط. وقاد الوفد المفاوض الفلسطيني صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، فيما مثل المحامي إسحاق مولخو المستشار الخاص لرئيس الحكومة الإسرائيلية. وكان الجانبان عقدا قبل أسبوع اجتماعا أولا بالعاصمة الأردنية ضمن ما اصطلح على تسميته بالجولات الاستكشافية ولكنه انتهى إلى نتيجة صفرية لسوء النية لدى الطرف الإسرائيلي الذي لم يقدم أي التزامات بخصوص المطالب الفلسطينية بضرورة وقف الاستيطان والتفاوض على حدود الرابع جوان 1967 وإطلاق سراح كل الأسرى والإقرار بحق العودة للاجئين الفلسطينيين. وهو ما جعل أوساطا سياسية فلسطينية تبدي تشاؤمها من الاجتماع الثاني ولا تعلق عليه أية آمال في إمكانية خروجه بنتيجة ملموسة خاصة في ظل تنامي الاستيطان وتكثيف الاحتلال الإسرائيلي لمخططات تهويد مدينة القدسالمحتلة مما يقوض كل جهد لإعادة إطلاق مفاوضات رسمية مباشرة بين الجانبين. وهي الحقيقة التي تدركها السلطة الفلسطينية التي قبلت الجلوس مجددا إلى طاولة الحوار مع الجانب الإسرائيلي تحت ضغط المجموعة الدولية بقيادة الولاياتالمتحدة التي تعتبر المفاوضات المباشرة السبيل الوحيد للتوصل إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وحتى قبل انطلاق الاجتماع، فإن الجانب الفلسطيني كان على يقين أن إسرائيل لن تتخلى عن رؤيتها لسلام تريده على مقاسها وأن جلوسها إلى طاولة التفاوض ما هو في حقيقة الأمر إلا مناورة جديدة منها لإيهام العالم بأنها تسعى إلى السلام. وهو الأمر الذي أكده واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي قال إن إسرائيل ''ستقدم ردها على الرؤية التي قدمها صائب عريقات إلى الرباعية الدولية''. وأشار المسؤول الفلسطيني إلى أن الممثل الإسرائيلي إسحاق مولخو قدم خلال اللقاء الأخير 22 نقطة شفهية وهي نفس النقاط التي قدمها مسبقا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للرئيس الفلسطيني محمود عباس والتي تمثل بالأساس عراقيل أمام إقامة الدولة الفلسطينية. وقال أبو يوسف إن النقاط التي قدمها مولخو تحول دون إقامة الدولة الفلسطينية وتفرض خلالها إسرائيل سيطرتها على المعابر الحدودية إضافة لسيطرتها على المناطق الإستراتيجية في مناطق السلطة الفلسطينية وترفض فيها اعتبار القدسالشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية. وأكد أن القيادة الفلسطينية لا تعول كثيرا على لقاءات عمان لأنها لن تتمخض عن شيء فعلي حقيقي بل تدور في حلقة مفرغة وتدرك أن إسرائيل غير جادة في مسعاها وإنما تريد فقط أن توهم العالم بسعيها للسلام. وكانت العاصمة الأردنية احتضنت الاسبوع الماضي أول اجتماع مباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين بحضور أردني وبحضور مندوبين عن اللجنة الرباعية الدولية لحل النزاع في الشرق الأوسط وذلك منذ توقف المفاوضات بينهما نهاية سبتمبر 2010 بعد أربعة أسابيع من إطلاقها برعاية أمريكية بسبب الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأكد ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن لقاءات عمان بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تأتي في سياق اللقاءات الاستكشافية التي أكد عدم وجود أي خلاف فلسطيني حولها وإنما الخلاف بالأصل هو أن إسرائيل لا تريد مفاوضات جادة عبر رفضها الاعتراف بمبدإ حل الدولتين ووقف الاستيطان الذي تسارع بوتيرة عالية في القدس خصوصا وباقي الأراضي الفلسطينية. ولكنه أكد بالمقابل على أن السلطة الفلسطينية ستستمر بالعمل مع المجتمع الدولي لنيل العضوية في الأممالمتحدة ومؤسساتها وكذلك العمل على إجبار إسرائيل على وقف إجراءاتها الأحادية. وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قال إن السقف الزمني للمبادرة الأردنية لاستئناف مفاوضات السلام المتعثرة منذ أكثر من عام مع إسرائيل لن يتعدى ال26 من الشهر الجاري. وطالب عريقات الحكومة الإسرائيلية بالتجاوب مع المبادرة الأردنية ''بأن تقدم موقفها من قضيتي الحدود والأمن وأن توقف الاستيطان بما يشمل القدسالمحتلة وأن يتم الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين لديها خاصة الذين اعتقلوا قبل العام 1994 أي قبل بدء المرحلة الانتقالية''.