أكد العديد من الخبراء أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية الذي تشهده الأسواق العالمية والذي انعكس سلبا على العديد من الدول لا يعود بالدرجة الأولى إلى ارتفاع سعر النفط بل لأسباب أخرى كالمضاربة والظروف المناخية غير المناسبة السائدة في كبريات الدول المنتجة ما أدى إلى تراجع الإنتاج العالمي· وأضاف هؤلاء الخبراء في تصريحات ل"وأج" على هامش الملتقى الدولي حول الأمن الغذائي الذي نظم مؤخرا بالجزائر أن التوجه المتزايد لاستخدام بعض المحاصيل الزراعية في صنع الوقود وتزايد الطلب على القمح بعدد من الدول الناشئة هي عوامل ساهمت بدورها في التهاب أسعار المواد الاستهلاكية على غرار الحبوب بمختلف أنواعها ومشتقات الحليب والزيوت· وفي هذا الصدد يرى الخبير الاقتصادي مسعود مجيطنة أن السبب "الرئيسي لالتهاب أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع مرده أولا تنامي المضاربة في سوق القمح بشيكاغو (الولاياتالمتحدة) أكثر منه إلى ارتفاع أسعار النفط الخام بالأسواق الدولية"· وأوضح الخبير وهو عضو المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي انه بسبب المضاربة ارتفعت أسعار القمح -مثلا- بنسبة 80 بالمائة عام 2007· من جانبه عزا الدكتور ناصر مراد من كلية الاقتصاد بجامعة البليدة الارتفاع غير المسبوق لأسعار المواد الغذائية إلى التغيرات المناخية في العديد من مناطق العالم مثل وقوع فيضانات مدمرة للمحاصيل الزراعية وموجات الجفاف أو الثلوج التي اجتاحت اكبر البلدان المنتجة للحبوب والألبان واللحوم كأستراليا وأوكرانيا والأرجنتين ونيوزيلندا· كما يرى ذات المتحدث أن انخفاض حجم الإنتاج قاد إلى تراجع المستويات التاريخية للمخزونات وقابله ارتفاع حجم الاستهلاك من اللحوم ومشتقات الحليب إلى جانب ارتفاع تكاليف الطاقة والنقل· أما بخصوص الاستخدام المتزايد للمواد الأولية الفلاحية في إنتاج أنواع جديدة من الوقود، ذكر الدكتور عبد القادر بريش -أستاذ جامعي- أن "الارتفاع الحاد لأسعار البترول دفع بعض الدول إلى البحث عن مصادر طاقة جديدة مثل الوقود البيولوجي المستخرج من محاصيل فلاحية ما نتج عنه اختلال التوازن بين العرض والطلب"· وحذر ذات المتحدث من النتائج السلبية لاستخدام الوقود العضوي ومنها القضاء على الغابات وزيادة أسعار المواد الغذائية بسبب استغلال مساحات شاسعة لزراعة المواد المنتجة لهذا الوقود وهو ما يحصل حاليا في كبرى الدول الزراعية مثل البرازيل التي تنتج "الايثانول" المستخرج من محصول قصب السكر· من جانبه، أشار الدكتور حسين بن يسعد - وهو وزير سابق للاقتصاد- إلى أن "الأسعار أيضا تتأثر بالسياسات الفلاحية الفاشلة التي تطبق في عدد من الدول خاصة في إفريقيا التي تعاني أكثر من غيرها من نقص الغذاء ومن ظاهرة المجاعة"· وحذر بن يسعد من "خطورة الآثار التي قد يخلفها تراجع العرض والتهاب أسعار المواد الغذائية على النمو الاقتصادي للدول الفقيرة غير المكتفية ذاتيا والتي لا تملك من الموارد المالية اللازمة لتخفيف العجز وتموين سوقها المحلي بالغذاء· وخلص المتحدث إلى أن "الأمن الغذائي له انعكاسات سياسية وأمنية وهو ما تجلى في الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي عرفتها عشرات من البلدان في إفريقيا واسيا وأمريكا الجنوبية من جراء غلاء أسعار المواد الغذائية·