فقد خسر سجاله التلفزيوني مع منافسه هولاند وفقد دعم فرانسوا بايرو وأحجمت مارين لوبان عن تمكينه من خزانها الانتخابي لدحر غريمه الاشتراكي. ولم يتمكن ساركوزي من إقناع الفرنسيين في سجاله المباشر مع منافسه الاشتراكي بخطاب ومقاربات اقل ما يقال عنها أنها اقرب إلى خطاب اليمين المتطرف منه إلى مرشح تبنى الوسطية وادعى الديغولية المتنورة موقف زاده إحراجا قبل أن يخرج مرشح الوسط فرانسوا بايرو ليخلط عليه حساباته بعد أن قال انه سيصوت على المرشح الاشتراكي حارما إياه من حوالي عشرة بالمئة من وعائه الانتخابي كانت ستصب نظريا في خانة ساركوزي بدلا من هولاند. وكان هذا الموقف بمثابة حمام بارد نزل فيه الرئيس الفرنسي ومحيطه وصدمة جاءت بنفس الوقع الذي تركه موقف مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية التي جاءت في غير سياق رغبته بعد أن أكدت أنها ستصوت بورقة بيضاء لا هي معه ولا هي ضده وبما يعطي الحرية الكاملة لحوالي ستة ملايين من أنصارها لأن يقرروا بأنفسهم لمن يصوتون يوم غد. ولأن وقع الصدمة كان كبيرا فإن الرئيس ساركوزي لم يتمكن من كتم غيضه وصب غضبه على بايرو الذي حرمه من 10 بالمئة من اصوات الناخبين كان يمكن أن يحدث بواسطتها الفارق في انتخابات سيكون التنافس فيها حاميا والغلبة فيها ستكون بفارق ضئيل جدا. وقال ساركوزي بلغة المنكسر في تعليق على موقف بايرو ''أن منطقه لا يتجانس بين مواقفه واختياره'' في اشارة إلى انحياز وسط اليمين إلى اليسار الاشتراكي. وهاجم ساركوزي بايرو رغم أن هذا الأخير أكد انه لن يحث مؤيديه على التصويت لصالح هولاند ولكن عندما ندرك درجة تأثير شخصية سياسية على مؤيديه ندرك سبب الغضب الذي أبداه ساركوزي. ولكن بايرو نفى أية صفقة سياسية مع المرشح الاشتراكي وأعطى مبررات موقفه الذي حمله على ساركوزي الذي ركب حصان اليمين المتطرف وتملقه المفرط لناخبين أعابوا عليه استدراجهم لتبني أفكاره عندما واصل تسويق أفكاره حول الهجرة والمهاجرين والأمن والحدود والإسلام والمسلمين قبل أن تفاجئه مارين لوبان أنها لن تصوت لصالحه. وجاءت هذه المواقف السلبية يومين فقط قبل إجراء الدور الثاني بما يجعل من الاستحالة إعادة تصحيح الموقف وقد فات الأوان. وتوالت الانتكاسات الانتخابية للرئيس ساركوزي في وقت سارت فيه نتائج عمليات سبر الآراء جميعها لتأكيد خسارته أمام مرشح اشتراكي عرف كيف يتعاطى مع سباق انتخابي حاد وهفوات منافسه والتعامل مع واقع فرنسي يعيش أزمات متعددة . وأكدت آخر نتيجة أن المرشح الاشتراكي سيفوز بنسبة 53 بالمئة من الأصوات بينما لن يحصل ساركوزي سوى على 47 بالمئة من الأصوات. ولكن ذلك لم يمنع الرئيس الفرنسي من القول في آخر تجمع انتخابي باتجاه عامة الفرنسيين ''انتظروا المفاجأة يوم غد'' فهل هي مفاجأة خسارته أم انه متأكد من فوزه؟ الأكيد أن جملة ساركوزي لا يمكن إخراجها عن إطار ''السوسبانس'' الذي يريد تركه لدى الناخبين إلى آخر لحظة ولكنه مقتنع في قرارة نفسه انه خسر الرهان ومعه كرسي قصر الاليزي نتيجة سياسة أرادها على الطريقة الأمريكية لم ترق لعامة الفرنسيين ودفع ثمنها في النهاية.