وصف وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية الأجواء التي ميزت الانتخابات التشريعية التي جرت أول أمس بعرس متميز لربيع ديمقراطي جزائري أصيل، مؤكدا بأن الشعب الجزائري برهن بهذه المناسبة على درجة عالية من الحس المدني الذي يتميز به وإرادته في أخذ زمام مصيره وفرض خياره السيد. وأشار الوزير خلال الندوة الصحفية التي عقدها بعد ظهر أمس للإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية للعاشر ماي، إلى أن الجو العام الذي ساد عملية الاقتراع تميز بالهدوء والرصانة، حيث تمت كل العملية الانتخابية في جو شفاف وبروح التعاون بين مختلف المتدخلين بمن فيهم ممثلي لجان مراقبة الانتخابات وممثلي المترشحين والملاحظين الدوليين، مؤكدا بأن هذا الحدث الانتخابي سيعزز دعائم الوحدة الوطنية ويدفع بالإصلاحات السياسية نحو الأفاق المنشودة. وأوضح المتحدث بأن الشعب الجزائري من خلال المشاركة المتميزة في هذا الاقتراع والتي بلغت نسبها العامة 36,42 بالمائة متجاوزة النسبة التي تم تحقيقها في ,2007 قد رفع وبجدارة كبيرة التحدي وبرهن مرة أخرى على الدرجة العالية من الحس المدني الذي يتميز به، وأكد على إرادته الأخذ بزمام مصيره بنفسه بكل وعي وبكل حرية. كما عكست نتائج هذه الانتخابات التشريعية مدى تمسك الشعب الجزائري بقيم السلم والاستقرار ورغبته الكبيرة في استكمال مسيرة الإصلاح والتغيير في كنف السلم والسكينة يضيف السيد ولد قابلية الذي اعتبر في المقابل بأن نسبة امتناع الجزائريين عن التصويت في هذا الاقتراع، تعتبر عادية بالنظر إلى طبيعة هذا الاقتراع الذي يتعلق بانتخابات تشريعية، ''وقد عودنا الشعب الجزائري في مثل هذه الانتخابات بنسبة امتناع مرتفعة، بخلاف ما يقوم به عندما يتعلق الأمر بانتخابات رئاسية''، مشيرا في نفس الصدد إلى أن هذه الظاهرة لا تقتصر على الجزائريين وحدهم وإنما هي قائمة حتى في الدول الديمقراطية حيث تكون نسبة المشاركة ضئيلة''. وتطرق الوزير إلى بعض التجاوزات التي تم تسجيلها خلال يوم الاقتراع بعدد من مراكز البلاد والتي سجلتها اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات وأخطرت اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات بها، مقدرا بان الأمر يتعلق بمشاكل صغيرة، ''كانت متوقعة بالنظر لحجم العملية'' مؤكدا بأن هذه المشاكل التي تم التغلب عليها واحتوائها ومعالجتها بسرعة لم يكن لها أي تأثير على سير العملية الانتخابية ومصداقيتها، وذكر في هذا الصدد على وجه الخصوص حادثة تكسير صناديق الاقتراع بأحد مراكز التصويت بولاية بسكرة، مشيرا إلى أن هذه الحادثة لم تؤثر على محتوى تلك الصناديق. وفي رده على الانتقادات الأولى الصادرة عن بعض قادة الأحزاب السياسية المعترضين عن نتائج الانتخابات والمشككين في نزاهتها، ذكر وزير الداخلية والجماعات المحلية بأنه أمام كل تشكيلة سياسية مهلة 10 أيام لتقديم طعونها للجهات المخولة قانونا بدراسة هذه الطعون والنظر في الأدلة المقدمة من قبل المحتجين قبل الإعلان عن النتائج النهائية لهذا الاستحقاق من قبل المجلس الدستور. أما بخصوص عدم استيعاب البعض لنتائج هذه الانتخابات التشريعية واعتبارها لا تعكس أمل الجزائريين في التغيير، شدد السيد ولد قابلية على أن أنه لا يحق لأي كان أن يملي على الجزائر سياسيتها، مؤكدا بأن ما يرضي الجزائر التي خاضت ثورة تحرير مظفرة ثم انتصرت على المأساة الوطنية العصيبة، هو ثقة الشعب في سير العملية الانتخابية، معتبرا في سياق متصل بان رأي الملاحظين الدوليين ''يبقى رأيا ثانويا يأتي بعد رأي الجزائريين''. وبالمناسبة ذكر المتحد بأن وزارته لم تمنع الملاحظين الدوليين من الإطلاع على الملف الوطني الخاص بالهيئة الناخبة، وإنما رفضت تسليمهم نسخة من الملف على حامل الكتروني خاص، معتبرا بأن هذا الإجراء يمس بسيادة الجزائر وسيادتها كما يمس بسيادة أي بلد قد يقع في نفس الموقف، ''لأن الأمر يتعلق بمعلومات شخصية تخص أفراد الهيئة الناخبة، وتعد بالتالي ملكا للجزائريين وليس لوزارة الداخلية''. كما عبر الوزير عن استيائه لمحاولة البعض التفريق بين أفراد الشعب الواحد وذلك بالتشكيك في اقتراع عناصر الجيش الوطني الشعبي والأسلاك النظامية، مؤكدا بأن هؤلاء هم جزائريون كغيرهم ولهم الحق في اختيار ممثليهم في البرلمان بكل حرية وسيادة، أما بخصوص انعكاسات نتائج الانتخابات على آداء البرلمان القادم، فاعتبر الوزير أنه يتوقع أن يتغير وضع المجلس الشعبي الوطني القادم، ''وذلك لعدة اعتبارات منها كون النواب تغيروا حتى في نفس الأحزاب، وكون الظروف العامة للبلاد تتجه نحو التغيير ودعم الإصلاحات السياسية، ما يستدعي انخراط النواب بشكل كامل في المرحلة القادمة التي تحمل خطاب التغيير''. لا أحد يملي على الجزائر سياستها وأكد وزير الداخلية أنه لا يمكن لأي كان أن يملي على الجزائر سياسيتها مهما كانت قوته. وقال السيد ولد قابلية إنه ''لا يحق لأحد أن يملي سياسته على بلد خاض حرب التحرير ومسيرة البناء مهما كانت قوته''، في رده على سؤال حول وسائل حماية الجزائر من ''ربيع عربي محتمل''، وأضاف السيد ولد قابلية في السياق أن ما يرضي الجزائر هو ''ثقة الشعب في سير العملية الانتخابية''، مشيرا إلى أن رأي الملاحظين الدوليين في هذا الاقتراع ''يأتي في المرتبة الثانية''.