استعرض خبراء قطاعيون وطنيون وفرنسيون أمس بباريس إمكانيات السوق الجزائرية وفرص الاستثمار التي يتيحها البرنامج الخماسي للتنمية 2010-,2014 بالجزائر، مبرزين أهم الإجراءات التحفيزية التي اتخذتها الدولة لتحسين مناخ الاستثمار وتسهيل ولوج المؤسسات الأجنبية إلى السوق الجزائرية من أجل تجسيد مشاريع استثمارية منتجة تساهم في خلق الثروة ومناصب شغل وتقليص فاتورة الاستيراد. وتناول المشاركون في أشغال اليوم الأول لمنتدى الأعمال الجزائري الفرنسي كافة الإجراءات القانونية والتدابير التي تشمل الإطار التشريعي الذي ينظم عمليات الشراكة والاستثمار في الجزائر، بما فيها التدابير الموجهة لدعم المستثمرين وتسهيل الحصول على مرافقة البنوك للاستثمار والتي تم إدراجها في سنة .2011 وبالمناسبة أكد مدير الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار السيد عبد الكريم منصوري أن الجزائر بحاجة إلى استثمارات أجنبية منتجة، أكثر من مجرد تبادلات تجارية لتقليص وارداتها التي تزداد من سنة إلى أخرى، مشيرا إلى أن سعي الجزائر لاستبدال احتياجاتها الكبيرة من الاستيراد بإنتاج وطني، يجعلها تفتح سوقها لكل المستثمرين الأجانب المدعوين إلى المساهمة من خلال إقامة شراكات تعود بالفائدة على الطرفين. وبعد استعراضه للفرص الثمينة التي يتيحها برنامج الاستثمارات العمومية 2010-2014 بالجزائر الذي رصد له أزيد من 286 مليار دولار، دعا المتحدث باسم المستثمرين الفرنسيين إلى المجيء إلى الجزائر، مشيرا إلى أن الوكالة الجزائرية لتطوير الاستثمار أعدت بورصة للشراكات في متناول كل مستثمر. وتقترح هذه البورصة التي يمكن استشارتها عن بعد، عروض مشاريع في مختلف القطاعات مثل مواد البناء (10 مشاريع) والصناعات المختلفة (18 مشروعا) والصناعة الكيميائية (8 مشاريع) والصناعة الغذائية (22 مشروعا) والصحة (6 مشاريع) والسياحة (6 مشاريع). وذكر السيد منصوري بانخفاض تقييم مخاطر الاستثمار بالجزائر بنسبة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا بأن كل مؤشرات الاقتصاد الكلي بالجزائر مشجعة. وأشار في سياق متصل إلى أن حجم واردات الجزائر بلغ العام الماضي 46 مليار دولار، منها 3 ملايير تمثل فاتورة القمح و 7,1 مليار تمثل فاتورة المنتوجات الصيدلانية. ولدى تدخله في النقاش أكد المدير العام ل''أوبيفرانس'' السيد كريستوف لوكورتيي أن الجزائر التي تعتبر بلدا يملك إمكانيات إنمائية هائلة، لا تزال منفتحة على السوق الخارجية، مثلما تبينه حصيلة تجارتها الخارجية لسنة ,2011 حيث تم تحقيق زيادة ب30 بالمائة من الصادرات، و15 بالمائة من الواردات، وأشار إلى أن 350 شركة فرنسية استفادت خلال السنة الحالية من خدمات مؤسسته لتمكينها من التوجه إلى الجزائر والتعرف على القطاعات ذات الأولوية مثل السكن والمنشات القاعدية والتكنولوجيات الجديدة و الطاقة والصحة والمحروقات، متوقعا تحقيق أكثر من 25 عملية شراكة بالجزائر في .2013 من جهته أوضح مدير فرع الجزائر ل''أوبي فرانس'' أن الجزائروفرنسا تواصلان تدعيم علاقتهما الاقتصادية على مستوى الملفات الكبرى حول الاستثمارات والمشاريع الضخمة مع تطوير الشراكة بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للبلدين، فيما أبرزت السيدة فرانسواز ميلي رئيسة القسم الاقتصادي بسفارة فرنسابالجزائر تطور التبادلات التجارية بين البلدين وتنامي الاستثمارات الفرنسية في الجزائر خلال للفترة الأخيرة، وأكدت في هذا الإطار أن الجزائر التي لا تزال تمثل الشريك التجاري الاول لفرنسا في القارة الإفريقية حافظت على وضعيتها في 2010 كثالث سوق بالنسبة للصادرات الفرنسية خارج بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وتتمحور النقاشات خلال هذا اللقاء المنظم تحت عنوان ''لقاءات الجزائر ''2012 حول واقع وآفاق الاقتصاد الجزائري وتطور العلاقات الاقتصادية الجزائرية الفرنسية، لاسيما في جوانبها المتعلقة بالمبادلات التجارية والاستثمارات وبرامج الشراكة، علاوة على مناقشة نمط الاستثمار في الجزائر وتطور إطار الأعمال بها، واستعراض مقومات أبرز القطاعات الواعدة في الجزائر وخاصة منها قطاع الفلاحة والصناعات الغذائية والفندقة والمنشآت والبناء والأشغال العمومية. وحسب ''أوبيفرانس'' فإن الجزائر تشكل سوقا هامة بالنسبة لفرنسا بصادرات مقدرة 75,5 مليار أورو في سنة ,2011 حيث تم تسجيل زيادة بنسبة 9 بالمائة مقارنة بسنة ,2010 وأكثر من 15 بالمائة من إجمالي الواردات الجزائرية مع تواجد أكثر من 450 مؤسسة فرنسية بالجزائر تمثل 35 ألف منصب شغل مباشر، فيما تقدر مصادر رسمية جزائرية حجم المبادلات التجارية بين البلدين في 2011 بأكثر من 13 مليار دولار. ويتزامن انطلاق هذه التظاهرة الاقتصادية التي تنعقد على مدار يومين بباريس، مع اختتام معرض الجزائر الدولي في طبعته ال45 التي سجلت فيها المؤسسات الاقتصادية الفرنسية حضورا قويا شمل أكثر من 120 شركة ومؤسسة متخصصة، وهو ما فسرته الجهات المتخصصة بوجود مسعى لدى المؤسسات الفرنسية لضمان التموقع مجددا في السوق الجزائرية. كما يتزامن مع الإعلان عن التوقيع على الاتفاق الإطار الذي يجمع الطرف الجزائري بالشركة الفرنسية للسيارات ''رونو''، والذي يقضي بانجاز مصنع لصناعة السيارات بالجزائر بطاقة إنتاج أولوية مقدرة 25 ألف سيارة، وقد شكل هذا الملف الذي استمرت المفاوضات بشأنه لقرابة سنتين من أبرز وأعقد الملفات التي تناولتها لجنة متابعة تنفيذ الشراكة الجزائرية-الفرنسية، في انتظار استكمال الاتفاق حول ملف مصنع البتروكيمياء بين ''توتال'' و''سوناطراك'' والذي تصل قيمته استثمارية إلى 5 ملايير دولار.