اتهم رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان السيد فاروق قسنطيني أمس منظمات غير حكومية أمريكية وأوروبية وقناة "الجزيرة" بمحاولة "شراء ذمم إرهابيين تائبين" وتحريضهم على التنديد بميثاق السلم والمصالحة الوطنية مقابل حصولهم على أموال· وأعلن المحامي قسنطيني أمس أنه رفع إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الأيام القليلة الماضية ملفا كاملا وقعّه 250 تائبا اشتكوا سعي منظمات غير حكومية أجنبية تتمركز في أمريكا وأوروبا، إضافة إلى قناة "الجزيرة" القطرية لشراء ذممهم وحملهم على الإدلاء بتصريحات تطعن في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية نظير الحصول على مقابل مالي· وأوضح أن تلك الأطراف الأجنبية أرادت استغلال الوضع الاجتماعي المزري لهؤلاء التائبين من اجل الحصول على تصريحات تشك في مسار المصالحة الوطنية الذي احتضنه الشعب الجزائري في استفتاء عام في 29 سبتمبر 2005، وقال في تصريح لحصة ضيف التحرير للقناة الثالثة للإذاعة الوطنية أمس أنه استقبل في مكتبه ممثلين عن 250 تائبا سلموا له شكوى تدعو إلى التكفل ب"أوضاعهم المعيشية" كون البعض منهم يعاني منذ أكثر من عشر سنوات وآخرين منذ أربع سنوات من ظروف معيشية صعبة بسبب عدم تطبيق بنود ميثاق السلم والمصالحة الوطنية وبنود قانون الوئام المدني، وأضاف أن هؤلاء يطالبون بالتكفل بأوضاعهم المعيشية عبر تمكينهم من العودة إلى مناصب عملهم التي طردوا منها لأسباب تتعلق بانتماءاتهم السياسية كما يشير إلى ذلك قانون ميثاق السلم والمصالحة الوطنية· وأكد المحامي قسنطيني أن هؤلاء التائبين نددوا في شكواهم بتصرفات منظمات غير حكومية وقناة "الجزيرة" التي عرضت عليهم أموالا مقابل الحصول على شهاداتهم وتصريحات تطعن في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية· وتعد هذه المرة الأولى التي يكشف فيها رئيس اللجنة الوطنية الجزائرية لحقوق الإنسان عن محاولات من طرف منظمات غير حكومية وقناة تلفزيونية لشراء ذمم وضرب المصالحة الوطنية· وسبق لوزير الداخلية السيد نور الدين يزيد زرهوني أن أكد قبل أكثر من أسبوعين وجود محاولات من طرف منظمات غير حكومية للتدخل في الشؤون الداخلية للجزائر، وأكد في تصريح على هامش جلسة مناقشة قانون تنظيم دخول الأجانب وإقامتهم بالمجلس الشعبي الوطني أن منظمة غير حكومية شاركت في برنامج للاتحاد الأوروبي لإعادة إسكان الفارين من قراهم خلال سنوات الإرهاب وحاولت زعزعة استقرار البلاد بحمل هؤلاء على الاحتجاج ضد السلطات العمومية· وأوضح قسنطيني في تصريحه أن الملف الذي رفعه إلى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يتضمن طلب هؤلاء التائبين بإعادة إدماجهم وتمكينهم من الحقوق التي يكفلها لهم ميثاق السلم والمصالحة الوطنية وأضاف "أن الوفد ابلغه بأنه لا يطلب صدقة بل إعادة إدماج التائبين في مناصب عملهم السابقة"· وفي وقت ذكر فيه المحامي قسنطيني بالاسم قناة "الجزيرة" القطرية فانه رفض الكشف عن هوية المنظمات غير الحكومية واكتفى بالقول أنها معروفة وأضاف أن هذه المنظمات هي التي قامت في التسعينيات بتحريك حملات ضد الجزائر من خلال "التهريج" لمقولة "من يقتل من؟" وشككت في المهام التي تقوم بها الدولة الجزائرية وذهبت إلى حد القول بأن الدولة تحارب الديمقراطيين وليس الإرهاب· وخلص رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان إلى القول أن تلك الأطراف "معروفة خاصة بنواياها السيئة تجاه الجزائر وهي بالتالي تريد استخدام هؤلاء التائبين لكي يقولوا بان الدولة الجزائرية لم توف بالتزاماتها المتضمنة في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية"، واتهمها بمحاولة إفشال مساعي المصالحة في الجزائر· وبخصوص قناة "الجزيرة" فقد وصفها المحامي قسنطيني ب القناة الإخبارية التي عملت منذ ظهورها على تشويه سياسة المصالحة الوطنية وتشجيع العمل الإرهابي وعدم استسلامهم للدولة" واتهمها بالتصرف كعدو "خارجي للجزائر" والعمل على إفشال مسار المصالحة الوطنية· وكانت قناة الجزيرة وضعت بعد التفجيرات الإرهابية ل 11 ديسمبر 2007 استبيانا في موقعها "الجزيرة نت" وطرحت سؤالا غير بريء فحواه هل تؤيدون تفجيرات القاعدة في الجزائر؟ وندد المواطنون والإعلاميون الجزائريون بذلك الاستبيان واعتبروه تجاوزا لحرية التعبير· ومن جهة أخرى، أشار السيد قسنطيني إلى أن التائبين ليسوا وحدهم الذين يشتكون من الاختلالات في تطبيق النصوص الخاصة بالمصالحة الوطنية وإنما كذلك أطراف أخرى تقوم بذلك، وجدد التذكير بالعراقيل التي حالت دون تطبيق كل بنود الميثاق وشدد على ضرورة القضاء على الممارسات البيروقراطية"، معتبرا انه "من الضروري الاستماع إلى جميع المتضررين ومساعدتهم قصد تسوية كل مشاكلهم·