تاكوشت تختزل الحياة في ''السواد في الأمل'' وصاولي مشروع كوميدي واعد يعكس العرض المسرحي المونودرامي ''السواد في الأمل'' فسيفساء من المشاكل والعوائق والمواقف والسلوك الموجود في المجتمع الجزائري، وتمكنت الممثلة ريم تاكوشت في تجسيد دور الغالية من تمرير رسائل واضحة عرت بذلك أكثر من جانب يعكر صفو الناس في حياتهم واختزلت في دورها مكانة المرأة وقوة النفوذ التي شكلت خللا في موازنات الحياة والقيم والمبادئ التي تنادي بها أطراف غير معنية بذلك البتة، إضافة إلى جوانب أخرى سياسية واجتماعية وفكرية، لاقت إعجاب الجمهور سهرة أول أمس بالمركز الثقافي بمغنية بتلمسان. يشارك العرض المونودرامي ''السواد في الأمل'' عن تعاونية ''الرماح'' للجزائر العاصمة، في إطار الأيام الوطنية للمونولوج الذي تنظمه دائرة المسرح في إطار تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''، وأمام جمهور متواضع قدمت الممثلة ريم تاكوشت عرضها الذي تناولت من خلاله جملة من التقاطعات التي يعيشها الناس وبسببها وقعوا ضحايا للغبن والقهر، فتناول النص تحولات غير مبررة في الجانب السياسي والاجتماعي، وطرحت بذلك العديد من الأسئلة التي تضع اليد على الجرح، فانتقدت مثلا المسؤولين في البلاد ووصفتهم بأن ''ذئاب الغابة أرحم منهم''. وفي أسلوب درامي ساخر؛ تقمصت ريم تاكوشت دور امرأة اسمها ''الغالية'' تعيش في غابة على ذكريات الماضي مع أمها وأبيها المتوفيين، إذ استشهد الأب في سبيل تحرير البلاد، ليتقلد أناس آخرون مناصب عليا رغم أنهم لم يقدموا شيئا للوطن، بل العكس كانوا عملاء للاستعمار، والأسوأ من ذلك يقومون باستغلال نفوذهم في تعدد الزوجات، وإرضاء مصالحهم الشخصية، وذلك في خطاب تصاعدي اشتدت فيه نبرة الانتقاد ليعرج إلى ظاهرة ''الحرقة'' التي يحمل المسؤولون نتيجتها للأشخاص المعنيين وأولياء أمورهم ومخاطبتهم في جحورهم، وتجرأت أن توجه أصبع الاتهام للمسؤولين في ضعف الحالة الاجتماعية التي تعد السبب الرئيسي في تزايد ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وبعدما شرحت أكثر من موضوع، اختار النص أن ينتهي بإشعال شمعة أمل رغم كل السواد الذي تكلمت عنه الغالية، وشكل إطلاق صوت الأذان رمزية عميقة مفادها أن الأمل وارد والإيمان بقضاء الله وقدره أيضا واجب، وأن الله فوق الجميع مهما بلغت شدة وقوة ونفوذ المسؤولين. في جانب متصل؛ استطاعت الأيام الوطنية للمونولوج المتواصلة حتى 16 فيفري الجاري بشتى بلديات تلمسان، أن تكشف عن إحدى المواهب الواعدة في مجال المونولوج، وقد تعرف الجمهور على الممثل مراد صاولي بقاعة بن سكران الواقعة شرق الولاية، إذ تمكن بفضل أدائه المتميز من إعادة الروح للقاعة ورسم تعابير جميلة على وجوه الحاضرين، خاصة وأن البلدية لم تشهد عروضا مسرحية مماثلة منذ سنوات السبعينات مع الممثل الراحل حسن الحسني. أعاد الممثل مراد صاولي من تعاونية ''زوايا الفن'' لمدينة سطيف الزمن الجميل لبلدية بن سكران، حيث مر من قاعة السينما القديمة الممثل الراحل حسن الحسني وأحيا بها سنوات السبعينات أجمل العروض المسرحية، ولم تشهد المنطقة منذ ذلك الوقت عروضا مماثلة باستثناء تقديم ''ستاند أب'' لعبد القادر السيكتور قبل أربع أو خمس سنوات. ووفق الممثل القادم من العلمة في خلق أجواء من الفرحة والفرجة والضحك، إذ استلطفه الجمهور المتكون من الشباب والأطفال وتفاعل معه مدة ساعة من زمن العرض، رغم أن النص لصاحبه مراد بن شيخ لم يرق لمستوى قدرات الممثل التي أبانت عن مشروع كوميدي واعد، حيث أعاد الكثير من الأفكار المتداولة في المجتمع الجزائري على غرار المحسوبية لكنه لم يمحصها بالشكل العميق واكتفى بالسطحية في تناول مشكلة شاب يريد أن ينِشئ أسرة مع حبيبته لبنى، وبين الحظ العاثر الذي كان يصاحبه والبيروقراطية التي اصطدم بها في كل مرة يودع ملفا للعمل، لم يستطع النص الوصول إلى أسباب المعضلة التي يتخبط فيها الشاب، وفي مسار خطابي مع الجمهور، تم لمس نقص في التشويق وغياب عنصر المفاجأة وعمق الصراع الذي يعيشه الممثل. وعقب نهاية العرض؛ قال مراد صاولي إن القاعة لم تسعفه في تقديم أداء أحسن ولكنه أعجب بالجمهور الذي توافد بغزارة، وأعرب عن سعادته في إدخال الفرحة في قلوبهم. يذكر أن الأيام الوطنية للمونولوج نظمتها دائرة المسرح في إطار تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''، ويرتقب أن تجوب بلديات مغنية، سبدو، بن سكران والغزوات، ويشارك فيها ثلة من العروض المسرحية التي تصب في نوع المونولوج وال ''وان مان شو''. مبعوثة المساء الى تلمسان :دليلة مالك