قدّم الكاتب الجزائري حميد قرين وصفة خاصة للكتّاب الذين يرغبون في كتابة ''بورتري'' ناجح تضم المقادير الآتية: أن يكون عارفا بالكثير من خبايا علم النفس، أن يلّم بتقنيات الأسلوب المشوّق، وأخيرا أن يتوفّر على ما يطلق عليه ب''معنى الصيّغ''، أي أن يدرك استعمال معاني المفردات والجمل الصريحة، الثاقبة التي تمسّ صميم المعنى المطلوب. أضاف قرين في المحاضرة التي ألقاها أوّل أمس بمركز التسلية العلمية حول تقنيات كتابة البورتري، أنّ كاتب البورتري، يجب عليه أن يجذب القارئ من السطر الأوّل إلى آخره، وهذا عن طريق اعتماد أسلوب مشوّق، علاوة على تمكّنه من استعمال المعاني العميقة التي تترك أثرا خالدا في المتلقى. كما أكّد قرين على ذاتية تأليف هذا النوع من الكتابة، مضيفا أنّ لا موضوعية في كتابة البورتري، بل هو عبارة عن صورة لحظة ما، أبعد من ذلك فقد يكون الكاتب ظالما للشخصية التي يكتب عنها، علاوة على إمكانية تلقيه الكثير من الإنتقادات من طرف القرّاء حول ما يكتبه عن الشخصيات، وهو ما يراه قرين عاديا، وحدث له أكثر من مرّة، مقدّما مثالا عن ذلك في كتابته لبورتري عن الرئيس الراحل أحمد بن بلة، حيث تلقى إيميلات نقدية في هذا الصدد. واعتبر كاتب ''الصلاة الأخيرة'' أن هناك من انتقد مقاله حول بن بلة، بحجة أنّه كان لطيفا في كتابته هذه، مضيفا أنّنا نعيش في مجتمع محافظ يجبرنا أحيانا على أن نبتعد عن كلّ ضوضاء، بيد أنّه كتب بأسلوب لاذع حول عزوز بقاق (الوزير الأسبق الفرنسي)، بالمقابل اعتبر الكاتب أنّ تخصّصه في كتابة البورتري يعود أيضا إلى حياديته في هذا المجال من الكتابة، عكس بعض الأعمال التي يشعر أنّه يسبح في أعماقها. وفي هذا الصدد، قال قرين أنّه توقّف عن كتابة عمل حول شخصية واقعية من منطقة بن طلحة منذ الخامس من شهر جويلية من السنة الفارطة، وهذا لشدّة وقع الأحداث عليه، مضيفا أنّه يدرك أحداث رواياته قبل أن يكتبها، رغم أنه أحيانا تهرب شخصيات أعماله من قدرها المحتوم، وتقرّر مسارها في الرواية، مثلما حدث مع شخصية حواس في رواية ''الصلاة الأخيرة''. وعاد قرين إلى البورتري الذي كتبه عن اللاعب الشهير لخضر بلومي، والذي حقّق مبيعات تفوق عشرين ألف نسخة، وقال إنّ هذا العمل تطلّب منه الكثير من الجهود، بداية بمحاولة كسب رضا وثقة بلومي لكي يقبل بأن يخصّص كتاب عن حياته، ومن ثم البحث عن تفاصيل مشواره في الرياضة وميادين أخرى، وهذا من خلال إجراء حوار مطوّل معه، وكذا الاتصال والالتقاء بمحبيه ومعارفه. وأضاف قرين أنّ كتابة بورتري عن بلومي لم يكن بالأمر السهل، خاصة أنّ هذا اللاعب معروف بصمته وانزوائه عن الآخرين، إلاّ أنّ مؤلّف ''كامو في النرجيلة'' صمّم على كتابة مؤلّف حول هذا اللاعب، هذا الأخير الذي مدحه مخلوفي، وقال إنّه خليفته، فكانت البداية من المكتبة الوطنية، حيث مكث ستة أشهر في البحث عن المعلومات اللازمة. وتمكّن قرين من إنشاء هيكل عظمي للبورتري المنشود، ليقوم بعدها بوضع اللحم عليه، أي شحنه بما يجب، وهكذا تنقّل إلى معسكر ووهران والتقى بأقارب الرياضي، ومن بينهم جدته وزوجته، ليجد نفسه بعدها وجها لوجه مع بلومي، وتتضاعف الصعوبات، فبلومي لا يحبّ الحديث وذاكرته ضعيفة، ويقدّم في الكثير من الأحيان أجوبة متناقضة، إلاّ أنّ نتيجة هذا العمل كانت مؤلّفا حقّق مبيعات باهرة. للإشارة، سيصدر لقرين كتاب يضم بورتريهات كتبها في جريدة ''ليبرتي''، وهذا شهر سبتمبر المقبل، كما صدر للكاتب العديد من المؤلّفات التي لقيت نجاحا جماهيريا، ومن بينها ''ليلة حناء'' و''مقهى جيد''، ''كامو في النرجيلة'' و''الحياة على رؤوس الأصابع''، علاوة على بورتريهات كثيرة كتبها في مؤلفات ومقالات صحفية.