أكدت الجزائر أول أمس اختطاف قنصلها بغاو (مالي) رفقة ستة أعوان تابعين للقنصلية من قبل أطراف مجهولة. وقال السيد مراد مدلسي وزير الخارجية إن الحكومة مجندة بغية ضمان اطلاق سراحهم. مشيرا الى ان المختطفين ''أجبروا على الخروج من مقر التمثيلية الديبلوماسية وأنهم حاليا تحت مسؤولية أطراف لا نعرفها''. وأضاف رئيس الديبلوماسية الجزائرية في تصريح للصحافة على هامش لقائه بالمنظمة غير الحكومية الامريكية ''ناشيونال ديمكراتيك انستيتيوت'' ان ''الحكومة الجزائرية مجندة بصفة كاملة حتى تضمن في أقرب الآجال سلامة وحرية هؤلاء الجزائريين. وكان بيان وزارة الخارجية قد اشار اول امس الى انه على ''إثر هذا العمل الذي تدينه الجزائر بشدة فقد تم تنصيب خلية أزمة لمتابعة تطور هذه القضية وليتم تسخير كل الوسائل الضرورية لعودة مواطنينا سالمين''. وفيما لم تتحدد بعد هوية الخاطفين فإن هذه العملية تعد الثانية من نوعها في السلك الدبلوماسي الجزائري بعد حادثة العراق عام ,2005 عندما تم اختطاف القائم بالأعمال علي بلعروسي والملحق الدبلوماسي عز الدين بلقاضي بالعاصمة بغداد من قبل تنظيم ابو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق الذي اعلن فيما بعد قتلهما ما دفع بالجزائر الى سحب بعثتها الدبلوماسية من العراق. وتأتي عملية الاختطاف في الوقت الذي تصاعدت فيه معارك يديرها متمردو الطوارق شمال مالي ومطالبتهم باستقلال جزء من هذا البلد الذي يتقاسم حدودا مع الجزائر، وكان سفير الجزائر بمالي نور الدين عيادي قد التقى يوم 26 مارس الماضي بباماكو بممثلين عن المجموعة العسكرية التي نفذت الانقلاب بمالي وسلم لهم رسميا البيان الذي صدر قبل ذلك بيوم واحد عن الحكومة الجزائرية بخصوص الوضع السائد في هذا البلد. وقد ذكرت الحكومة الجزائرية في بيانها بموقفها الذي عبرت عنه يوم 22 مارس الماضي، حيث ''أدانت بشدة التغيير المخالف للدستور بهذا البلد الشقيق'' وجددت ''نداءها الملح لإعادة النظام الدستوري باعتباره الحل الوحيد الذي يستجيب لتطلعات الشعب المالي''. وعلى اثر اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين ادان رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينغ ب''شدة'' امس هذه العملية، حيث شدد بينغ في بيان وزعه الاتحاد الافريقي بأديس أبابا، على ''خطورة هذا العمل المرفوض'' الذي ارتكب ضد بعثات دبلوماسية دولية ومبعوثين دبلوماسيين، مطالبا بالاطلاق الفوري لسراح كل المختطفين''. وأكد بينغ التزام الاتحاد الافريقي في اطار آلياته وأدواته المعنية وقرارات مجلس السلم والامن الافريقي ب''عدم ادخار اي جهد لتعزيز التعاون العالمي والافريقي من اجل منع ومكافحة الارهاب''. وقد حظيت الازمة المالية منذ اندلاعها باهتمام كبير من قبل الجزائر التي كثيرا ما ركزت على ضرورة استتباب الامن والاستقرار في هذه المنطقة، حيث انها كثيرا ما توسطت لرأب الصدع بين الفرقاء بكيدال والحكومة المالية، ونذكر في هذا الصدد بالتوقيع على اتفاق الجزائر من أجل استتباب السلم والأمن والتنمية في مناطق شمال مالي في شهر جويلية 2006 بالجزائر العاصمة. وقد اسفرت هذه الجهود سنة 2009 عن إلقاء أكثر من 500 متمرد من الطوارق ينتمون إلى تحالف 23 مايو الديمقراطي من أجل التغيير، اسلحتهم وفق اتفاق الجزائر 2006 ، قبل ان تتجدد المواجهات بعد ذلك بين الجانبين بسبب الاخلال بالاتفاق وقد تصاعد التوتر بالخصوص بعد الازمة الليبية وافرازاتها التي تمثلت في التنقل غير الشرعي للاسلحة وتنامي نشاط الجماعات الارهابية في هذه المنطقة، لا سيما بعد ان تأكد وقوع هذه الاسلحة بين ايدي ارهابيين بمالي باعتراف سلطات باماكو. وهو ما سبق وان حذرته الجزائر، داعية الى ضرورة تنسيق الجهود بين دول الميدان من اجل تدارس المشكلة.