يعدّ حصن ''تازا'' المتواجد بأعالي بلدية برج الأمير عبد القادر (على بعد 80 كلم عن مدينة تيسمسيلت)، والذي بناه الأمير عبد القادر في ,1838 معلما تاريخيا هاما وشاهدا على إحدى مراحل مقاومة الأمير للاحتلال الفرنسي. وقد تمّ تشييد حصن ''تازا'' الذي يعدّ مبنى عسكريا يتوفّر على العديد من المنشآت المتمثّلة في معامل لإنتاج الأسلحة، النسيج والجلد، وكذا مخازن، مطاحن، سجن، إسطبل ومخبزة سنة ,1838 من طرف خليفة مليانة آنذاك محمد بن علال بأمر من الأمير عبد القادر، وذلك نظرا للأهمية الإستراتيجية للموقع الذي تحيط به عدّة مرتفعات، فضلا عن قرب الموقع من منطقة ''التيتري''(ولاية المدية حاليا). وقد احتضن هذا الموقع حدثا مهما يوم 3 جويلية ,1839 وهو انعقاد المجلس الشورى للمقاومة الذي تمخض عنه إعلان الأمير عبد القادر الجهاد مجددا ضدّ الاستعمار الفرنسي، بعد نقض فرنسا لمعاهدة تافنة، كما ذكر بذلك السيد شلغوم محمد رئيس جمعية ''تازا'' للآثار والتراث لبلدية برج الأمير عبد القادر، وقد تمّت إماطة اللثام عن هذا المعلم التاريخي عبر مرحلتين، حيث قامت بعثة علمية من المتحف الوطني للآثار القديمة خلال سنة 1974 بتحديد بعض الجدران لأسوار قلعة الأمير عبد القادر، حيث عثر لدى أحد سكان المنطقة على حلقة من النحاس مزخرفة بعناصر نباتية، وعلى جانب منها رسمت صورة رجل يعتقد أنّها للأمير عبد القادر. وتميّزت المرحلة الثانية من الاكتشاف بعمل ميداني قام به الدكتور عز الدين بويحياوي، وهو أستاذ باحث في الآثار الإسلامية بمعهد الآثار بالجزائر العاصمة، وقد قاد هذا الباحث رفقة عدد من طلبة المعهد عدّة حفريات ابتداء من ,2001 والتي قدّمت على ضوئها نتائج هامة تمثلت في إظهار الهياكل المعمارية للحصن واستخراج آثار منقولة منها؛ الفخار والخزف، إضافة إلى قطع نقدية تمثل رمز الدولة الجزائرية في عهد الأمير، إلى جانب ماسورة بندقية. وأوضح هذا الباحث ل ''وأج'' من جهة أخرى، أنّ أهمّ اكتشاف تمّ تحقيقه خلال هذه الفترة، هو اكتشاف قطعة نقدية من الفترة الموحدية، ''مما يدلّ على أنّ هذا الموقع كان آهلا خلال القرون الماضية لا سيما خلال العصر الوسيط''، وأوضح الدكتور بويحياوي أنّ حصن تازا الذي أنشأه الأمير عبد القادر قد بني على أنقاض مدينة رومانية قديمة، بالنظر إلى اكتشاف العديد من المسكوكات وبعض القطع الفخارية الرومانية بالموقع، ''مما يثبث أنّه كانت توجد حامية رومانية خلال القرن الثاني أو الرابع الميلادي بالمنطقة''. وأظهرت الاكتشافات التي قام بها الدكتور بويحياوي رفقة طاقمه العلمي، أنّ حصن ''تازا'' الذي بناه الأمير عبد القادر يعدّ مبنى عسكريا يتوفّر على العديد من المنشآت المتمثّلة في معامل لإنتاج الأسلحة والنسيج والجلد، وكذا مخازن ومطاحن وسجن وإسطبل ومخبزة، ونظرا لأهمية هذا الموقع، تم تصنيفه وطنيا سنة ,2010 حيث من شأن هذه العملية المساهمة في ترقية وتطوير السياحة الثقافية بالجهة من خلال إعداد مخطط لحماية معلم ''تازا''، يشمل على إنجاز مسارات وفضاءات للزوار، وبطاقات توجيهية ومراكز للحراسة، حسب مديرية الثقافة لولاية تيسمسيلت. من جهة أخرى، وبغية إبراز مسيرة ومآثر مؤسّس الدولة الجزائرية الحديثة الأمير عبد القادر، تنظّم سنويا مديرية الثقافة بالتنسيق مع جمعية تازا للآثار والتراث لبلدية برج الأمير عبد القادر ''جلسات تازا''، وذلك منذ سنة 1999 بمشاركة شخصيات وطنية وأساتذة مختصين في التاريخ والعلوم السياسية والأنثربولوجيا. وتعدّ هذه الجلسات فرصة للتطرّق إلى إعلان الأمير الجهاد مجدّدا ضدّ الاحتلال الفرنسي، والقيمة الحضارية والأثرية لموقع ''تازا''، فضلا عن تقديم نتائج الحفريات لكل مواسم التنقيب عن الآثار على مستوى الموقع، وذلك من طرف الدكتور بويحياوي عز الدين.