كشف البروفسور لخضر غرّيان، مختص في البيوكيمياء الوراثية بمركز مكافحة السرطان بيار وماري كوري في حديث مع ''المساء''، أن عدد المصابين بالأمراض النادرة بالجزائر، يقدر ما بين 7 و8 آلاف حالة على المستوى الوطني، مشيرا إلى أن زواج الأقارب يعتبر من أهم أسباب انتشار هذه الأمراض بمجتمعنا، مشددا على أهمية إعداد استراتيجية وطنية للتكفل بالمصابين بهذه الأمراض والأمراض النادرة التي تنعدم بشأنها إحصائيات دقيقة لليوم. انتظم مؤخرا بالجزائر العاصمة، اللقاء الأول حول علوم البيوكيمياء الوراثية الذي نظمته كلية الطب، بالتنسيق مع مخبر البيوكيمياء وعلوم الوراثة، تطرق خلاله المشاركون إلى إشكالية صعوبة التشخيص المبكر للأمراض النادرة، والأمراض الوراثية التي تصيب الأطفال عند الولادة، بسبب زواج الأقارب. استراتيجية وطنية لتطويق الأمراض الوراثية وكشف المختص في البيوكيمياء البروفسور غريان ل''المساء''، أن اللقاء المنظم يهدف إلى تسليط الضوء على التكوين كعامل أساسي في التكفل بالأمراض الوراثية بمفهوم واسع، وكذا تحسيس عمال الصحة بأن الأمراض النادرة موجودة بمجتمعنا، وهي في تزايد مقلق، وأن الوقاية منها ممكنة، قائلا أن إعداد استراتيجية وطنية للتكفل بالمصابين بالأمراض الوراثية والأمراض النادرة، بات مطلبا ملحا اليوم، ودعا المصالح المعنية إلى ضرورة التفكير جديا في الأمر، خاصة وأن الجزائر تملك كفاءات بإمكانها العمل على ذلك. وتظهر أهمية الإستراتيجية الوطنية للأمراض الوراثية، في وقاية المجتمع من ثقل أثار هذه الأمراض التي تمس عدة أعضاء بالجسم، ''هناك أمراض وراثية من الممكن علاجها، ولكن هذا يكون بنسبة قليلة جدا، هذه الأمراض تواجه بحلول طبية تسمى انتقالية، أي غير مكتملة، لذلك فإن تسطير استراتيجية وطنية لتشخيص الأمراض الوراثية الممكن علاجها، لا بد أن يكون أولوية الأولويات''، يقول البروفسور غريان. كذلك تحدّث المختص عن الأمراض التي توصف بالنادرة، وإن كانت تشكل حالات متفاوتة في مجتمعنا ولكنها موجودة. وقدم المختص رقم 3 بالمائة من المواليد الجدد كل سنة، تمسهم الأمراض الوراثية، ''وهذا ليس بالقليل، والإشكال الحقيقي يكمن في كيفية التصدي لهذه الأمراض لأنها متعددة ومتنوعة، ما يجعل علاجها يتفاوت بحسب الحالات. ويشير البروفيسور إلى وجود حوالي ألف نوع من هذه الأمراض النادرة على المستوى الوطني، أما التكفل بهذه الأمراض، فيكمن في دعم التكوين لفائدة الأطباء الشباب، وتلقينهم كيفية التعامل مع الأمراض النادرة، سواء من حيث التشخيص أو العلاج''، يقول محدثنا. وبالحديث عن إشكالية تشخيص الأمراض الوراثية، كشف البروفسور غريان في معرض حديثه ل''المساء''، أن تشخيص هذه الأمراض تتطلب وسائل وإمكانيات طبية حديثة، مرجعا أسباب حدوث هذه الأمراض إلى التحولات الجينية والوراثية ومواد كيميائية، مع انتشار الفيروسات وكذا زواج الأقارب. وشدد البروفسور غريان على أهمية عرض المواليد الجدد، ضمن زواج الأقارب، على الأطباء لمعرفة احتمال حملهم لجينات أمراض وراثية من عدمه، ذلك أن احتمال تطور هذه الأمراض يشكل تهديدا لحياة الرضع لاحقا. واعتبر ظاهرة زواج الأقارب من الموروثات الاجتماعية التي تنتشر بصورة كبيرة في مجتمعنا، رغم التحذيرات من مخاطرها الطبية، بعدما ثبت علميا أن نسبة ظهور الأمراض الوراثية النادرة ترتفع كلما زادت صلة القرابة بين الزوجين. جدير بالذكر أن زواج الأقارب يرفع نسبة الإصابة ببعض الأمراض الوراثية، مثل انخفاض مستوى الذكاء في بعض الحالات، وارتفاع الكولسترول الوراثي المؤدي إلى أمراض القلب، بالمقابل، يدعو المختصون إلى الابتعاد عن زواج الأقارب، لما يسببه من أمراض وراثية تنتقل بين الأجيال، عن طريق تزاوج الذكر والأنثى واتحاد موروثاتهما الجينية.