اشرف يوم أمس وزير التجارة السيد مصطفي بن بادة بمركز الاتفاقيات بوهران على افتتاح أشغال الملتقى العربي العلمي لحماية المستهلك حضره مشاركون من عدة دول عربية الذين تناولوا بالتحليل مختلف القوانين والتشريعات المتعلقة بالقواعد العامة لحماية المستهلك في مختلف المجالات، حيث تم استعراض العديد من التجارب العربية الحكومية والخاصة. وفي هذا الإطار، أكد السيد حريز زكي رئيس الملتقى والفيدرالية الجزائرية للمستهلكين على أن الهدف من هذا اللقاء العربي هو تكوين المكونين من أجل التوصل إلى تجسيد ثقافة استهلاكية أصيلة وسليمة في كل الأوساط الاجتماعية التي أراد لها التماشي مع الثقافة الحضرية غير متغافلين عن التطور التكنولوجي المعتمد على الثقافة الاستهلاكية. وذكر السيد حريز زكي في مداخلته بالعديد من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تطالب المسلمين المؤمنين بالأكل من الطيبات وهي القاعدة الذهنية في ميدان التسوق الحديث، كما شدد على أن اختيار هذا الموضوع جاء بهدف سد الخلل في مختلف الميزانيات الحكومية العربية، وبالتالي ترشيد النفقات دون الاعتماد على النموذج الاستهلاكي الرأسمالي الخاطئ الذي ظهرت آثاره السلبية والسيئة على الصحة العمومية ومن ثم تنامي ظاهرة الغش التجاري والتقليد، مستدلا بما وصلت إليه عمليات الغش في البلدان العربية كلها، حيث بلغت 25 مليار دولار وأن متوسط الإنفاق من دون مقابل هو 100 دولار سنويا للفرد الواحد الأمر الذي لا يمكن قبوله ولا السكوت عنه. إن هذا الواقع جعل وزير التجارة، السيد مصطفى بن بادة، يلح على العمل على توفير كل السبل للتوصل إلى تجسيد ثقافة استهلاكية واعية من أجل حماية النفس بالنفس ومن النفس، داعيا بالمناسبة السلطات العمومية وجمعيات حماية المستهلك وكل المعنيين في كل المجالات والمستويات إلى تحديد معالم الثقافة الاستهلاكية ورسم استراتجية واضحة المعالم لتحقيق الاستفاقة الاجتماعية، السير على نهج الشعوب المتحضرة المدركة لأهدافها انطلاقا من الحديث النبوي الشريف ''خير الناس أنفعهم للناس''. وزير التجارة أكد كذلك على أن الثقافة الاستهلاكية تطورت إلى استهلاك المعاني والخبرات والصورة وإضفاء الطابع الأنيق على المنتوج الذي له أسلوب يميزه حتى أصبحت الثقافة الاستهلاكية الحالية مرتبطة بالأشخاص المشهورين والمغمورين كنجوم السينما والرياضة. فالثقافة الاستهلاكية حسب وزير التجارة أصبحت في بعض الأحيان قهرية تدفع الناس دفعا للاستهلاك بصرف النظر عن الفوائد باعتمادها على عنصرين هامين يتعلق الأول بالتقليد الأعمى لكل ماهو قادم من الغرب والثاني مرتبط بالتقاليد المتعلقة على وجه الخصوص بالمناسبات كالأعراس والحفلات التي يتم فيها الاستهلاك المفرط. من هذا المنطلق يشكل موضوع حماية المستهلك انشغالا كبيرا للسلطات العمومية بغرض حماية المصالح المادية المتمثلة في تكريس الحقوق من قبل القانون الجزائري ''09 / ''03 الذي تم فيه اتخاذ العديد من الإجراءات لحماية المستهلك وقمع الغش وسد الثغرات القانونية هو ما مكن جمعيات حماية المستهلك من التأسس كطرف مدني في مختلف النزاعات القانونية ومنح هذه الجمعيات صفة المنفعة العامة، إضافة إلى إصدار قانون آخر ''12 / ''06 الهادف إلى حماية المستهلك ومراقبة النوعية وقمع الغش وكذا إنشاء مجلس للمنافسة وآخر لحماية المستهلك، إضافة إلى خلق 20 مخبرا على المستوى الوطني لمراقبة النوعية وقمع الغش وخلق شبكة لإعطاء الفرصة للمستهلك لتمكينه من حماية نفسه محليا إلى جانب السعي إلى تجسيد إمكانية توظيف قدرات إضافية تعادل فتح 7000 آلاف منصب شغل خلال المخطط الخماسي الممتد من 2010 /2014 وهذا بهدف تعزيز الرقابة لحماية المستهلك من جهة والاقتصاد من جهة أخرى لينتهي ذلك كله بإنشاء شبكة للإنذار السريع تمكن السلطات العمومية في كل مكان وأي وقت لحماية المستهلك وذلك من خلال تدعيم الساحة الإعلامية بإنجاز أول دليل للمستهلك. كما أكد وزير التجارة على ضرورة إطلاق مفردات جديدة خاصة بالثقافة الاستهلاكية والاتفاق عليها وحول مضمونها، كأن يكون الاستهلاك مجالا لإحداث التنمية المحلية من الناحية الاقتصادية ويسعى للكشف عن الأبعاد الاجتماعية للاستهلاك من خلال ارتباطه بأسلوب الحياة ووظائف الرموز التي يحملها من الناحية الاجتماعية ومساهمة الاستهلاك في بلورة الهوية الاجتماعية وتحديد رموز المكانة في امتلاك بعض السلع من الناحية الثقافية.