لا تزال أغلبية المحلات التجارية والخدماتية الواقعة بالطوابق الأرضية للعمارات التي أنجزت بالأحياء الجديدة بالعاصمة مغلقة، في الوقت الذي يشكو فيه السكان قلة الحركة التجارية ونقص بعض الخدمات الهامة، إلى جانب غياب المرافق الترفيهية، قاعات الرياضة، الأنترنت وغيرها، فضلا عن مشكل البطالة الذي ساهم فيه تعثر ''مشروع مائة محل'' في العديد من البلديات، وحسب بعض العارفين بهذا القطاع، فإن هذه المحلات التي يعجز عن اقتنائها المواطن البسيط، صارت في متناول السماسرة الذين لا تهمهم إلا أرباح المتاجرة في العقار، في غياب دفتر شروط لاستغلال آلاف المحلات بالعاصمة، والتي تعود ملكيتها لدواوين الترقية والتسيير العقاري، وكذا وكالة تطوير السكن ''عدل''. يلاحظ الزائر للأحياء الجديدة الموزعة على عدة بلديات بالعاصمة، أن الحركة التجارية بهذه الأخيرة لم ترق إلى المستوى المطلوب، رغم فتح بعض المحلات التي اقتصر نشاطها على بيع المواد الغذائية العامة، الخضر والفواكه، كما توجد بعض قاعات الحلاقة الخاصة بالنساء، بينما تغيب بالأحياء المشتملة على سكنات ذات طابع اجتماعي، وكذا بعمارات وكالة ''عدل'' بكل من عين المالحة بجسر قسنطينة، السبالة بالدرارية وبئر توتة، قاعات الرياضة والأنترنت، مثلما أكده بعض سكان عين المالحة ل''المساء''، حيث أكد أحدهم أن المحلات بقيت مغلقة، بسبب أسعارها الخيالية التي تبقى بعيدة عن إمكانيات الراغبين في امتلاكها، مما جعل أغلبية الشباب يفضل التجارة الموازية التي يمارسونها، حتى وإن تطلب منهم التنقل إلى أماكن بعيدة أو ببلدياتهم الأصلية، وأضاف مواطن آخر بحي 812 مسكنا بعين المالحة، أنّ المحلات تباع بالمحسوبية، مما أبقى أغلبية المحلات البالغ عددها حوالي60 محلا بهذا الحي دون استغلال، فيما لجأ أحد الشباب إلى نصب خيمة فوضوية لبيع مختلف المواد الغذائية التي تشهد -كما لاحظنا- إقبالا كبيرا من طرف سكان الحي، في غياب محلات مهيأة. محلات مهملة وخدمات ضئيلة من جهتهم، لم يجد البعض الآخر حرجا في ممارسة التجارة بشكل فوضوي بعين المالحة التي استقبلت عددا كبيرا من العائلات المرحّلة من مختلف بلديات العاصمة، منها القاطنة بحي ''عدل'' ومنها التي استفادت من سكنات اجتماعية، مما جعل النشاط التجاري لا يلبي حاجيات هؤلاء الذين أكد أحدهم أن قلة الإمكانيات حالت دون اقتناء المحلات التي تدخل في توزيعها ''اعتبارات جهوية''، سمحت للبعض باقتناء أكثر من محل، وإعادة بيعها بضعف سعرها، كما أشار معظم الذين تحدثنا إليهم إلى أن السماسرة هم الذين يتحكمون في الأسعار، الأمر الذي حرم المواطنين من توفير خدمات جوارية ضرورية. من جهتها، تبقى معظم المحلات المتواجدة بالطابق السفلي لعمارات حي ''عدل'' بعين المالحة مغلقة لحد الآن، مما حال دون بعث الحركة التجارية بهذه الأحياء البعيدة عن الأحياء المجاورة المتوفرة على أسواق، كما تجري عملية تهيئة عدد من هذه المحلات لاستغلالها كمقرات لوكالة تدعيم تشغيل الشباب''أونساج''، وأخرى اقتنتها شركة صيدال، في انتظار استغلال عدد آخر من المحلات التي نشرت وكالة ''عدل'' بشأنها إعلانات لبيعها في المزاد العلني بسعر يختلف حسب المساحة ونوعية النشاط (تجاري أو خدماتي). وحسب بعض سكان الأحياء الجديدة بموقع السبالة والمالحة الذين حاورناهم، فإن