انطلقت، منذ نهار أمس، الحملة الوطنية لمقاطعة استهلاك اللحوم عبر كامل ولايات الوطن في خطوة هامة ترمي إلى خفض أسعار هذه المادة التي بلغت مستويات عالية لا يتحملها المواطن سواء تعلق الأمر بالفئات المتوسطة الدخل أو الضعيفة.. ومن المتوقع أن تحقق هذه الحملة التي دعت إليها الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك والتي ستستمر إلى غاية 16 من الشهر الجاري تجاوبا كبيرا من قبل المواطنين والمتسوقين بنسبة تفوق ال60 بالمائة على أن تتراجع أسعار اللحوم مع بداية شهر الصيام على الأقل بنسبة 20 بالمائة. وفي خطوة تعد الأولى من نوعها، دعت الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك جميع المواطنين والمتسوقين خصوصا ربات البيوت إلى مقاطعة اللحوم بجميع أنواعها احتجاجا على أسعارها التي شهدت في الشهور الأخيرة منحى تصاعديا بلغت من خلاله أسعار لحم الخروف حدود ال1300 دج و1000 دج بالنسبة لأسعار لحم البقر، في حين تجاوزت حاليا أسعار اللحوم البيضاء وفي مقدمتها الدجاج ال390 دج، علما أن هذه الأسعار مرشحة للارتفاع أكثر في الساعات القليلة القادمة. ويشير رئيس الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك السيد زكي حريز في اتصال هاتفي مع "المساء" إلى أهمية هذه الخطوة التي انطلقت، نهار أمس، والتي تأتي عشية شهر رمضان المبارك، حيث من المتوقع –وككل عام- أن يسجل ارتفاعا جنونيا في أسعار بعض المواد الاستهلاكية وفي مقدمتها اللحوم التي يكثر عليها الطلب خلال هذه الفترة وهو ما يفتح شهية التجار والمضاربين ويزيد من جشعهم سعيا لتحقيق مزيد من الربح أو تحقيق ربح مضاعف في مدة قصيرة. وتعول الفدرالية كثيرا على المواطنين لإنجاح هذه الحملة التي ستستمر إلى غاية 16 من الشهر الجاري على اعتبار أن نتائجها ستعود بالفائدة على المستهلك الذي سئم الارتفاع الفاحش المسجل في بعض المواد واسعة الاستهلاك مقابل صمت تام من قبل الهيئات وكذا الاتحادات المعنية التي لم تتوصل إلى حد الآن إلى وضع حد لبعض الممارسات السلبية التي يمارسها التجار ولضبط أسعار بعض المواد ومراقبتها خاصة خلال المواسم والأعياد ليبقى المواطن والمستهلك يدفع ثمن هذه الوضعية التي يزيد في تغذيتها غياب ثقافة الاستهلاك لدى المواطن الذي ينجر وراء شهواته البطنية ولو على حساب جيبه. ومن المنتظر أن تبلغ نسبة استجابة المواطنين لهذه الحملة أزيد من 60 بالمائة وهذا أقصى ما تسعى إليه الفدرالية استعدادا لحملات أخرى، في حين تتوقع الفدرالية تراجعا ولو نسبيا في أسعار اللحوم قد تصل حدود ال20 بالمائة على الأقل وهي أحد الأهداف والنتائج المنتظرة من حملة المقاطعة التي لها أهداف تضامنية مع الطبقات الفقيرة والمحرومة من المجتمع والتي لا تستهلك اللحوم إلا في مناسبات محدودة وبأسعار مرتفعة. ويضيف السيد حريز أن مقاطعة استهلاك اللحوم لمدة أسبوع لن يكون لها أي تأثير صحي على الفرد بل على العكس تماما فإن فترة المقاطعة ستسمح للمواطن باستقبال شهر رمضان بنقاهة جسمية عالية كما أن نقص البروتينات المعتاد استخلاصها من اللحوم يمكن أن يجدها المستهلك في أنواع من الخضر المتوفرة حاليا في السوق وبأسعار منخفضة. من جانبه، انقسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين في موقفه تجاه هذه الخطوة التي دعت إليها الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك، حيث يشير مصدر من الأمانة الوطنية إلى عدم شرعية هذه المقاطعة وعدم جدواها على اعتبار أنها ستكبد الجزارين خسائر بالإضافة إلى إقدام تجار آخرين على بيع ما لديهم من اللحوم ولو تجاوزت مدة صلاحيتها أو تعرضت للتلف خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، معتبرين أن الحل الأمثل لكسر الأسعار هو القضاء على التجارة الموازية والأسواق الفوضوية وليس من خلال معاقبة التاجر الذي يبقى هو الآخر ضحية ارتفاع التكاليف والضرائب التي يدفعها. أما اللجنة الوطنية للجزارين والمنضوية تحت لواء اتحاد التجار فقد استحسنت هذه المبادرة التي رأت أن لها منفعة أكثر مما لها أضرار، على اعتبار أن الجزار لم يعد يحقق نفس المبيعات التي كان يحققها في السنوات السابقة، حيث كان يبيع في اليوم ما لا يقل عن 10 خراف لتتراجع اليوم إلى خروفين على الأكثر، ويشير أحد أعضاء اللجنة إلى ضرورة اللجوء إلى مثل هذه المبادرات لكسر شوكة المضاربين والوسطاء المتسببين –حسبهم- في ارتفاع الأسعار، وقد أبدى أعضاء اللجنة انطباعا جيدا مع حملة المقاطعة رغم انعكاساتها السلبية عليهم.