الأسعار التي حددها كل من ديوان الترقية والتسيير العقاري ووكالة ''عدل''، ليست في متناول المواطن البسيط، حيث بيع محل بموقع السبالة بمليار و300 مليون سنتيم، كما اشتكى بعض المستفيدين الذين رحّلوا من حي ديار الشمس بالمدنية، والذين كانت لديهم محلات تجارية بسكناتهم الأصلية، من عدم تعويضهم بمحلات بالحي الجديد من أجل ممارسة نشاطهم التجاري المعتاد. أما بحي1680سكن ببئر توتة، فقد أشار أحد السكان إلى أن حوالي 99 بالمئة من المحلات لا تزال مغلقة، وقد تحول العديد منها إلى مرتع للمنحرفين قبل أن يتم غلقها من قبل الجهات الوصية، هذا في الوقت الذي تم استغلال عدد قليل فقط منها، والمتمثلة في مخبزة، محل للمواد الغذائية، حلاقة نساء ومكتبة، بينما يطالب السكان بفتح محلات أخرى للمواد الغذائية العامة، قاعة أنترنت، وهاتف عمومي لسد النقص في هذا المجال. من جهتهم، يطالب سكان حي 412 مسكنا ببلدية المعالمة غرب العاصمة، باستغلال المحلات المغلقة المتواجدة أسفل عماراتهم، والتي لم يتم فتحها بعد منذ ,2004 بالرغم من وجود العديد من الشباب البطال بهذا الحي والأحياء الأخرى بإمكانهم الاستفادة منها والتخلص من شبح البطالة. قاعات رياضية لتفادي الآفات الاجتماعية ولتدعيم أغلبية الأحياء الجديدة بالمرافق ذات الطابع الرياضي والشباني، شرعت مديرية الشباب والرياضة لولاية الجزائر في استغلال عدد من المحلات التجارية المغلقة الموجودة بالطوابق الأرضية لهذه المجمعات، وذلك لإقامة قاعات رياضية لفائدة الشباب والأطفال، مع تمكينهم من التخلص نهائيا من عناء التنقل إلى المناطق المجاورة لممارسة الرياضة المفضلة لديهم، لاسيما وأن هذه الأحياء تفتقد إلى مثل هذه المرافق الضرورية التي تقي الشباب من الآفات الاجتماعية، خاصة أن الأحياء الجديدة تتميز بكثافتها السكانية العالية، أغلبيتها شباب قادم من مختلف أحياء العاصمة. ديوان الترقية لا يجيب و''عدل'' تعرض محلاتها في المزايدة وقد تنقلنا إلى ديوان الترقية والتسيير العقاري لبئر مراد رايس، الذي تقع تحت تصرفه العديد من هذه المحلات بوسط وغرب العاصمة، إلا إننا لم نحظ بالاستقبال من طرف أي مسؤول بإمكانه تقديم توضيحات حول تأخر عملية بيع واستغلال المحلات، وعما إذا كانت، فعلا، الأسعار هي العائق الكبير الذي حال دون بيع نسبة كبيرة منها لحد الآن. إلى جانب ذلك، حددت وكالة تحسين السكن وتطويره الأسعار الابتدائية للمحلات المعروضة للمزايدة على صفحات بعض الجرائد الوطنية، وأعلنت عنها لتمكين الراغبين في اقتنائها من التقرب من وكالاتها لمعرفة كافة إجراءات البيع، الذي يمكنها من كسب مداخيل من جهة، وتنشيط الحركة التجارية بأحيائها التي يشتكي سكانها من جمودها، مثلما هو الأمر بالنسبة لحي 416 مسكنا بالقبة، والذي يضم عشرات المحلات المغلقة، في الوقت الذي يوجد فيه محلان صغيران، أحدهما خاص بالمواد الغذائية، وآخر كشك متعدد الخدمات، رغم أن الحي يضم ثماني عمارات كل واحدة بها 16 طابقا، حيث تقتني العائلات مستلزماتها اليومية من حي 720 مسكنا بعين النعجة، بسبب قلة المحلات بالحي الذي توجد به مساحات تجارية كبرى، خاصة تلك المحلات الواقعة بالواجهة الرئيسة والمستغلة من طرف شركات كبرى، بينما تبقى الأسعار المقترحة بعيدة عن طموحات الشباب الراغب في اقتنائها.